نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 115
الراشدون وهؤلاء هم أركان المسلمين الذين بهم يكون قوام الملك والملة ونظام الدين والدولة فلتعط النصف إذا طعنت بهم أنا أو طعن بهم غيري، إنّا عصيناهم فهل هذا حق منا أم باطل؟ وأمّا القول: بأنّا أغرينا الجهّال، فإن من الواضح عند أرباب البصائر أن ليس من شيء أشرف من الروح وما من أحد يعاف نفسه ولا سيما رجل مثلي قليل البضاعة قليل الاستطاعة في إنجاز مثل هذا العمل [1] ...
من حدود خراسان جمع من غلمان السلطان ومن النظامية وأرباب المعاملات كانوا قد انحرفوا أكثر من هذا بين المسلمين عن العرف والمرسوم فبعضهم مد يده إلى عورات المسلمين وحريم الزهّاد والعباد حتى اختطفوا النساء بحضور أزواجهن, وبعضهم خان معاملات الديوان ولم ينصفه، وكلما استغاث الناس بأركان الدولة لم يغاثوا بل كان البلاء ينزل عليهم وعلى من تكلم وصرح بحقه. هذا «نظام الملك» مدير المملكة ووزيرها قد قتل الخواجة أبا نصر الكندري وهو الوزير الوحيد الذي لم يعهد مثله في أي ملك وفي أي عصر، إذ كان عاملاً ناصحاً وذلك بتهمة تصرفه في أملاك السلطان وأمواله حتى أعدمه من الوجود. أمّا اليوم فقد أشرك معه الظلمة في أعماله إذ كان الخواجة أبو نصر يقبض العشرة دراهم فيوصلها إلى الخزينة، أما هذا فإنه يقبض الخمسين درهماً ولا يعرف النصف درهم من أعمال السلطان. أما ما يصنعه في الطين والآجر في أطراف المملكة فذلك أظهر من الشمس؛ أين كان للخواجة أبي نصر من ولد أو بنت وهل صرف ديناراً واحداً في الخشب والطين؟ فهل لهذا العصر مع هذا العجز والصنعة أمل في النجاة؟ فإذا ما اضطر أحدهم لرفع العار أن يبذل روحه ويتركها ليدفع واحداً أو اثنين من هؤلاء الظلمة فليس ذلك ببعيد وإذا فعل فهو معذور ....
فما لحسن الصّباح وهذه القضايا؟ وما حجته بها وما هو نافع له إذا أغرى أحداً؟ وأي عمل من أعمال الدنيا يمكنه إيجاده مالم يتعلق به تقدير سماوي؟ [2] وأما أمركم بأني أترك هذا النوع وإلا نعوذ بالله أن يصدر مني عمل يخالف رأي السلطان ولكن لما كان لي أضداد وكانوا يسعون في طلبي، اخترت هذه الزاوية وجعلتها ملجأ لي وسكناً حتى أنهى حالي إلى أعتاب السلطان بعد السكون والدعة واستقرار البال، فإذ فرغت من أمر خصومي فسأتوجه إلى عتبة حضرة السلطان وأنخرط في سلك خدامه لأعمل بكل ما أوتيت من قوة على النصح بما أوجبته النصيحة من تحسين دنيا السلطان وما تبقى من أمر آخرته. أمّا إذا صدر مني خلاف، ولم أطع أوامر السلطان فسأكون ملوماً في الدنيا مطعوناً من البعيد والقريب، وسيقال إني خالفت ولي الأمر ولم أحظ بسعادة {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [1] الظاهر أنه هنا قد سقطت عبارة تربط الكلام. [2] نظام الملك، ص 610، 611.
نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 115