نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 111
الصباح أصبحوا شوكة حتى إن ابن كثير عندما تحدث عن أهم أحداث عام 494هـ قال: فيها عظم الخطب بأصبهان ونواحيها بالباطنيّة، فقتل السلطان منهم خلقاً كثيراً، وأبيحت ديارهم وأموالهم للعامَّة، كلّ ُمن يقدرون عليه فلهم قتله وماله, وكانوا قد استحوذوا على قلاع كثيرة، وأوّل قلعة ملكوها في سنة 483هـ، وكان الذي ملكها الحسن الصبّاح، أحد دعاتهم، وكان قد دخل مصر وتعلَّم من الزنادقة الذين كانوا بها، ثم صار إلى تلك النواحي ببلاد أصبهان، فكان لا يدعو إلا غبيًّا لا يعرف يمينه من شماله، ثم يطعمه العسل بالجوز والشونيز ([1])،
حتى يحترق مزاجه ويفسد دماغه، ثم يذكر له شيئاً من أخبار أهل البيت ويكذب له من أقاويل الرافضة الضُّلال، أنهم ظُلِمُوا ومُنعُوا حقَّهم، ثم يقول له: فإذا كانت الخوارج تقاتل مع بني أميّة لعليّ، فأنت أحقُّ أن تقاتل في نصرة إمامك علي بن أبي طالب، ولا يزال يسقيه من هذا وأمثاله حتى يستجيب له، ويصير أطوع له من أبيه وأمَّه، ويظهر له أشياء كثيرة من المخرقة والنَّيرنجات والحيل التي لا تروج إلا على الجهال، حتى التفَّ عليه بشر كثير وجم غفير، وقد بعث إليه السلطان ملكشاه يتهدده ويتوعّده وينهاه عن بعثه الِفداويّة إلى العلماء [2]، وهذا نص رسالة ملكشاه إلى الحسن الصّباح: أنت حسن صباح قد أظهرت ديناً وملة جديدة فأغريت الناس وخرجت على ولي عصرك، فجمعت حولك بعض سكان الجبال ثم أغويتهم بكلامك حتى حملتهم على قتل الناس وطعنت في الخلفاء العباسيين الذين هم خلفاء الإسلام وبهم استحكم قوام الملك والملّة ونظام الدين والدولة، فعليك أن ترجع عن هذه الضلالة وتكون مسلماً وإلا فقد عينت لك جيوشاً وأرجأت توجهها حتى تجيء إلينا أنت وجوابك، وحذار حذار على نفسك ونفوس تابعيك فارحمها ولا تلقها في ورطة الهلاك، ولا تغتر باستحكام قلاعك ولتعتقد حقيقة أن قلعة (ألموت) المستحكمة لو كانت برجاً من بروج السماء لجعلتها أرضاً يبابا ولساويتها مع التراب بعناية الله تعالى [3]. فلما قرأ الكتاب بحضرة الرسول، قال لمن حضره من الشباب: إنَّي أريد أن أرسِلَ منكم رسولاً إلى مولاه، فاشرأبَّت وجوه الحاضرين منهم، ثم قال لشاب منهم: اقتل نفسك. فأخرج سكِّيناً فضرب بها غَلْصَمتَه [4]، فسقط ميِّتاً، وقال لآخر منهم: ألق نفسك من هذا الموضع، فرمى نفسه من رأس القلعة إلى أسفل خندقها فتقطع. فقال للرسول:
هذا الجواب [5]. وجاء في رواية: أخبر سيدك أن عندي من هؤلاء عشرين ألفاً هذا
حد طاعتهم لي. فعاد الرسول إلى السلطان فأخبره بما رأى فعجب من ذلك، [1] الشونيز: الحبة السوداء. [2] البداية والنهاية (16/ 175) .. [3] نظام الملك، عبد الهادي محمد رضا، ص 605. [4] الغلصمة: رأس الحلقوم بشواربه. [5] البداية والنهاية (16/ 176).
نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 111