نام کتاب : فقه التمكين عند دولة المرابطين نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 31
مؤتمركم هذا الجامع- إن طريقكم هذا مرسومة خطواته, موضوعة حدوده، ولست مخالفًا هذه الحدود التى اقتنعت كل الاقتناع بأنَّها أسلم طريق للوصول، فمَن أراد منكم أن يستعجل ثمرة قبل نضجها، أو يقطف زهرة قبل أوانها، فلست معه فى ذلك بحال، وخير له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلى غيرها من الدعوات ... ألجموا نزوات العواطف، بنظرات العقول، وأنيروا أشعة العقول بلهب العواطف، وألزموا الخيال صدق الحقيقة والواقع، واكتشفوا الحقائق فى أضواء الخيال الزاهية البرَّاقة، ولا تميلوا كلَّ الميل فتذروها كالمعلقة، ولا تصادموا نواميس الكون، فإنها غلابة، ولكن غالبوها، واستخدموها، وحوّلوا تيارها، واستعينوا ببعضها على بعض، وترقَّبوا ساعة النصر وما هى منكم ببعيد» [1].
فينبغى على العاملين فى الحركة الإسلامية أن يُدْرِكُوا هذا جيدًا, ويتركوا عنهم الحماس المتهوِّر، ويتفهموا أصول العمل, ويُدْرِكُوا الواقع الذى يحيط بهم, وينبذوا المجازفات الفاشلة؛ إن واقعنا المعاصر يحتاج إلى صفة ضبط النفس وعدم التَّهَوُّر للعاملين فى الدعوة إلى الله عز وجل.
3 - الإرادة القوية:
لقد شهد المُؤَرِّخُون المُسْلِمون وغيرهم أن ابن ياسين - رحمه الله تعالى - كان ذا همة وعزيمة لا تهزها الجبال, آمن بسموِّ دعوته, وقدسيَّة فكرتِه، وعزم على أن يعيش لها ويموت فى سبيلها، وأدرَك أن الأمانة التى يحملها ودخل بها الصحراء الكبرى تبعتها عظيمة؛ فعليه أن يصبر فى عزيمة قوية، وإيمان ثابت ويقين لا يدخله تردد ولا شك.
فداوَمَ على العمل الجاد وأخذَ بقُوَّة وعزم ومثابرة ومصابرة حتى تحقق إعزاز دين الله فى تلك الصحارى القاحلة المقفرة الخالية من العلماء والفقهاء، فأصبحت بفضل الله ثم بجهده وجهاده مليئة بالدعاة والفقهاء والعلماء والمجاهدين.
فينبغى علينا ونحن فى طريق الدعوة سائرون أن نأخذ أمر الدعوة بقُوَّة، وإرادة قوية وعزيمة ماضية، وهمة متطلعة للمعالي، ونترك حياة الرخاء واللين والدعة، ونقتدى بسيد الدعاة الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى عزمه وقُوَّة إرادته، وجمال صبره وشدة تحمله، وعظم حلمه. [1] مجموعة الرسائل، لحسن البنا, ص (180).
نام کتاب : فقه التمكين عند دولة المرابطين نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 31