بالمعروف والنهي عن المنكر, وبغيابهم غاب وجدان الأمة اليقظ1.
ومن دلائل غياب العلماء ما ذكره الجبرتي في سياق حديثه عن خبر وفاة عبد الوهاب بن عبد السلام العفيفي أحد مشايخ الطرق الصوفية بمصر عام "1172هـ" حيث قال:
" ونزل سيل عظيم, وذلك في سنة "1178هـ" فهدم القبور وعامة الأموات فانهدم قبره وامتلأ بالماء, فاجتمع أولاده ومريده وبنو له قبرا في العلوة على يمين تربة الشيخ المتوفى, ونقلوه إليه قريبا من عمارة السلطان قايتباي وبنوا على قبره قبة معقودة, وعملوا له مقصورة ومقاما من داخلها, وعليه عمامة كبيرة وصيروه مزارا عظيما يقصد للزيارة ويختلط به الرجال والنساء, ثم أنشأوا بجانبه قصرا عاليا, عمره محمد كتخدا أباظة, وسوروا له رحبة متسعة مثل الحوش لموقف الدواب من الخيل والحمير دثروا بها قبورا كثيرة, بها كثير من أكابر الأولياء والعلماء والمحدثين وغيرهم من المسلمين والمسلمات, ثم أنهم ابتدعوا له موسما وعيدا في كل سنة يدعون إليه الناس من البلاد القبلية والبحرية فينصبون خياما كثيرة وصواوين2 ومطابخ وقهاوي ويجتمع العالم الأكبر من أخلاط الناس وخواصهم وعوامهم وفلاحي الأرياف وأرباب الملاهي والملاعب والغوازي3 والبغايا والقرادين4
1-انظر الشيخ محمد عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة ص 60.
2- جمع الصيوان, الصيوان خيمة كبيرة من القماش" القاموس العربي الشامل عربي/عربي ص 315 مادة: الصيوان".
3- مفردها غازية ... وهي ضرب من المصكوكات القديمة كان يساوي عشرين قرشا من قروش أيامه, وكانت النساء يعلقن قطعا منه في أطراف جدائلهن تحليا وتجملا " المنجد في الآدب واللغة والعلوم ص 550 مادة " غزو". وربما كان المقصود به النسوة المتزينات بهذه الغوازي.
4- ربما كان المراد بها جمع قراد, والراد سائس القرود" المعجم الوسيط 2/724 مادة: "القرد".