نام کتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون نویسنده : محمد عزير شمس جلد : 1 صفحه : 113
وينبغي لنا جميعاً أن لا نقنعَ من الأعمال بصوَرِها حتى نطالبَ قلوبَنا بين يدي الله تعالى بحقائقها؛ ومع ذلك قلتكن لنا همة عُلْوِيَّةٌ، تترامى إِلى أوطان القُرْبِ، ونفحات المحبوبية والحُبِّ، فالسعيدُ من حَظِيَ مِن ذلك بنصيب، وكان مولاه منه على سائر الأحوال قريباً بخصوص التقريب، فيكتسي العبدُ من ذلك ثمرةَ الخشية والتعظيم، للعزيز العظيم، فالحبُّ والخشية ثابتان في الكتاب العزيز والسنة المأثورة، قال تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165] وقال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] وفي الحديث «أَسألك حبَّك وحبَّ من احبك وحبَّ عمل يُقَرِّبني إِلى حبك» وفي الحديث: «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتُم كثيراً، ولخرجتم إِلى الصُّعُداتِ تجأرون إِلى الله».
ومعلومٌ أن الناس يتفاوتون في مقامات الحب والخشية، في مقام أعلى من مقام، ونصيبٍ أرفعَ مِن نصيب، فلتكن همةٌ أحدِنا من مقامات الحب والخشية أعلاه، ولا يقنع إلا بِذرْوَتِهِ وذُراه، فالهمم القصيرةُ تقنع بأيسر نصيب، والهِمَمُ العَليَّةُ تعلو مع الأنفاس إِلى قريب الحبيب، لا يَشْغَلنا عن ذلك ما هو دونه من الفضائل، والعاقلُ لا يقنع بأمر مفضول عن حال فاضل، ولتكن الهمةُ مُنقسمةً على نَيْل المراتب الظاهرة، وتحصيل المقامات الباطنة، فليس من الإِنصاف الانصبَابُ إِلى الظواهر والتشاغل عن المطالِب العُلْوِيَّة ذوات الأنوار البواهر.
وليكن لنا جميعًا بين الليل والنهار ساعة، نخلو فيها بربِّنا جل اسمه وتعالى قُدسه، نجمع بين يديه في تلك الساعة هُمومَنا، وَنَطَّرِحُ أشغالَ الدنيا من قلوبنا، فنهد فيما سوى الله ساعة من نهار، فبذلك يعرف الإِنسانُ حالَه مَعَ رَبِّهِ، فَمَنْ كان له مع رَبِّهِ حالٌ، تَحَرَّكتْ في تلك
نام کتاب : الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون نویسنده : محمد عزير شمس جلد : 1 صفحه : 113