للشعر، متصرّفا في حفظ المعاني والأخبار، مع التنسك والزاهد والاستنان بسنن الصالحين، أمة في الخير، عالما عاملا، متبتلا متقشفا، دائم الصلاة والبكاء، واعظا مذكرا بالله، فاشي الصدقة معينا على النائبة مواسيا بجاهه وماله، مجانبا للسلطان، ذا لسان وبيان تصغى إليه الأفئدة، ما رئي بعده مثله.
تفقه بقرطبة عند أبي إبراهيم، وسمع منه ومن وهب بن مسرة، وأحمد ابن مطرف، وابن الشاط، وأبان بن عيسى، وغيرهم.
وكان من كبار الفقهاء والمحدّثين والراسخين في العلم، وكان متفننا في الأدب وله قرض في الشعر، إلى زهد وورع واقتفاء لآثار السلف.
وكان حسن التأليف، مليح التصنيف: مفيد الكتب، ككتابه في «تفسير القرآن» و «المعرب» في المدوّنة وشرح مشكلها والتفقه في نكت منها مع تحرير للفظها، وضبط لروايتها ليس في مختصراتها مثله باتفاق، وكتاب «المنتخب في الأحكام» الذي ظهرت بركته، وطار شرقا وغربا ذكره، وكتاب «المهذب في اختصار شرح ابن مزين للموطأ» و «كتابه المشتمل على أصول الوثائق» وكتاب «مختصر تفسير ابن سلام للقرآن» وكتاب «حياة القلوب في الرقائق والزهد» وكتاب «النصائح المنظومة» من شعره، وكتاب «أنس المريدين في الزهد» وكتاب «المواعظ المنظومة في الزهد» وكتاب «آداب الإسلام» وكتاب «أصول السنّة» وكتاب «قدوة القارئ» وكتاب «منتخب الدعاء» وغير ذلك.
روى عنه أبو عمرو الداني، وأبو عمر بن الحذاء. وطائفة. توفي بإلبيرة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة.
وزمنين بفتح الزاي المعجمة وكسر النون ثم ياء ساكنة بعدها نون، وسئل لم قيل لهم بني زمنين: فلم يعرف ذلك.