قال الموافق عبد اللطيف: كان ابن الجوزي لطيف الصورة، حلو الشمائل، رخيم النغمة، موزون الحركات، لذيذ المفاكهة، يحضر مجلسه مائة ألف أو يزيدون، لا يضيع من زمانه شيئا، يكتب في اليوم أربع كراريس، وله في كل علم مشاركة، لكنه كان في التفسير من الأعيان، وفي الحديث من الحفاظ، وفي التاريخ من المتوسعين، ولديه فقه كاف، وأما السجع الوعظي فله فيه ملكة قوية.
وله في الطب «كتاب» في مجلدين، وكان يراعي حفظ صحته، وتلطيف مزاجه، وما يفيد عقله قوة، وذهنه حدة، جل غذائه الفراريج والمزاوير، ويعتاض عن الفاكهة بالأشربة والمعجونات، ولباسه أفضل لباس الأبيض الناعم المطيّب. وله ذهن وقاد وجواب حاضر، ومجون ومداعبة حلوة، ولا ينفك من جارية حسناء.
قال الذهبي في «التاريخ الكبير»: لا يوصف ابن الجوزي بالحفظ عندنا باعتبار الصنعة؛ بل باعتبار كثرة اطلاعه وجمعه.
مات يوم الجماعة ثالث عشر شهر رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وكانت جنازته مشهودة شيعه الخلائق إلى مقبرة باب حرب، وبه دفن وقد قارب التسعين.
261 - عبد الرحمن [1] بن علي بن محمد الحلوانيّ الحنبليّ الفقيه الإمام أبو محمد بن أبي الفتح [2].
ولد سنة تسعين وأربعمائة وتفقه على أبيه، وأبي الخطاب، وبرع في [1] في الأصل «عبد الكريم»، والمثبت في: مصادر الترجمة، وفي نهاية هذه الترجمة، تحدث الداودي عن ابن صاحب الترجمة فقال عنه: أبو عبد الله بن عبد الرحمن. [2] له ترجمة في: الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب 1/ 221.