ومن بدائع كلامه: عقارب المنايا تلسع، وخدران الأمل يمنع. من قنع طاب عيشه، ومن طمع طال طيشه.
وقال في وعظه: يا أمير المؤمنين إن تكلمت خفت منك، وإن سكت خفت عليك، فأنا أقدم خوفي عليك على خوفي منك. قول الناصح: اتق الله، خير من قول القائل: أنتم أهل بيت مغفور لكم.
وقال: يفتخر فرعون بملك مصر بنهر ما أجراه، ما أجراه.
وإليه المنتهى في النظم والنثر. وقد نالته محنة في أواخر عمره، وشوا إلى الخليفة عنه بأمر اختلف في حقيقته، فجاءه من شتمه وأهانه، وختم على داره، وشتت عياله، ثم أخذ في سفينة إلى واسط فحبس بها في بيت، فبقي يغسل ثوبه ويطبخ، ودام على ذلك خمس سنين ما دخل فيها حماما.
قام عليه الركن عبد السلام بن عبد الوهاب الجيلي بجاه الوزير ابن القصّاب، وكان الركن سيّئ النحلة، أحرقت كتبه بحضرة ابن الجوزي، وأعطى مدرسة الجيلي، فعمل الركن عليه وقال لابن القصاب الشيعي: أين أنت عن ابن الجوزي فإنه ناصبي، ومن أولاد أبي بكر؛ فمكن الركن من الشيخ فجاء وسبه وأنزل معه في سفينة، وعلى الشيخ غلالة بلا سراويل، وعلى رأسه تخفيفة. وكان ناظر واسط شيعيا، فقال له الركن: مكني من عدوّي هذا.
والله لو كان على مذهبي لبذلت نفسي في خدمته، فرد الركن إلى بغداد، ثم كان السبب في خلاص الشيخ، أن ابنه يوسف نشأ واشتغل وعمل الوعظ وتوصل، فشفعت أم الخليفة في الشيخ فأطلق.
وقد قرأ بواسط وهو ابن ثمانين سنة بالعشر على ابن الباقلاني، وتلا معه ولده يوسف، نقل ذلك ابن نقطة عن القاضي محمد بن أحمد بن الحسن.