والد إمام الحرمين، أوحد زمانه، علما وزهدا، وتقشفا زائدا، وتحرّيا في العبادات.
كان يلقّب ركن الإسلام، له المعرفة التامّة بالفقه والأصول، والتفسير والنحو والأدب، وكان لفرط الديانة مهيبا، لا يجري بين يديه إلا الجدّ والكلام، إمّا في علم أو زهد وتحريض على التحصيل.
سمع الحديث من القفال، وعدنان بن محمد الضّبّيّ، وأبي نعيم عبد الملك بن الحسن، وابن محمش، وببغداد من أبي الحسين بن بشران، وجماعة.
روى عنه ابنه إمام الحرمين، وسهل بن إبراهيم المسجديّ، وعلي بن أحمد المديني، وغيرهم.
تفقه أولا على أبي يعقوب الأبيورديّ بناحية جوين، ثم قدم نيسابور، واجتهد في الفقه على أبي الطيب الصعلوكيّ، ثم ارتحل إلى مرو قاصدا القفال المروزيّ، فلازمه حتى تخرّج به، مذهبا وخلافا، وأتقن طريقته، وعاد إلى نيسابور سنة سبع وأربعمائة، وقعد للتدريس والفتوى، ومجلس المناظرة، وتعليم العام والخاصّ، وكان ماهرا في إلقاء الدروس.
وأما زهده وورعه فإليه المنتهى.
قال شيخ الإسلام أبو عثمان الصّابونيّ: لو كان الشيخ أبو محمد في بني إسرائيل لنقل إلينا شمائله ولا افتخروا به.
ومن ورعه أنه ما كان يستند في داره المملوكة له إلى الجدار المشترك بينه وبين جيرانه، ولا يدقّ فيه وتدا، وإنه كان يحتاط في أداء الزكاة، حتى كان يؤدي في سنة واحدة مرّتين، حذرا من نسيان النية، أو دفعها إلى غير مستحقّ.