فيقول لي: غبنت، هذا يساوي كذا وكذا، ارجع فاستردّ، فأراجع القوم وأماكسهم فيزيدونني، حتى أبلغ الحد الذي رسمه، فحصلت عشرين ألف دينار وأكثر في مديدة، فقال لي بعد شهور: حصل مال النذر؟ فقلت: لا، وجعل يسألني في كل شهر: هل حصل؟ فأقول [لا] [1] خوفا من انقطاع الكسب، إلى أن سألني يوما فاستحييت من الكذب المتصل، فقلت: قد حصل ببركة الوزير فقال: فرّجت والله عني فقد كنت مشغول القلب؛ ثم وقّع لي بثلاثة آلاف دينار صلة، فأخذتها، فلما كان من الغد جئته، ولم أعرض عليه شيئا، فقال: هات ما معك، فقلت: ما أخذت من أحد رقعة، لأن النذر وقع الوفاء به، ولم أدر كيف أقع [من] [2] الوزير، فقال:
سبحان الله! أتراني أقطع عنك شيئا قد صار لك عادة، وعرفك به الناس، وصال لك به عندهم علم وجاه، ولا يعلم سبب انقطاعه، فيظنوا أن ذلك لضعف جاهك عندي، أعرض علي وخذ بلا حساب. فقبلت يده، وكنت أعرض عليه الرقاع إلى أن مات.
وكان بين الزجاج ورجل من أهل العلم يسمى مسيند [3] شر، فاتصل حتى خرج الزجاج إلى حد الشتم؛ فكتب إليه مسيند:
أبى الزّجّاج إلا شتم عرضي ... لينفعه، فآثمه وضرّه
وأقسم صادقا. ما كان حرّ ... ليطلق لفظه في شتم حره
ولو أني كررت لفرّ مني ... ولكن للمنون على كرّه
فأصبح قد وقاه الله شري ... ليوم لا وقاه الله شرّه
فلما اتصل الشعر بالزجاج قصده راجلا، واعتذر إليه، وسأله الصفح. [1] تكملة عن: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي. [2] تكملة عن: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي. [3] كذا في الأصل، وهو يوافق ما في بغية الوعاة. وفي تاريخ بغداد وأنباه الرواة «مسينة».