responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 6  صفحه : 21
طه 52 53 قوله تعالى

{قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبّى} فإن معناه أنه من الغيوب التي لا يعلمُها إلا الله تعالى وإنما أنا عبدٌ لا أعلم مها إلا ما علّمنيه من الأمور المتعلقة بما أُرسلت به ولو كان المسؤولُ عنه ما ذكر من الشقاوة والسعادةِ لأجيب ببيان أن من اتبع الهدى منهم فقد سلِم ومن تولى فقد عُذّب حسبما نطق به قوله تعالى والسلام الآيتين {فِى كتاب} أي مُثْبتٍ في اللوحِ المحفوظِ بتفاصيلِه ويجوزُ أنْ يكونَ ذلكَ تمثيلاً لتمكنه وقرره في علم الله عزل وجل بما استحفظه العالَم وقيده بالكَتَبة كَما يلوحُ بهِ قولُه تعالى {لاَ يَضِلُّ رَبّى وَلاَ يَنسَى} أي لا يخطئ ابتداءً ولا يذهب علمه بقاء بل ثابتٌ أبداً فإنهما مُحالان عليه سبحانه وهو على الأول لبيان أن إثباتَه في اللوح ليس لحاجته تعالى إليه في العلم به ابتداءً أو بقاءً وإظهارُ ربي في موقع الإضمار للتلذذ بذكره ولزيادة التقريرِ والإشعارِ بعِلة الحُكم فإن الربوبيةَ مما يقتضي عدمَ الضلالِ والنسيانِ حتماً ولقد أجاب عليه الصلاة والسلام عن السؤال بجواب عبقري بديعٍ حيث كشف عن حقيقة الحقِّ حجابَها مع أنه لم يخرُجْ عما كان بصدده من بيان شئونه تعالى ثم تخلّص إليه حيث قال بطريق الحكايةِ عن الله عز وجل لما سيأتي من الالتفات

{الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الأرض مَهْداً} على أن الموصولَ إما مرفوعٌ على المدح أو منصوبٌ عليه أو خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ أي جعلها لكم كالمهد تتمهدونها أو ذاتَ مهدٍ وهو مصدرٌ سُمِّي به المفعولُ وقرئ مِهاداً وهو اسمٌ لما يُمْهد كالفِراش أو جمعُ مهد أي جعل كلَّ موضع منها مهداً لكل واحد منكم {وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً} أي حصّل لكم طرقاً ووسّطها بين الجبال والأودية والبراري تسلُكونها من قُطْر إلى قطر لتقضُوا منها مآربَكم وتنتفعوا بمنافعها ومرافقها {وَأَنزَلَ مِنَ السماء مَاء} هو المطر {فَأَخْرَجْنَا بِهِ} أيْ بذلكَ الماءِ وهو عطفٌ على أنزل داخلٌ تحت الحكاية وإنما التُفت إلى التكلم للتنبيه على ظهور ما فيهِ منَ الدلالةِ عَلى كمال القدرةِ والحكمة والإيذان بأنه لا يتأتى إلا من قادر مُطاعٍ عظيمِ الشأن تنقاد لأمره وتُذعِن لمشيئته الأشياءُ المختلفة كما في قوله تعالى أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أنزل مِنَ السماء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وقولِه تعالى أَم مَّنْ خلقِ السمواتِ والأرضِ وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ السماء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ خلا أن ما قبل الالتفاتِ هناك صريحُ كلامِه تعالى وأما ها هنا فحكايةٌ عنه تعالى وجَعْلُ قوله تعالى فأخرجا بِهِ هو المحكيَّ مع كون ما قبله كلاَم موسى عليه الصلاة والسلام خلافُ الظاهر مع أنه يفوّت حينئذ الالتفاتَ لعدم اتحادِ المتكلم {أزواجا} أصنافاً سميت بذلك لازدواجها واقترانِ بعضِها ببعض {مّن نبات} بيانٌ أو صفةٌ لأزواجاً أي كائنة من نبات وكذا قوله تعالى {شتى} أي متفرقة جمعُ شتيت ويجوزُ أن يكونَ صفةً لنبات لما أنه في الأصل مصدرٌ يستوي فيه الواحدُ والجمعُ يعني أنها شتّى مختلفةٌ في الطعم والرائحة والشكل والنفع بعضُها صالح للباس على اختلاف وجوهِ الصلاح وبعضُها للبهائم فإن من تمام نعمته تعالى

نام کتاب : تفسير أبي السعود = إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم نویسنده : أبو السعود    جلد : 6  صفحه : 21
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست