responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 2  صفحه : 137
قَالَ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَجْمَعْنَا الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ لِنَسْتَأْصِلَ بَقِيَّتَهُمْ، قَالَ: فَإِنِّي وَاللَّهِ أَنْهَاكَ عَنْ ذَلِكَ فَوَاللَّهِ لَقَدْ حَمَلَنِي مَا رَأَيْتُ عَلَى أَنْ قُلْتُ فِيهِ أَبْيَاتًا: كَادَتْ تُهَدُّ مِنَ الْأَصْوَاتِ رَاحِلَتِي ... إِذْ سَالَتِ الْأَرْضُ بِالْجُرْدِ الْأَبَابِيلِ
فَذَكَرَ أَبْيَاتًا فَرَدَّ ذَلِكَ أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ.
وَمَرَّ بِهِ رَكْبٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: نُرِيدُ الْمَدِينَةَ قَالَ: (وَلِمَ؟ قَالُوا: نُرِيدُ الْمِيرَةَ) [1] قَالَ: فَهَلْ أَنْتُمْ مُبَلِّغُونَ عَنِّي مُحَمَّدًا رِسَالَةً وَأُحَمِّلُ لَكُمْ إِبِلَكُمْ هَذِهِ زَبِيبًا بِعُكَاظَ غَدًا إِذَا وَافَيْتُمُونَا؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَإِذَا جِئْتُمُوهُ فَأَخْبِرُوهُ أَنَّا قَدْ أَجْمَعْنَا السَّيْرَ إِلَيْهِ وَإِلَى أَصْحَابِهِ لِنَسْتَأْصِلَ بَقِيَّتَهُمْ وَانْصَرَفَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى مَكَّةَ، وَمَرَّ الرَّكْبُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ بِحَمْرَاءِ الْأَسَدِ فَأَخْبَرُوهُ بِالَّذِي قَالَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ: "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ" ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ [2] . هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ الصُّغْرَى وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مَوْعِدُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْسِمُ بَدْرٍ الصُّغْرَى لِقَابِلٍ إِنْ شِئْتَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذَلِكَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ" فَلَّمَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ فِي أَهْلِ مَكَّةَ حَتَّى نَزَلَ مَجَنَّةَ مِنْ نَاحِيَةِ مَرِّ الظَّهْرَانِ ثُمَّ أَلْقَى اللَّهُ الرُّعْبَ فِي قَلْبِهِ فَبَدَا لَهُ الرُّجُوعُ فَلَقِيَ نُعَيْمَ بْنَ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيَّ وَقَدْ قَدِمَ مُعْتَمِرًا فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ: يَا نَعِيمُ إِنِّي وَاعَدْتُ مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ أَنَّ نَلْتَقِيَ بِمَوْسِمِ بَدْرٍ الصُّغْرَى وَإِنَّ هَذِهِ عَامُ جَدْبٍ وَلَا يُصْلِحُنَا إِلَّا عَامٌ نَرْعَى فِيهِ الشَّجَرَ وَنَشْرَبُ فِيهِ اللَّبَنَ، وَقَدْ بَدَا لِي أَنْ لَا أَخْرُجَ إِلَيْهَا وَأَكْرَهُ أَنْ يَخْرُجَ مُحَمَّدٌ وَلَا أَخْرُجُ أَنَا فَيَزِيدُهُمْ ذَلِكَ جُرْأَةً وَلَأَنْ يَكُونَ الْخُلْفُ مِنْ قِبَلِهِمْ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ قِبَلِي فَالْحَقْ بِالْمَدِينَةِ فَثَبِّطْهُمْ وَأَعْلِمْهُمْ أَنِّي فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِنَا، وَلَكَ عِنْدِي عَشْرَةٌ مِنَ الْإِبِلِ أَضَعُهَا لَكَ عَلَى يَدَيْ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَيَضْمَنُهَا قَالَ: فَجَاءَ سُهَيْلٌ فَقَالَ لَهُ نَعِيمٌ يَا أَبَا يَزِيدَ: أَتَضْمَنُ لِي هَذِهِ الْقَلَائِصَ وَأَنْطَلِقُ إِلَى مُحَمَّدٍ وَأُثَبِّطُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ فَخَرَجَ نَعِيمٌ حَتَّى أتى المدينة 74/أفَوَجْدَ النَّاسَ يَتَجَهَّزُونَ لِمِيعَادِ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ فَقَالُوا: وَاعَدَنَا أَبُو سُفْيَانَ بِمَوْسِمِ بَدْرٍ الصُّغْرَى أَنْ نَقْتَتِلَ بِهَا فَقَالَ: بِئْسَ الرَّأْيُ رَأَيْتُمْ أَتَوْكُمْ فِي دِيَارِكُمْ وَقَرَارِكُمْ فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْكُمْ إِلَّا الشَّرِيدُ، فَتُرِيدُونَ أَنْ تَخْرُجُوا وَقَدْ جَمَعُوا لَكُمْ عِنْدَ الْمَوْسِمِ، وَاللَّهِ لَا يُفْلِتُ مِنْكُمْ أَحَدٌ، فَكَرِهَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخُرُوجَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَأَخْرُجَنَّ وَلَوْ وَحْدِي" فَأَمَّا الْجَبَانُ فَإِنَّهُ رَجَعَ وَأَمَّا الشُّجَاعُ فَإِنَّهُ تَأَهَّبَ لِلْقِتَالِ وَقَالَ: "حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ".

[1] جاءت العبارة في المطبوعة محرفة هكذا: (ولم يقولوا نريد الميرة) والتصحيح من تفسير الطبري.
[2] انظر: سيرة ابن هشام: 2 / 144 تفسير الطبري"7 / 406 - 409.
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 2  صفحه : 137
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست