responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 2  صفحه : 136
قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} الْآيَةَ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ وَأَصْحَابَهُ لَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ أُحُدٍ فَبَلَغُوا الرَّوْحَاءَ نَدِمُوا عَلَى انْصِرَافِهِمْ وَتَلَاوَمُوا وَقَالُوا: لَا مُحَمَّدًا قَتَلْتُمْ وَلَا الْكَوَاعِبَ أَرْدَفْتُمْ، قَتَلْتُمُوهُمْ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا الشَّرِيدُ تَرَكْتُمُوهُمُ؟ ارْجِعُوا فَاسْتَأْصِلُوهُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرَادَ أَنْ يُرْهِبَ الْعَدُوَّ وَيُرِيَهُمْ مِنْ نَفْسِهِ وَأَصْحَابِهِ قُوَّةً فَنَدَبَ أَصْحَابَهُ لِلْخُرُوجِ فِي طَلَبِ أَبِي سُفْيَانَ، فَانْتَدَبَ عِصَابَةً مِنْهُمْ مَعَ مَا بِهِمْ مِنَ الْجُرْحِ وَالْقَرْحِ الَّذِي أَصَابَهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ وَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا لَا يَخْرُجَنَّ مَعَنَا أَحَدٌ إِلَّا مَنْ حَضَرَ يَوْمَنَا بِالْأَمْسِ فَكَلَّمَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي كَانَ قَدْ خَلَفَنِي عَلَى أَخَوَاتٍ لِي سَبْعٍ، وَقَالَ لِي يَا بُنَيَّ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِي وَلَا لَكَ أَنْ نَتْرُكَ هَؤُلَاءِ النِّسْوَةَ لَا رَجُلَ فِيهِنَّ وَلَسْتُ بِالَّذِي أُوثِرُكَ عَلَى نَفْسِي فِي الْجِهَادِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَخَلَّفْ عَلَى أَخَوَاتِكَ، فَتَخَلَّفْتُ عَلَيْهِنَّ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ مَعَهُ.
وَإِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْهِبًا لِلْعَدُوِّ وَلِيُبْلِغَهُمْ أَنَّهُ خَرَجَ فِي طَلَبِهِمْ فَيَظُنُّوا بِهِ قُوَّةً وَأَنَّ الَّذِي أَصَابَهُمْ لَمْ يُوهِنْهُمْ فَيَنْصَرِفُوا.
فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَسَعْدٌ وَسَعِيدٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي سَبْعِينَ رَجُلًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ حَتَّى بَلَغُوا حَمْرَاءَ الْأَسَدِ وَهِيَ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَمْيَالٍ [1] .
وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: يَا ابْنَ أُخْتِي أَمَا وَاللَّهِ إِنَّ أَبَاكَ وَجَدَّكَ -تَعْنِي أَبَا بَكْرٍ وَالزُّبَيْرَ -لَمِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِمْ: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} [2] فَمَرَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْبَدٌ الْخُزَاعِيُّ بِحَمْرَاءِ الْأَسَدِ وَكَانَتْ خُزَاعَةُ -مُسْلِمُهُمْ وَكَافِرُهُمْ -عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتِهَامَةَ صَفْقَتُهُمْ مَعَهُ لَا يُخْفُونَ عَنْهُ شَيْئًا كَانَ بِهَا، وَمَعْبَدٌ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ لَقَدْ عَزَّ عَلَيْنَا مَا أَصَابَكَ فِي أَصْحَابِكَ وَلَوَدِدْنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ قَدْ أَعْفَاكَ مِنْهُمْ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى لَقِيَ أَبَا سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ بِالرَّوْحَاءِ قَدْ أَجْمَعُوا الرَّجْعَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا: لَقَدْ أَصَبْنَا جُلَّ أَصْحَابِهِ وَقَادَتِهِمْ لَنَكِرَّنَّ عَلَى بَقِيَّتِهِمْ فَلْنَفْرُغَنَّ مِنْهُمْ، فَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَانَ مَعْبَدًا قَالَ: مَا وَرَاءَكَ يَا مَعْبَدُ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ قَدْ خَرَجَ فِي أَصْحَابِهِ يَطْلُبُكُمْ فِي جَمْعٍ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ يَتَحَرَّقُونَ عَلَيْكُمْ تَحَرُّقًا، قَدِ اجْتَمَعَ مَعَهُ مَنْ كَانَ تَخَلَّفَ عَنْهُ فِي يَوْمِكُمْ وَنَدِمُوا عَلَى صَنِيعِهِمْ، وَفِيهِمْ مِنَ الْحَنَقِ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ قَطُّ، قَالَ: وَيْلَكَ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَاكَ تَرْحَلُ حَتَّى تَرَى نَوَاصِيَ الْخَيْلِ،

[1] انظر: سيرة ابن هشام: 2 / 143 - 144 تفسير الطبري: 7 / 400 - 401.
[2] حديث صحيح أخرجه الحاكم وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي: 2 / 298 وهو في الصحيحين باختلاف في توجيه الخطاب لعروة بن الزبير أخرجه البخاري في المغازي باب (الذين استجابوا لله والرسول) : 7 / 373 ومسلم.
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 2  صفحه : 136
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست