responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 1  صفحه : 166
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ [1] قَوْلُهُ {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} لَيْسَ بِاسْتِثْنَاءٍ وَلَكِنْ "إِلَّا" فِي مَوْضِعِ وَاوِ الْعَطْفِ يَعْنِي: وَالَّذِينَ ظَلَمُوا أَيْضًا لَا يَكُونُ لَهُمْ حُجَّةٌ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: وَكُلُّ أَخٍ مُفَارِقُهُ أَخُوهُ ... لَعَمْرِ أَبِيكَ إِلَّا الْفَرْقَدَانِ
مَعْنَاهُ وَالْفَرْقَدَانِ أَيْضًا يَتَفَرَّقَانِ، فَمَعْنَى الْآيَةِ فَتُوَجَّهُوا إِلَى الْكَعْبَةِ {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ} يَعْنِي الْيَهُودَ {عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} فَيَقُولُوا لِمَ تَرَكْتُمُ الْكَعْبَةَ وَهِيَ قِبْلَةُ إِبْرَاهِيمَ وَأَنْتُمْ عَلَى دِينِهِ وَلَا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَهُمْ مُشْرِكُو مَكَّةَ فَيَقُولُونَ لِمَ تَرَكَ مُحَمَّدٌ قِبْلَةَ جَدِّهِ وَتَحَوَّلَ عَنْهَا إِلَى قِبْلَةِ الْيَهُودِ {فَلَا تَخْشَوْهُمْ} فِي انْصِرَافِكُمْ إِلَى الْكَعْبَةِ وَفِي تَظَاهُرِهِمْ عَلَيْكُمْ بِالْمُجَادَلَةِ فَإِنِّي وَلِيُّكُمْ أُظْهِرُكُمْ عَلَيْهِمْ بِالْحُجَّةِ وَالنُّصْرَةِ {وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ} عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} وَلِكَيْ أُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ بِهِدَايَتِي إِيَّاكُمْ إِلَى قِبْلَةِ إِبْرَاهِيمَ فَتَتِمُّ لَكُمُ الْمِلَّةُ الْحَنِيفِيَّةُ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَمَامُ النِّعْمَةِ الْمَوْتُ عَلَى الْإِسْلَامِ.
قَالَ: سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَا يتم نِعْمَةٌ عَلَى مُسْلِمٍ إِلَّا أَنْ يُدْخِلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ {وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} لِكَيْ تَهْتَدُوا مِنَ الضَّلَالَةِ وَلَعَلَّ وَعَسَى مِنَ اللَّهِ وَاجِبٌ.
{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) }
قَوْلُهُ تَعَالَى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ} هَذِهِ الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ وَتَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَرْجِعُ إِلَى مَا قَبِلَهَا مَعْنَاهُ وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِيَ عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ: دَعَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِدَعْوَتَيْنِ -إِحْدَاهُمَا -قَالَ: "رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ" (128-الْبَقَرَةِ) وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: "رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ" (129-الْبَقَرَةِ) فَبَعَثَ اللَّهُ الرَّسُولَ وَهُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَعَدَ إِجَابَةَ الدَّعْوَةِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ يَجْعَلَ فِي ذُرِّيَّتِهِ أُمَّةً مُسْلِمَةً، يَعْنِي كَمَا أَجَبْتُ دَعْوَتَهُ بِأَنْ أَهْدِيَكُمْ لِدِينِهِ وَأَجْعَلَكُمْ مُسْلِمِينَ وَأُتِمَّ نِعْمَتِيَ عَلَيْكُمْ بِبَيَانِ شَرَائِعِ الْمِلَّةِ الْحَنِيفِيَّةِ [2] وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَالْكَلْبِيُّ: هِيَ

[1] انظر: البحر المحيط: 1 / 442.
[2] قال الطبري في التفسير: 3 / 208-209: "يعني بقوله جل ثناؤه: "كما أرسلنا فيكم رسولا"، ولأتم نعمتي عليكم ببيان شرائع ملتكم الحنيفية، وأهديكم لدين خليلي إبراهيم عليه السلام، فأجعل لكم دعوته التي دعاني بها ومسألته التي سألنيها فقال: "ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم" (سورة البقرة: 128) ، كما جعلت لكم دعوته التي دعاني بها، ومسألته التي سألنيها فقال: "ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم" (سورة البقرة: 129) ، فابتعثت منكم رسولي الذي سألني إبراهيم خليلي وابنه إسماعيل، أن أبعثه من ذريتهما".
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 1  صفحه : 166
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست