responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 1  صفحه : 165
قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو بِالْيَاءِ والباقون بالتاء 21/أ
{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150) }
{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} وَإِنَّمَا كَرَّرَ لِتَأْكِيدِ النَّسْخِ {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ وَوَجْهِ قَوْلِهِ {إِلَّا} فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ حُوِّلَتِ الْقِبْلَةُ إِلَى الْكَعْبَةِ {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} إِذَا تَوَجَّهْتُمْ إِلَى غَيْرِهَا فَيَقُولُونَ لَيْسَتْ لَكُمْ قِبْلَةٌ {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} قُرَيْشٌ وَالْيَهُودُ فَأَمَّا قُرَيْشٌ فَتَقُولُ رَجَعَ مُحَمَّدٌ إِلَى الْكَعْبَةِ، لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهَا الْحَقُّ وَأَنَّهَا قِبْلَةُ آبَائِهِ، فَكَذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى دِينِنَا، وَأَمَّا الْيَهُودُ فَتَقُولُ لَمْ يَنْصَرِفْ عَنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ حَقٌّ إِلَّا أَنَّهُ يَعْمَلُ بِرَأْيِهِ وَقَالَ قَوْمٌ {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} يَعْنِي الْيَهُودَ وَكَانَتْ حُجَّتُهُمْ عَلَى طَرِيقِ الْمُخَاصَمَةِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي صَلَاتِهِمْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ مَا دَرَى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ أَيْنَ قَبِلَتُهُمْ حَتَّى هَدَيْنَاهُمْ نَحْنُ.
وَقَوْلُهُ {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} مُشْرِكُو مَكَّةَ، وَحُجَّتُهُمْ: أَنَّهُمْ قَالُوا -لَمَّا صُرِفَتْ قَبِلَتُهُمْ إِلَى الْكَعْبَةِ إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ تَحَيَّرَ فِي دِينِهِ وَسَيَعُودُ إِلَى مِلَّتِنَا كَمَا عَادَ إِلَى قِبْلَتِنَا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَقَتَادَةَ، وَعَلَى هَذَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحًا، وَقَوْلُهُ {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} يَعْنِي لَا حُجَّةَ لِأَحَدٍ عَلَيْكُمْ إِلَّا لِمُشْرِكِي قُرَيْشٍ فَإِنَّهُمْ يُحَاجُّونَكُمْ فَيُجَادِلُونَكُمْ وَيُخَاصِمُونَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَالظُّلْمِ وَالِاحْتِجَاجُ بِالْبَاطِلِ يُسَمَّى حُجَّةً كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى "حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ" (16-الشُّورَى) وَمَوْضِعُ {الَّذِينَ} خَفْضٌ كَأَنَّهُ قَالَ سِوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا قَالَهُ الْكِسَائِيُّ وَقَالَ الْفَرَّاءُ نُصِبَ بِالِاسْتِثْنَاءِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْهُمْ} يَعْنِي مِنَ النَّاسِ وَقِيلَ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ عَنِ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ، مَعْنَاهُ وَلَكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا يُجَادِلُونَكُمْ بِالْبَاطِلِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى "مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ" (157-النِّسَاءِ) يَعْنِي لَكِنْ يَتَّبِعُونَ الظَّنَّ فَهُوَ كقول الرجل مالك عِنْدِي حَقٌّ إِلَّا أَنْ تَظْلِمَ.
قَالَ أَبُو رَوْقٍ {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ} يَعْنِي الْيَهُودَ {عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ} وَذَلِكَ أَنَّهُمْ عَرَفُوا أَنَّ الْكَعْبَةَ قِبْلَةَ إِبْرَاهِيمَ وَوَجَدُوا فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ مُحَمَّدًا سَيُحَوَّلُ إِلَيْهَا فَحَوَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِئَلَّا يَكُونَ لَهُمْ حُجَّةٌ فَيَقُولُونَ: إِنَّ النَّبِيَّ الَّذِي نَجِدُهُ فِي كِتَابِنَا سَيُحَوَّلُ إِلَيْهَا وَلَمْ تُحَوَّلْ أَنْتَ، فَلَمَّا حُوِّلَ إِلَيْهَا ذَهَبَتْ حُجَّتُهُمْ {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} يَعْنِي إِلَّا أَنْ يَظْلِمُوا فَيَكْتُمُوا مَا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ.

نام کتاب : تفسير البغوي - ط دار طيبة نویسنده : البغوي، أبو محمد    جلد : 1  صفحه : 165
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست