responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 448
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ لَهُ هَذَا الْقَوْلُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ عِنْدَ الْحَشْرِ أَوْ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا كِنَايَةً عَنْ حُصُولِ الْوَعِيدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَوْلٌ:
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُمْ أَوْرَدُوا سُؤَالًا وَهُوَ أَنَّ مَنْ يَطْلُبُ الْمَالَ مِنْ غَيْرِهِ كَانَ فَقِيرًا مُحْتَاجًا، فَلَوْ طَلَبَ اللَّهُ الْمَالَ مِنْ عَبِيدِهِ لَكَانَ فَقِيرًا وَذَلِكَ مُحَالٌ، فَوَجَبَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَطْلُبِ الْمَالَ مِنْ عَبِيدِهِ، وَذَلِكَ يَقْدَحُ فِي كَوْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ صَادِقًا فِي ادعاء النبوة فهو هُوَ شُبْهَةُ الْقَوْمِ فَأَيْنَ الْجَوَابُ عَنْهَا؟ وَكَيْفَ يَحْسُنُ ذِكْرُ الْوَعِيدِ عَلَى ذِكْرِهَا قَبْلَ ذِكْرِ الْجَوَابِ عَنْهَا؟
فَنَقُولُ: إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ قُلْنَا: يَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ، فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَأْمُرَ اللَّهُ تَعَالَى عَبِيدَهُ بِبَذْلِ الْأَمْوَالِ مَعَ كَوْنِهِ تَعَالَى أَغْنَى الْأَغْنِيَاءِ.
وَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ فِي أَنَّهُ تَعَالَى يُرَاعِي الْمَصَالِحَ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا التَّكْلِيفِ أَنْوَاعٌ مِنَ الْمَصَالِحِ الْعَائِدَةِ إِلَى الْعِبَادِ: مِنْهَا: أَنَّ إِنْفَاقَ الْمَالِ يُوجِبُ زَوَالَ حُبِّ الْمَالِ عَنِ الْقَلْبِ، وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الْمَنَافِعِ، فَإِنَّهُ إِذَا مَاتَ فَلَوْ بَقِيَ فِي قَلْبِهِ حُبُّ الْمَالِ مَعَ أَنَّهُ تَرَكَ الْمَالَ لَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِتَأَلُّمِ رُوحِهِ بِتِلْكَ الْمُفَارَقَةِ، وَمِنْهَا: أَنْ يَتَوَسَّلَ بِذَلِكَ الْإِنْفَاقِ إِلَى الثَّوَابِ الْمُخَلَّدِ الْمُؤَبَّدِ، وَمِنْهَا: أَنَّ بِسَبَبِ الْإِنْفَاقِ يَصِيرُ الْقَلْبُ فَارِغًا عَنْ حُبِّ مَا سِوَى اللَّهِ، وَبِقَدْرِ مَا يَزُولُ عَنِ الْقَلْبِ حُبُّ غَيْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَقْوَى فِي حُبِّ اللَّهِ، وَذَلِكَ رَأْسُ السَّعَادَاتِ، وَكُلُّ هَذِهِ الْوُجُوهِ قَدْ ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ وَبَيَّنَهَا مِرَارًا وَأَطْوَارًا، كَمَا قَالَ: وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً [الْكَهْفِ:
46] وَقَالَ: وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى [الْأَعْلَى: 17] وَقَالَ: وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ [التَّوْبَةِ: 72] وَقَالَ:
فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يُونُسَ: 58] فَلَمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُ هَذِهِ الْوُجُوهِ عَلَى الِاسْتِقْصَاءِ كَانَ إِيرَادُ هَذِهِ الشُّبْهَةِ بَعْدَ تَقَدُّمِ هَذِهِ الْبَيِّنَاتِ مَحْضَ التَّعَنُّتِ، فَلِهَذَا اقْتَصَرَ اللَّهُ تَعَالَى عِنْدَ ذِكْرِهَا عَلَى مُجَرَّدِ الْوَعِيدِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ ذَكَرَ سَبَبَهُ فَقَالَ: ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ أَيْ هَذَا الْعَذَابُ الْمُحْرِقُ جَزَاءُ فِعْلِكُمْ حَيْثُ وَصَفْتُمُ اللَّهَ وَأَقْدَمْتُمْ عَلَى قَتْلِ الْأَنْبِيَاءِ، فَيَكُونُ هَذَا الْعِقَابُ عَدْلًا لَا جَوْرًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الْجُبَّائِيُّ: الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِعْلَ الْعِقَابِ بِهِمْ كَانَ يَكُونُ ظُلْمًا بِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَقَعَ مِنْهُمْ تِلْكَ الذُّنُوبُ، وَفِيهِ بُطْلَانُ قَوْلِ الْمُجَبِّرَةِ: إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الْأَطْفَالَ بِغَيْرِ جُرْمٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعَذِّبَ الْبَالِغِينَ بِغَيْرِ ذَنْبٍ، وَيَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْعَبْدِ فَاعِلًا، وَإِلَّا لَكَانَ الظُّلْمُ حَاصِلًا.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ مَا ذَكَرْتُمْ مُعَارَضٌ بِمَسْأَلَةِ الدَّاعِي وَمَسْأَلَةِ الْعِلْمِ عَلَى مَا شَرَحْنَاهُ مِرَارًا وَأَطْوَارًا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فُصِّلَتْ: 46] يُفِيدُ نَفْيَ كَوْنِهِ ظَلَّامًا، وَنَفْيُ الصِّفَةِ يُوهِمُ بَقَاءَ الْأَصْلِ، فَهَذَا يَقْتَضِي ثُبُوتَ أَصْلِ الظُّلْمِ.
أَجَابَ الْقَاضِي عَنْهُ بِأَنَّ الْعَذَابَ الَّذِي تَوَعَّدَ بِأَنْ يَفْعَلَهُ بِهِمْ لَوْ كَانَ ظُلْمًا لَكَانَ عَظِيمًا، فَنَفَاهُ عَلَى حَدِّ عِظَمِهِ لَوْ كَانَ ثَابِتًا، وَهَذَا يُؤَكِّدُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ إِيصَالَ الْعِقَابِ إِلَيْهِمْ يَكُونُ ظُلْمًا لَوْ لَمْ يَكُونُوا مُذْنِبِينَ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: اعْلَمْ أَنَّ ذِكْرَ الْأَيْدِي عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، لِأَنَّ الْفَاعِلَ هُوَ الْإِنْسَانُ لَا الْيَدُ، إِلَّا أَنَّ الْيَدَ لَمَّا كَانَتْ آلَةَ الْفِعْلِ حَسُنَ إِسْنَادُ الْفِعْلِ إِلَيْهَا عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، ثُمَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ذَكَرَ الْيَدَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فقال: بِما

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 448
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست