responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 447
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى سَمِيعٌ لِلْأَقْوَالِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ [الْمُجَادَلَةِ: 1] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: ظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَائِلَ هَذَا الْقَوْلِ كَانُوا جَمَاعَةً، لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: الَّذِينَ قالُوا وظاهر هذا القول يفيد الجميع. وَأَمَّا مَا رُوِيَ أَنَّ قَائِلَ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ فِنْحَاصُ الْيَهُودِيُّ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ، فَلَمَّا شَهِدَ الْكِتَابُ أَنَّ الْقَائِلِينَ كَانُوا جَمَاعَةً وَجَبَ الْقَطْعُ بِذَلِكَ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: سَنَكْتُبُ مَا قالُوا وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ حَمْزَةُ سَيُكْتَبُ بِالْيَاءِ وَضَمِّهَا عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَقَتْلُهُمُ الْأَنْبِيَاءِ بِرَفْعِ اللَّامِ عَلَى مَعْنَى سَيُكْتَبُ قَتْلُهُمْ، وَالْبَاقُونَ بِالنُّونِ وَفَتْحِ اللَّامِ إِضَافَةً إِلَيْهِ تَعَالَى. قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَالْأَعْرَجُ سَيَكْتُبُ بِالْيَاءِ وَتَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: هَذَا وَعِيدٌ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا. أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ كَتْبِهِ عَلَيْهِمْ إِثْبَاتَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَأَنْ لَا يُلْغَى وَلَا يُطْرَحَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ إِذَا أَرَادُوا إِثْبَاتَ الشَّيْءِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَزُولُ وَلَا يُنْسَى وَلَا يَتَغَيَّرُ كَتَبُوهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ الْكَتْبَةَ مَجَازًا عَنْ إِثْبَاتِ حُكْمِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ. الثَّانِي: سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا فِي الْكُتُبِ الَّتِي تُكْتَبُ فِيهَا أعمالهم ليقرؤا ذَلِكَ فِي جَرَائِدِ أَعْمَالِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالثَّالِثُ: عِنْدِي فِيهِ احْتِمَالٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ: سَنَكْتُبُ عَنْهُمْ هَذَا الْجَهْلَ فِي الْقُرْآنِ حَتَّى يَعْلَمَ الْخَلْقُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ شِدَّةَ تَعَنُّتِ هَؤُلَاءِ وَجَهْلَهُمْ وَجُهْدَهُمْ فِي الطَّعْنِ فِي نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكُلِّ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ أَيْ وَنَكْتُبُ قَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْفَائِدَةُ فِي ضَمِّ أَنَّهُمْ قَتَلُوا الْأَنْبِيَاءَ إِلَى أَنَّهُمْ وَصَفُوا اللَّهَ تَعَالَى بِالْفَقْرِ، هِيَ بَيَانُ أَنَّ جَهْلَ هَؤُلَاءِ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِهَذَا الْوَقْتِ، بَلْ هُمْ مُنْذُ كَانُوا، مُصِرُّونَ عَلَى الْجَهَالَاتِ وَالْحَمَاقَاتِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي إِضَافَةِ قَتْلِ الْأَنْبِيَاءِ إِلَى هَؤُلَاءِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: سَنَكْتُبُ مَا قَالَ هَؤُلَاءِ وَنَكْتُبُ مَا فَعَلَهُ أَسْلَافُهُمْ فَنُجَازِي الْفَرِيقَيْنِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، كقوله تعالى: وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً أَيْ قَتَلَهَا أَسْلَافُكُمْ وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ [الْبَقَرَةِ: 49] وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ [الْبَقَرَةِ: 50] وَالْفَاعِلُ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ هُوَ أَسْلَافُهُمْ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ سَيَحْفَظُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ مَعًا أَقْوَالَهُمْ وَأَفْعَالَهُمْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: سَنَكْتُبُ عَلَى هَؤُلَاءِ مَا قَالُوا بِأَنْفُسِهِمْ، وَنَكْتُبُ عَلَيْهِمْ رِضَاهُمْ بِقَتْلِ آبَائِهِمُ/ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ أَنْ رَجُلًا ذَكَرَ عِنْدَهُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَحَسَّنَ قَتْلَهُ، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ:
صِرْتَ شَرِيكًا فِي دَمِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الشَّعْبِيُّ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ [آلِ عِمْرَانَ: 183] فَنَسَبَ لِهَؤُلَاءِ قَتْلَهُمْ وَكَانَ بَيْنَهُمَا قَرِيبٌ مِنْ سَبْعُمِائَةِ سَنَةٍ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ حَمْزَةُ سَيُكْتَبُ عَلَى لَفْظِ مَا لم يسم فاعله وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ برفع اللام وَيَقُولُ ذُوقُوا بِالْيَاءِ الْمُنَقَّطَةِ مِنْ تَحْتُ، وَالْبَاقُونَ سَنَكْتُبُ ونَقُولُ بِالنُّونِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْمُرَادُ أَنَّهُ تَعَالَى يَنْتَقِمُ مِنْ هَذَا الْقَائِلِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ ذُقْ عَذَابَ الْحَرِيقِ، كَمَا أَذَقْتَ الْمُسْلِمِينَ الْغُصَصَ، وَالْحَرِيقُ هُوَ الْمُحْرِقُ كَالْأَلِيمِ بِمَعْنَى الْمُؤْلِمِ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 447
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست