responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 345
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً [آل عمران: 120] أَتْبَعَهُ بِمَا يَدُلُّهُمْ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِمْ فِي بَابِ النُّصْرَةِ وَالْمَعُونَةِ وَدَفْعِ مَضَارِّ الْعَدُوِّ إِذَا هُمْ صَبَرُوا وَاتَّقَوْا، وَخِلَافُ ذَلِكَ فِيهِمْ إِذَا لَمْ يَصْبِرُوا فَقَالَ: وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ يَعْنِي أَنَّهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ كَانُوا كَثِيرِينَ لِلْقِتَالِ، فَلَمَّا خَالَفُوا أَمْرَ الرَّسُولِ انْهَزَمُوا، وَيَوْمَ بَدْرٍ كَانُوا قَلِيلِينَ غَيْرَ مُسْتَعِدِّينَ لِلْقِتَالِ فَلَمَّا أَطَاعُوا أَمْرَ الرَّسُولِ غَلَبُوا وَاسْتَوْلَوْا عَلَى خُصُومِهِمْ، وَذَلِكَ يُؤَكِّدُ قَوْلَنَا، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الِانْكِسَارَ يَوْمَ أُحُدٍ إِنَّمَا حَصَلَ بسبب تخلف عبد الله بن أبي بن سَلُولَ الْمُنَافِقِ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ بِطَانَةً وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ: تَقْدِيرُهُ وَاذْكُرْ إِذْ غَدَوْتَ وَالثَّانِي: قَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: هَذَا كَلَامٌ مَعْطُوفٌ بِالْوَاوِ عَلَى قَوْلِهِ قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ [آلِ عِمْرَانَ: 13] يَقُولُ: قَدْ كَانَ لَكُمْ فِي نَصْرِ اللَّهِ تِلْكَ الطَّائِفَةَ الْقَلِيلَةَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الطَّائِفَةِ الْكَثِيرَةِ مِنَ الْكَافِرِينَ مَوْضِعُ اعْتِبَارٍ لِتَعْرِفُوا بِهِ أَنَّ اللَّهَ نَاصِرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَانَ لَهُمْ مِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَةِ إِذْ غَدَا الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَالثَّالِثُ: الْعَامِلُ فِيهِ مُحِيطٌ: تَقْدِيرُهُ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ محيط وإذ غَدَوْتَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ أَيُّ يَوْمٍ هُوَ؟ فَالْأَكْثَرُونَ: أَنَّهُ يَوْمُ أُحُدٍ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيِّ وَابْنِ إِسْحَاقَ وَالرَّبِيعِ وَالْأَصَمِّ وَأَبِي مُسْلِمٍ، وَقِيلَ: إِنَّهُ يَوْمُ بَدْرٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَقِيلَ إِنَّهُ يَوْمُ الْأَحْزَابِ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَمُقَاتِلٍ، حُجَّةُ مَنْ قَالَ هَذَا الْيَوْمُ هُوَ يَوْمُ أُحُدٍ وُجُوهٌ الْأَوَّلُ: أَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ بِالْمَغَازِي زَعَمُوا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ الثَّانِي: أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ [آلِ عِمْرَانَ: 123] وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، / وَمِنْ حَقِّ الْمَعْطُوفِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا يَوْمُ الْأَحْزَابِ، فَالْقَوْمُ إِنَّمَا خَالَفُوا أَمْرَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ لَا يَوْمَ الْأَحْزَابِ، فَكَانَتْ قِصَّةُ أُحُدٍ أَلْيَقَ بِهَذَا الْكَلَامِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ تَقْرِيرُ قَوْلِهِ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً فَثَبَتَ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ هُوَ يَوْمُ أُحُدٍ الثَّالِثُ: أَنَّ الِانْكِسَارَ وَاسْتِيلَاءَ الْعَدُوِّ كَانَ فِي يَوْمِ أُحُدٍ أَكْثَرَ مِنْهُ فِي يَوْمِ الْأَحْزَابِ لِأَنَّ فِي يَوْمِ أُحُدٍ قَتَلُوا جَمْعًا كَثِيرًا مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَتَّفِقْ ذَلِكَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ فَكَانَ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى يَوْمِ أُحُدٍ أَوْلَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
رُوِيَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ نَزَلُوا بِأُحُدٍ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ وَدَعَا عبد الله بن أبي بن سَلُولَ وَلَمْ يَدْعُهُ قَطُّ قَبْلَهَا فَاسْتَشَارَهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَكْثَرُ الْأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِمْ بِالْمَدِينَةِ وَلَا تَخْرُجْ إِلَيْهِمْ وَاللَّهِ مَا خَرَجْنَا مِنْهَا إِلَى عَدُوٍّ قَطُّ إِلَّا أَصَابَ مِنَّا وَلَا دَخَلَ عَدُوٌّ عَلَيْنَا إِلَّا أَصَبْنَا مِنْهُ، فَكَيْفَ وَأَنْتَ فِينَا؟ فَدَعْهُمْ فَإِنْ أَقَامُوا أَقَامُوا بِشَرِّ مَوْضِعٍ وَإِنْ دَخَلُوا قَتَلَهُمُ الرِّجَالُ فِي وُجُوهِهِمْ، وَرَمَاهُمُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ بِالْحِجَارَةِ، وَإِنْ رَجَعُوا رَجَعُوا خَائِبِينَ وَقَالَ آخَرُونَ: اخْرُجْ بِنَا إِلَى هَؤُلَاءِ الْأَكْلُبِ لِئَلَّا يَظُنُّوا أَنَّا قَدْ خِفْنَاهُمْ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ فِي مَنَامِي بَقَرًا تُذْبَحُ حَوْلِي فَأَوَّلْتُهَا خيرا ورأيت في ذباب سيفي ثلما فأوليه هَزِيمَةً وَرَأَيْتُ كَأَنِّي أَدْخَلْتُ يَدِي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ فَإِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُقِيمُوا بِالْمَدِينَةِ وَتَدَعُوهُمْ» فَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الَّذِينَ فَاتَتْهُمْ (بَدْرٌ) وَأَكْرَمَهُمُ اللَّهُ بِالشَّهَادَةِ يَوْمَ أُحُدٍ اخْرُجْ بِنَا إِلَى أَعْدَائِنَا فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى دَخَلَ فَلَبِسَ لَأْمَتَهُ، فَلَمَّا لَبِسَ نَدِمَ الْقَوْمُ، وَقَالُوا: بِئْسَمَا صَنَعْنَا نُشِيرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَالْوَحْيُ يَأْتِيهِ، فَقَالُوا لَهُ اصْنَعْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْتَ، فَقَالَ: «لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَلْبَسَ لَأْمَتَهُ فَيَضَعُهَا حَتَّى يقاتل» فخرج يوم الْجُمُعَةِ وَأَصْبَحَ بِالشِّعْبِ مِنْ أُحُدٍ يَوْمَ السَّبْتِ لِلنِّصْفِ مِنْ شَوَّالٍ، فَمَشَى عَلَى رِجْلَيْهِ وَجَعَلَ يَصُفُّ أَصْحَابَهُ لِلْقِتَالِ كَأَنَّمَا يُقَوِّمُ بِهِمُ الْقِدْحَ إِنْ رَأَى صَدْرًا خَارِجًا قَالَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 345
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست