responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 331
فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّ فِي قَوْلِهِ لَيْسُوا سَواءً قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ قَوْلَهُ لَيْسُوا سَواءً كَلَامٌ تَامٌّ، وَقَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ لِبَيَانِ قَوْلِهِ لَيْسُوا سَواءً كَمَا وَقَعَ قَوْلُهُ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ [آل عمران: 110] بياناً لقوله كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ [آل عمران: 110] وَالْمَعْنَى أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ الَّذِينَ سَبَقَ ذِكْرُهُمْ/ لَيْسُوا سَوَاءً، وَهُوَ تَقْرِيرٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ، ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ وكان تَمَامُ الْكَلَامِ أَنْ يُقَالَ:
وَمِنْهُمْ أُمَّةٌ مَذْمُومَةٌ، إِلَّا أَنَّهُ أَضْمَرَ ذِكْرَ الْأُمَّةِ الْمَذْمُومَةِ عَلَى مَذْهَبِ الْعَرَبِ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الضِّدِّ الْآخَرِ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الضِّدَّيْنِ يُعْلَمَانِ مَعًا، فَذِكْرُ أَحَدِهِمَا يَسْتَقِلُّ بِإِفَادَةِ الْعِلْمِ بِهِمَا، فَلَا جَرَمَ يَحْسُنُ إِهْمَالُ الضِّدِّ الْآخَرِ.
قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ:
دَعَانِي إِلَيْهَا الْقَلْبُ إِنِّيَ لَامْرُؤٌ ... مُطِيعٌ فَلَا أَدْرِي أَرُشْدٌ طِلَابُهَا
أَرَادَ (أَمْ غَيٌّ) فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الرُّشْدِ عَنْ ذِكْرِ الْغَيِّ، وَهَذَا قَوْلُ الْفَرَّاءِ وَابْنِ الْأَنْبَارِيِّ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: لَا حَاجَةَ إِلَى إِضْمَارِ الْأُمَّةِ الْمَذْمُومَةِ، لِأَنَّ ذِكْرَ الْأُمَّةِ الْمَذْمُومَةِ قَدْ جَرَى فِيمَا قَبْلَ هَذِهِ الْآيَاتِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى إِضْمَارِهَا مَرَّةً أُخْرَى، لِأَنَّا قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْعِلْمُ بِالضِّدَّيْنِ مَعًا كَانَ ذِكْرُ أَحَدِهِمَا مُغْنِيًا عَنْ ذِكْرِ الْآخَرِ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ زَيْدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ لَا يَسْتَوِيَانِ زَيْدٌ عاقل دين زكي، فيغني هذا عن أَنْ يُقَالَ: وَعَبْدُ اللَّهِ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَكَذَا هاهنا لَمَّا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ لَيْسُوا سَواءً أَغْنَى ذَلِكَ عَنِ الْإِضْمَارِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ لَيْسُوا سَواءً كلام غير تام ولا يجوز الوقت عِنْدَهُ، بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ، وَالتَّقْدِيرُ: لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ وَأُمَّةٌ مَذْمُومَةٌ، فَأُمَّةٌ رُفِعَ بِلَيْسَ وَإِنَّمَا قِيلَ لَيْسُوا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ: أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا بُدَّ مِنْ إِضْمَارِ الْأُمَّةِ الْمَذْمُومَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدَةَ إِلَّا أَنَّ أَكْثَرَ النَّحْوِيِّينَ أَنْكَرُوا هَذَا الْقَوْلَ لِاتِّفَاقِ الْأَكْثَرِينَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ وَأَمْثَالُهَا لُغَةٌ رَكِيكَةٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: يُقَالُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ سَوَاءٌ، أَيْ مُتَسَاوِيَانِ وَقَوْمٌ سَوَاءٌ، لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ وَمَضَى الْكَلَامُ فِي سَواءً فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي الْمُرَادِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ: وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِمُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ،
رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَأَصْحَابُهُ قَالَ لَهُمْ بَعْضُ كِبَارِ الْيَهُودِ: لَقَدْ كَفَرْتُمْ وَخَسِرْتُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِبَيَانِ فَضْلِهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ،
وَقِيلَ: إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا وَصَفَ أَهْلَ الْكِتَابِ فِي الْآيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِالصِّفَاتِ الْمَذْمُومَةِ ذَكَرَ هَذِهِ الْآيَةَ لِبَيَانِ أَنَّ كُلَّ أَهْلِ الْكِتَابِ لَيْسُوا كَذَلِكَ، بَلْ فِيهِمْ مَنْ يَكُونُ مَوْصُوفًا بِالصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ وَالْخِصَالِ الْمَرْضِيَّةِ، قَالَ الثَّوْرِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ كَانُوا يُصَلُّونَ مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَعَنْ عَطَاءٍ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَرْبَعِينَ مِنْ أَهْلِ نَجْرَانَ وَاثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ مِنَ الْحَبَشَةِ وَثَلَاثَةٍ مِنَ الرُّومِ كَانُوا عَلَى دِينِ عِيسَى وَصَدَّقُوا بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ كُلُّ مَنْ أُوتِيَ الْكِتَابَ مِنْ أَهْلِ الْأَدْيَانِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 331
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست