responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 316
رَسُولِهِ وَخَلِيفَةَ كِتَابِهِ»
وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَفْضَلُ الْجِهَادِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَقَالَ أَيْضًا: مَنْ لَمْ يَعْرِفْ بِقَلْبِهِ مَعْرُوفًا وَلَمْ يُنْكِرْ مُنْكَرًا نُكِّسَ وَجُعِلَ أَعْلَاهُ أَسْفَلَهُ،
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْتَهُوا عَنِ الْمُنْكَرِ تَعِيشُوا بِخَيْرٍ، وَعَنِ الثَّوْرِيِّ: إِذَا كَانَ الرَّجُلُ مُحَبَّبًا فِي جِيرَانِهِ مَحْمُودًا عِنْدَ إِخْوَانِهِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ مُدَاهِنٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ [الْحُجُرَاتِ: 9] قُدِّمَ الْإِصْلَاحُ عَلَى الْقِتَالِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يُبْدَأَ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ بِالْأَرْفَقِ مُتَرَقِّيًا إِلَى الْأَغْلَظِ فَالْأَغْلَظِ، وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ [النِّسَاءِ: 34] يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، ثُمَّ إِذَا لَمْ يَتِمَّ الْأَمْرُ بِالتَّغْلِيظِ وَالتَّشْدِيدِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَهْرُ بِالْيَدِ، فَإِنْ عَجَزَ فَبِاللِّسَانِ، فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْقَلْبِ، وَأَحْوَالُ النَّاسِ مُخْتَلِفَةٌ فِي هَذَا الْبَابِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ.
وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي النَّظْمِ وَجْهَانِ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ فِي الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّهُ بَيَّنَ فِي/ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ دِينِ الْإِسْلَامِ وَصِحَّةِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ حَسَدُوا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحْتَالُوا فِي إِلْقَاءِ الشُّكُوكِ وَالشُّبُهَاتِ فِي تِلْكَ النُّصُوصِ الظَّاهِرَةِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ، ثُمَّ خَتَمَ ذَلِكَ بِأَنْ حَذَّرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ مِثْلِ فِعْلِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهُوَ إِلْقَاءُ الشُّبُهَاتِ فِي هَذِهِ النُّصُوصِ وَاسْتِخْرَاجُ التَّأْوِيلَاتِ الْفَاسِدَةِ الرَّافِعَةِ لِدَلَالَةِ هَذِهِ النُّصُوصِ فَقَالَ: وَلا تَكُونُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ سَمَاعِ هَذِهِ الْبَيِّنَاتِ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَهُمُ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ تِلْكَ النُّصُوصُ الظَّاهِرَةُ، فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَكُونُ الْآيَةُ مِنْ تَتِمَّةِ جُمْلَةِ الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالثَّانِي: وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَتِمُّ إِلَّا إِذَا كَانَ الْآمِرُ بِالْمَعْرُوفِ قَادِرًا عَلَى تَنْفِيذِ هَذَا التَّكْلِيفِ عَلَى الظَّلَمَةِ وَالْمُتَغَالِينَ، وَلَا تَحْصُلُ هَذِهِ الْقُدْرَةُ إِلَّا إِذَا حَصَلَتِ الْأُلْفَةُ وَالْمَحَبَّةُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَقِّ وَالدِّينِ، لَا جَرَمَ حَذَّرَهُمْ تَعَالَى مِنَ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ لِكَيْ لَا يَصِيرَ ذَلِكَ سَبَبًا لِعَجْزِهِمْ عَنِ الْقِيَامِ بِهَذَا التَّكْلِيفِ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ مِنْ تَتِمَّةِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ فَقَطْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا فِيهِ وُجُوهٌ الْأَوَّلُ: تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا بِسَبَبِ اتِّبَاعِ الْهَوَى وَطَاعَةِ النَّفْسِ وَالْحَسَدِ، كَمَا أَنَّ إِبْلِيسَ تَرَكَ نَصَّ اللَّهِ تَعَالَى بِسَبَبِ حَسَدِهِ لِآدَمَ الثَّانِي: تَفَرَّقُوا حَتَّى صَارَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ يُصَدِّقُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ، فَصَارُوا بِذَلِكَ إِلَى الْعَدَاوَةِ وَالْفُرْقَةِ الثَّالِثُ: صَارُوا مِثْلَ مُبْتَدِعَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، مِثْلَ الْمُشَبِّهَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْحَشْوِيَّةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ بَعْضُهُمْ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وَذَكَرَهُمَا لِلتَّأْكِيدِ وَقِيلَ: بَلْ مَعْنَاهُمَا مُخْتَلِفٌ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقِيلَ: تَفَرَّقُوا بِالْعَدَاوَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الدِّينِ، وَقِيلَ: تَفَرَّقُوا بِسَبَبِ اسْتِخْرَاجِ التَّأْوِيلَاتِ الْفَاسِدَةِ مِنْ تِلْكَ النُّصُوصِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا بِأَنْ حَاوَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نُصْرَةَ قَوْلِهِ وَمَذْهَبِهِ وَالثَّالِثُ: تَفَرَّقُوا بِأَبْدَانِهِمْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 316
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست