responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 298
الْفَضِيلَةُ الثَّالِثَةُ: قِلَّةُ مَا يَجْتَمِعُ فِيهِ مِنْ حصى الجمار، فإنه منذ آلاف سَنَةٍ وَقَدْ يَبْلُغُ مَنْ يَرْمِي فِي كُلِّ سَنَةٍ سِتَّمِائَةِ أَلْفِ إِنْسَانٍ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَبْعِينَ حَصَاةٍ، ثُمَّ لَا يُرَى هُنَاكَ إِلَّا مَا لَوِ اجْتَمَعَ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ لَكَانَ غَيْرَ كَثِيرٍ وَلَيْسَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُرْمَى إِلَيْهِ الْجَمَرَاتُ مَسِيلَ مَاءٍ وَلَا مَهَبَّ رِيَاحٍ شَدِيدَةٍ وَقَدْ جَاءَ فِي الْآثَارِ أَنَّ مَنْ كَانَتْ حَجَّتُهُ مَقْبُولَةً رُفِعَتْ حِجَارَةُ جَمَرَاتِهِ إِلَى السَّمَاءِ.
الْفَضِيلَةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ الطُّيُورَ تَتْرُكُ الْمُرُورَ فَوْقَ الْكَعْبَةِ عِنْدَ طَيَرَانِهَا فِي الْهَوَاءِ بَلْ تَنْحَرِفُ عَنْهَا إِذَا مَا وَصَلَتْ إِلَى فَوْقِهَا.
الْفَضِيلَةُ الْخَامِسَةُ: أَنَّ عِنْدَهُ يَجْتَمِعُ الْوَحْشُ لَا يُؤْذِي بَعْضُهَا بَعْضًا كَالْكِلَابِ وَالظِّبَاءِ، وَلَا/ يُصْطَادُ فِيهِ الْكِلَابُ وَالْوُحُوشُ وَتِلْكَ خَاصِّيَّةٌ عَجِيبَةٌ وَأَيْضًا كُلُّ مَنْ سَكَنَ مَكَّةَ أَمِنَ مِنَ النَّهْبِ وَالْغَارَةِ وَهُوَ بَرَكَةُ دُعَاءِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ قَالَ: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً [الْبَقَرَةِ: 126] وَقَالَ تَعَالَى فِي صِفَةِ أَمْنِهِ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ [الْعَنْكَبُوتِ: 67] وَقَالَ: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [قُرَيْشٍ: 3، 4] وَلَمْ يُنْقَلْ أَلْبَتَّةَ أَنَّ ظَالِمًا هَدَمَ الْكَعْبَةَ وَخَرَّبَ مَكَّةَ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَمَّا بَيْتُ الْمَقْدِسِ فَقَدْ هَدَمَهُ بُخْتُنَصَّرُ بِالْكُلِّيَّةِ.
الْفَضِيلَةُ السَّادِسَةُ: أَنَّ صَاحِبَ الْفِيلِ وَهُوَ أَبَرْهَةُ الْأَشْرَمُ لَمَّا قَادَ الْجُيُوشَ وَالْفِيلَ إِلَى مَكَّةَ لِتَخْرِيبِ الْكَعْبَةِ وَعَجَزَ قُرَيْشٌ عَنْ مُقَاوَمَةِ أُولَئِكَ الْجُيُوشِ وَفَارَقُوا مَكَّةَ وَتَرَكُوا لَهُ الْكَعْبَةَ فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ، وَالْأَبَابِيلُ هُمُ الْجَمَاعَةُ مِنَ الطَّيْرِ بَعْدَ الْجَمَاعَةِ، وَكَانَتْ صِغَارًا تَحْمِلُ أَحْجَارًا تَرْمِيهِمْ بِهَا فَهَلَكَ الْمَلِكُ وَهَلَكَ الْعَسْكَرُ بِتِلْكَ الْأَحْجَارِ مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي غَايَةِ الصِّغَرِ، وَهَذِهِ آيَةٌ بَاهِرَةٌ دَالَّةٌ عَلَى شَرَفِ الْكَعْبَةِ وَإِرْهَاصٌ لِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ كُلَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ طِلَسْمٍ مَوْضُوعٍ هُنَاكَ بِحَيْثُ لَا يَعْرِفُهُ أَحَدٌ فَإِنَّ الْأَمْرَ فِي تَرْكِيبِ الطَّلْسَمَاتِ مَشْهُورٌ.
قُلْنَا: لَوْ كَانَ هَذَا مِنْ بَابِ الطَّلْسَمَاتِ لَكَانَ هَذَا طَلْسَمًا مُخَالِفًا لِسَائِرِ الطَّلْسَمَاتِ فَإِنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لِشَيْءٍ سِوَى الْكَعْبَةِ مِثْلُ هَذَا الْبَقَاءِ الطَّوِيلِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الْعَظِيمَةِ، وَمِثْلُ هَذَا يَكُونُ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ، فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْهَا سِوَى الْأَنْبِيَاءِ.
الْفَضِيلَةُ السَّابِعَةُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَهَا بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ، وَالْحِكْمَةُ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى قَطَعَ بِذَلِكَ رَجَاءَ أَهْلِ حَرَمِهِ وَسَدَنَةِ بَيْتِهِ عَمَّنْ سِوَاهُ حَتَّى لَا يَتَوَكَّلُوا إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَثَانِيهَا: أَنَّهُ لَا يَسْكُنُهَا أَحَدٌ مِنَ الْجَبَابِرَةِ وَالْأَكَاسِرَةِ فَإِنَّهُمْ يُرِيدُونَ طَيِّبَاتِ الدُّنْيَا فَإِذَا لَمْ يَجِدُوهَا هُنَاكَ تَرَكُوا ذَلِكَ الْمَوْضِعَ، فَالْمَقْصُودُ تَنْزِيهُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عَنْ لَوْثِ وُجُودِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَقْصِدَهَا أَحَدٌ لِلتِّجَارَةِ بل يكون ذلك لمحض العبادة والزيارة فقطو رابعها: أَظْهَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ شَرَفَ الْفَقْرِ حَيْثُ وَضَعَ أَشْرَفَ الْبُيُوتِ فِي أَقَلِّ الْمَوَاضِعِ نَصِيبًا مِنَ الدُّنْيَا، فَكَأَنَّهُ قَالَ: جَعَلْتُ الْفُقَرَاءَ فِي الدُّنْيَا أَهْلَ الْبَلَدِ الْأَمِينِ، فَكَذَلِكَ أَجْعَلُهُمْ فِي الْآخِرَةِ أَهْلَ الْمَقَامِ الْأَمِينِ، لَهُمْ فِي الدُّنْيَا بَيْتُ الْأَمْنِ وَفِي الْآخِرَةِ دَارُ الْأَمْنِ وَخَامِسُهَا: كَأَنَّهُ قَالَ: لَمَّا لَمْ أَجْعَلِ الْكَعْبَةَ إِلَّا فِي مَوْضِعٍ خَالٍ عَنْ جَمِيعِ نِعَمِ الدُّنْيَا فَكَذَا لَا أَجْعَلُ كَعْبَةَ الْمَعْرِفَةِ إِلَّا فِي كُلِّ قَلْبٍ خَالٍ عَنْ مَحَبَّةِ الدُّنْيَا، فَهَذَا ما يتعلق

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 298
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست