responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 270
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وُجُوهٌ الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا قَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، وَقَالَتِ النَّصَارَى: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الثَّانِي:
قِيلَ إِنَّ أَبَا رَافِعٍ الْقُرَظِيَّ مِنَ الْيَهُودِ وَرَئِيسَ وَفْدِ نَجْرَانَ مِنَ النَّصَارَى قَالَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتُرِيدُ أَنْ نَعْبُدَكَ وَنَتَّخِذَكَ رَبًّا، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَعْبُدَ غَيْرَ اللَّهِ أَوْ أَنْ نَأْمُرَ بِغَيْرِ عِبَادَةِ اللَّهِ/ فَمَا بِذَلِكَ بَعَثَنِي وَلَا بِذَلِكَ أَمَرَنِي» فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
الثَّالِثُ:
قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ كَمَا يُسَلِّمُ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ، أَفَلَا نَسْجُدُ لَكَ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَلَكِنْ أَكْرِمُوا نَبِيَّكُمْ وَاعْرِفُوا الْحَقَّ لِأَهْلِهِ»
الرَّابِعُ: أَنَّ الْيَهُودَ لَمَّا ادَّعَوْا أَنَّ أَحَدًا لَا يَنَالُ مِنْ دَرَجَاتِ الْفَضْلِ وَالْمَنْزِلَةِ مَا نَالُوهُ، فَاللَّهُ تَعَالَى قَالَ لَهُمْ: إِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قُلْتُمْ، وَجَبَ أَنْ لَا تَشْتَغِلُوا بِاسْتِعْبَادِ النَّاسِ وَاسْتِخْدَامِهِمْ وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ تَأْمُرُوا النَّاسَ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ وَالِانْقِيَادِ لِتَكَالِيفِهِ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُكُمْ أَنْ تَحُثُّوا النَّاسَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنَّ ظُهُورَ الْمُعْجِزَاتِ عَلَيْهِ يُوجِبُ ذَلِكَ، وَهَذَا الْوَجْهُ يَحْتَمِلُهُ لَفْظُ الْآيَةِ فَإِنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ مِثْلُ قَوْلِهِ اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ [التَّوْبَةِ: 31] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ مَا كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ عَلَى وُجُوهٍ الْأَوَّلُ: قَالَ الْأَصَمُّ: مَعْنَاهُ، أَنَّهُمْ لَوْ أَرَادُوا أَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ لَمَنَعَهُمُ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ [الحاقة: 44، 45] قال:
لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ [الْإِسْرَاءِ: 74، 75] الثَّانِي: أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَوْصُوفُونَ بِصِفَاتٍ لَا يَحْسُنُ مَعَ تِلْكَ الصِّفَاتِ ادِّعَاءُ الْإِلَهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ مِنْهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى آتَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْوَحْيَ وَهَذَا لَا يَكُونُ إِلَّا فِي النُّفُوسِ الطَّاهِرَةِ وَالْأَرْوَاحِ الطَّيِّبَةِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رسالاته [الْأَنْعَامِ: 124] وَقَالَ: وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ [الدُّخَانِ: 32] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ [الْحَجِّ: 75] وَالنَّفْسُ الطَّاهِرَةُ يَمْتَنِعُ أَنْ يَصْدُرَ عَنْهَا هَذِهِ الدَّعْوَى، وَمِنْهَا أَنَّ إِيتَاءَ النُّبُوَّةِ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ كَمَالِ الْعِلْمِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَبِالْجُمْلَةِ فَلِلْإِنْسَانِ قُوَّتَانِ: نَظَرِيَّةٌ وَعَمَلِيَّةٌ، وَمَا لَمْ تَكُنِ الْقُوَّةُ النَّظَرِيَّةُ كَامِلَةً بِالْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ الْحَقِيقِيَّةِ وَلَمْ تَكُنِ الْقُوَّةُ الْعَمَلِيَّةُ مُطَهَّرَةً عَنِ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ لَا تَكُونُ النَّفْسُ مُسْتَعِدَّةً لِقَبُولِ الْوَحْيِ وَالنُّبُوَّةِ، وَحُصُولُ الْكَمَالَاتِ فِي الْقُوَّةِ النَّظَرِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ يَمْنَعُ مِنْ مِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ وَالِاعْتِقَادِ، الثَّالِثُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُشَرِّفُ عَبْدَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ إِلَّا إِذَا عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَقُولُ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ الرَّابِعُ: أَنَّ الرَّسُولَ ادَّعَى أَنَّهُ يُبَلِّغُ الْأَحْكَامَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَاحْتَجَّ عَلَى صِدْقِهِ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى فَلَوْ أَمَرَهُمْ بِعِبَادَةِ نَفْسِهِ فَحِينَئِذٍ تَبْطُلُ دَلَالَةُ الْمُعْجِزَةِ عَلَى كَوْنِهِ صَادِقًا، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ مَا كانَ لِبَشَرٍ ذَلِكَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَامُ لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ عَلَى كُلِّ الْخَلْقِ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنَّ اللَّهَ آتَاهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ التَّحْرِيمَ لَمَا كَانَ ذَلِكَ تَكْذِيبًا لِلنَّصَارَى فِي ادِّعَائِهِمْ ذَلِكَ عَلَى الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّ مَنِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ فِعْلًا فقيل له إن فلان لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَكْذِيبًا لَهُ فِيمَا ادَّعَى عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ فِي ادِّعَائِهِمْ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لَهُمُ: اتَّخِذُونِي إِلَهًا/ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَالْمُرَادُ إِذَنْ مَا قَدَّمْنَاهُ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ [مَرْيَمَ: 35] عَلَى سَبِيلِ النَّفْيِ لِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ، لَا عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيمِ وَالْحَظْرِ، وَكَذَا قَوْلُهُ تعالى: ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ [آلِ عِمْرَانَ: 161] وَالْمُرَادُ النَّفْيُ لَا النَّهْيُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 8  صفحه : 270
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست