responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 93
مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ سَبِيلًا إِلَى إِبْطَالِهِ عَلَى مَذْهَبِ بَعْضِ الْمُجْتَهِدِينَ الرَّابِعُ: أَنْ يَحْتَرِزَ عَنِ الْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي يَقَعُ النِّزَاعُ فِي الْمُرَادِ بِهَا، وَهَذِهِ الْأُمُورُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا لَا يُمْكِنُ رِعَايَتُهَا إِلَّا إِذَا كَانَ الْكَاتِبُ فَقِيهًا عَارِفًا بِمَذَاهِبِ الْمُجْتَهِدِينَ، وَأَنْ يَكُونَ أَدِيبًا مُمَيِّزًا بَيْنَ الْأَلْفَاظِ الْمُتَشَابِهَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ نَهْيٌ لِكُلِّ من كان كاتباً عن الامتناع عن الكتبة، وإيجاب الكتبة عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ كَاتِبًا، وَفِيهِ وُجُوهٌ الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْإِرْشَادِ إِلَى الْأَوْلَى لَا عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَابِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الله تعالى لما علمه الكتبة، وَشَرَّفَهُ بِمَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَكْتُبَ تَحْصِيلًا لِمُهِمِّ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ شُكْرًا لِتِلْكَ النِّعْمَةِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ [الْقَصَصِ: 77] فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ النَّاسُ بِكِتَابَتِهِ كَمَا نَفَعَهُ اللَّهُ بِتَعْلِيمِهَا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ: أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أحداً يكتب إلا ذلك الواحد وجب الكتبة عَلَيْهِ، فَإِنْ وَجَدَ أَقْوَامًا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَكْتُبَ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْكَاتِبِ، ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ.
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: أَنَّ مُتَعَلِّقَ الْإِيجَابِ هُوَ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ، يَعْنِي أَنَّ بِتَقْدِيرِ أَنْ يَكْتُبَ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى مَا عَلَّمَهُ اللَّهُ، وَأَنْ لَا يُخِلَّ بِشَرْطٍ مِنَ الشَّرَائِطِ، وَلَا يُدْرِجُ فِيهِ قَيْدًا يُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْإِنْسَانِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَتَبَهُ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ هَذِهِ الشُّرُوطِ اخْتَلَّ مَقْصُودُ الْإِنْسَانِ، وَضَاعَ مَالُهُ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ تَكْتُبُ فَاكْتُبْهُ عَنِ الْعَدْلِ، وَاعْتِبَارِ كُلِّ الشَّرَائِطِ الَّتِي اعْتَبَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ فِيهِ احْتِمَالَانِ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ متعلقاً بما قبله، وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ عَنِ الْكِتَابَةِ الَّتِي عَلَّمَهُ اللَّهُ إِيَّاهَا، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ غَيْرَ الْكِتَابَةِ الَّتِي عَلَّمَهُ اللَّهُ إِيَّاهَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: فَلْيَكْتُبْ تِلْكَ الْكِتَابَةَ الَّتِي عَلَّمَهُ اللَّهُ إِيَّاهَا.
وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِمَا بَعْدَهُ، وَالتَّقْدِيرُ: وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يكتب، وهاهنا تَمَّ الْكَلَامُ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ فَيَكُونُ الْأَوَّلُ أَمْرًا بِالْكِتَابَةِ مُطْلَقًا ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِالْأَمْرِ بِالْكِتَابَةِ الَّتِي عَلَّمَهُ اللَّهُ إِيَّاهَا، وَالْوَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الزَّجَّاجُ.
الشَّرْطُ الثَّانِي فِي الْكِتَابَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: أَنَّ الْكِتَابَةَ وَإِنْ وَجَبَ أَنْ يُخْتَارَ لَهَا الْعَالِمُ بِكَيْفِيَّةِ كَتْبِ الشُّرُوطِ وَالسِّجِلَّاتِ لَكِنْ ذَلِكَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِإِمْلَاءِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ فَلْيُدْخِلْ فِي جُمْلَةِ إِمْلَائِهِ اعْتِرَافَهُ بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ فِي قَدْرِهِ/ وَجِنْسِهِ وَصِفَتِهِ وَأَجَلِهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَلِأَجْلِ ذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْإِمْلَالُ وَالْإِمْلَاءُ لُغَتَانِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: أَمْلَلْتُ عَلَيْهِ الْكِتَابَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبَنِي أَسَدٍ، وَأَمْلَيْتُ لُغَةَ تَمِيمٍ وَقَيْسٍ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِاللُّغَتَيْنِ قَالَ تَعَالَى فِي اللُّغَةِ الثَّانِيَةِ فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الْفُرْقَانِ: 5] .
ثُمَّ قَالَ: وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً وَهَذَا أَمْرٌ لِهَذَا الْمُمْلِي الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ بِأَنْ يُقِرَّ بِمَبْلَغِ الْمَالِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست