responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 92
الْجَوَابُ: إِنَّمَا ذَكَرَ الْأَجَلَ لِيُمْكِنَهُ أَنْ يَصِفَهُ بِقَوْلِهِ مُسَمًّى وَالْفَائِدَةُ فِي قَوْلِهِ مُسَمًّى لِيُعْلَمَ أَنَّ مِنْ حَقِّ الْأَجَلِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، كَالتَّوْقِيتِ بِالسَّنَةِ وَالشَّهْرِ وَالْأَيَّامِ، وَلَوْ قَالَ: إِلَى الْحَصَادِ، أَوْ إِلَى الدِّيَاسِ، أَوْ إِلَى قُدُومِ الْحَاجِّ، لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاكْتُبُوهُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ فِي المداينة بأمرين أحدهما: الكتبة وهي قوله هاهنا فَاكْتُبُوهُ الثَّانِي: الْإِشْهَادُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فَائِدَةُ الكتبة وَالْإِشْهَادِ أَنَّ مَا يَدْخُلُ فِيهِ الْأَجَلُ، تَتَأَخَّرُ فِيهِ الْمُطَالَبَةُ وَيَتَخَلَّلُهُ النِّسْيَانُ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الْجَحْدُ، فَصَارَتِ الْكِتَابَةُ كَالسَّبَبِ لِحِفْظِ الْمَالِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ حَقَّهُ قَدْ قُيِّدَ بِالْكِتَابَةِ وَالْإِشْهَادِ يَحْذَرُ مِنْ طَلَبِ الزِّيَادَةِ، وَمِنْ تَقْدِيمِ الْمُطَالَبَةِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إِذَا عَرَفَ ذَلِكَ يَحْذَرُ عَنِ الْجُحُودِ، وَيَأْخُذُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ فِي تَحْصِيلِ الْمَالِ، لِيَتَمَكَّنَ مِنْ أَدَائِهِ وَقْتَ حُلُولِ الدَّيْنِ، فَلَمَّا حَصَلَ فِي الْكِتَابَةِ وَالْإِشْهَادِ هَذِهِ الْفَوَائِدُ لَا جَرَمَ أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْقَائِلُونَ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْأَمْرِ لِلنَّدْبِ لَا إِشْكَالَ عَلَيْهِمْ فِي هَذِهِ، وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ لِلْوُجُوبِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقَالَ قَوْمٌ بِالْوُجُوبِ وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ وَالنَّخَعِيِّ وَاخْتِيَارُ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، وَقَالَ النَّخَعِيُّ يُشْهِدُ وَلَوْ عَلَى دَسْتَجَةِ بَقْلٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: هَذَا الْأَمْرُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ، وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْمُجْتَهِدِينَ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّا نَرَى جُمْهُورَ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ دِيَارِ الْإِسْلَامِ يَبِيعُونَ بِالْأَثْمَانِ الْمُؤَجَّلَةِ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ وَلَا إِشْهَادٍ، وَذَلِكَ إِجْمَاعٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِمَا، وَلِأَنَّ فِي إِيجَابِهِمَا أَعْظَمَ التَّشْدِيدِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ،
وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّهْلَةِ السَّمْحَةِ»
وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ كَانَتْ وَاجِبَةً، إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ صَارَ مَنْسُوخًا بِقَوْلِهِ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ [الْبَقَرَةِ: 283] وَهَذَا مَذْهَبُ الْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَالْحَكَمِ وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَقَالَ التَّيْمِيُّ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْهَا فَقَالَ: إِنْ شَاءَ أَشْهَدَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُشْهِدْ، أَلَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ بكتب هذه المداينة اعتبر في تلك الكتبة شَرْطَيْنِ:
الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْكَاتِبُ عَدْلًا وَهُوَ قَوْلُهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
فَاكْتُبُوهُ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَكْتُبَ، لَكِنْ ذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ، فَقَدْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ كَاتِبًا، فَصَارَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَاكْتُبُوهُ أَيْ لا بد من حصول هذه الكتبة، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً [الْمَائِدَةِ: 38] فَإِنَّ ظَاهِرَهُ وَإِنْ كَانَ يَقْتَضِي خِطَابَ الْكُلِّ بِهَذَا الْفِعْلِ، إِلَّا أَنَّا عَلِمْنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ قَطْعِ الْيَدِ مِنْ إِنْسَانٍ وَاحِدٍ، إِمَّا الإمام أو نائبه أو المولى، فكذا هاهنا ثُمَّ تَأَكَّدَ هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ على أن المقصود حصول هذه الكتبة مِنْ أَيِّ شَخْصٍ كَانَ.
أَمَّا قَوْلُهُ بِالْعَدْلِ فَفِيهِ وُجُوهٌ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكْتُبَ بِحَيْثُ لَا يَزِيدُ فِي الدَّيْنِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ، وَيَكْتُبُهُ بِحَيْثُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً لَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ الثَّانِي: إِذَا كَانَ فَقِيهًا وَجَبَ أَنْ يَكْتُبَ بِحَيْثُ لَا يَخُصُّ أَحَدَهُمَا بِالِاحْتِيَاطِ دُونَ الْآخَرِ، بَلْ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكْتُبَهُ بِحَيْثُ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْخَصْمَيْنِ/ آمِنًا مِنْ تَمَكُّنِ الْآخَرِ مِنْ إِبْطَالِ حَقِّهِ الثَّالِثُ: قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: الْعَدْلُ أَنْ يَكُونَ مَا يَكْتُبُهُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا يَكُونُ بِحَيْثُ يَجِدُ قَاضٍ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست