responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 74
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْعِلَّةَ هُوَ الْقُوتُ أَوْ مَا يَصْلُحُ بِهِ الْقُوتُ، وَهُوَ الْمِلْحُ.
وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ: وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ: أَنَّ كُلَّ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَفِيهِ الرِّبَا، فَهَذَا ضَبْطُ مَذَاهِبِ النَّاسِ فِي حُكْمِ الرِّبَا، وَالْكَلَامُ فِي تَفَارِيعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَا يَلِيقُ بِالتَّفْسِيرِ.
الْمَسْأَلَةُ الرابعة: ذكروا في سبب تحريم الربا وجوهاًأحدها: الرِّبَا يَقْتَضِي أَخْذَ مَالِ الْإِنْسَانِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، لِأَنَّ مَنْ يَبِيعُ الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ نَقْدًا أَوْ نَسِيئَةً فَيَحْصُلُ لَهُ زِيَادَةُ دِرْهَمٍ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، وَمَالُ الْإِنْسَانِ مُتَعَلَّقُ حَاجَتِهِ وَلَهُ حُرْمَةٌ عَظِيمَةٌ،
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حُرْمَةُ مَالِ الْإِنْسَانِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ»
فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَخْذُ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ مُحَرَّمًا.
فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِبَقَاءِ رَأْسِ الْمَالِ فِي يَدِهِ مُدَّةً مَدِيدَةً عِوَضًا عَنِ الدِّرْهَمِ الزَّائِدِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ لَوْ بَقِيَ فِي يَدِهِ هَذِهِ الْمُدَّةَ لَكَانَ يُمْكِنُ الْمَالِكُ أَنْ يَتَّجِرَ فِيهِ وَيَسْتَفِيدَ بِسَبَبِ تِلْكَ التِّجَارَةِ رِبْحًا فَلَمَّا تَرَكَهُ فِي يَدِ الْمَدْيُونِ وَانْتَفَعَ بِهِ الْمَدْيُونُ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى رَبِّ الْمَالِ ذَلِكَ الدِّرْهَمَ الزَّائِدَ عِوَضًا عَنِ انْتِفَاعِهِ بِمَالِهِ.
قُلْنَا: إِنَّ هَذَا الِانْتِفَاعَ الَّذِي ذَكَرْتُمْ أَمْرٌ مَوْهُومٌ قَدْ يَحْصُلُ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ، وَأَخْذُ الدِّرْهَمِ الزَّائِدِ أَمْرٌ مُتَيَقَّنٌ، فَتَفْوِيتُ الْمُتَيَقَّنِ لِأَجْلِ الْأَمْرِ الْمَوْهُومِ لَا يَنْفَكُّ عَنْ نَوْعِ ضَرَرٍ وَثَانِيهَا: قَالَ بَعْضُهُمْ: اللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا حَرَّمَ الرِّبَا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَمْنَعُ النَّاسَ عَنِ الِاشْتِغَالِ بِالْمَكَاسِبِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ صَاحِبَ الدِّرْهَمِ إِذَا تَمَكَّنَ بِوَاسِطَةِ عَقْدِ الرِّبَا مِنْ تَحْصِيلِ الدِّرْهَمِ الزَّائِدِ نَقْدًا كَانَ أَوْ نَسِيئَةً خَفَّ عَلَيْهِ اكْتِسَابُ وَجْهِ الْمَعِيشَةِ، فَلَا يَكَادُ يَتَحَمَّلُ مَشَقَّةَ الْكَسْبِ وَالتِّجَارَةِ وَالصِّنَاعَاتِ الشَّاقَّةِ، وَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى انْقِطَاعِ مَنَافِعِ الْخَلْقِ، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَصَالِحَ الْعَالَمِ لَا تَنْتَظِمُ إِلَّا بِالتِّجَارَاتِ وَالْحِرَفِ وَالصِّنَاعَاتِ وَالْعِمَارَاتِ وَثَالِثُهَا: قِيلَ: السَّبَبُ فِي تَحْرِيمِ عَقْدِ الرِّبَا، أَنَّهُ يُفْضِي إِلَى انْقِطَاعِ الْمَعْرُوفِ بَيْنَ النَّاسِ مِنَ الْقَرْضِ، لِأَنَّ الرِّبَا إِذَا طَابَتِ النُّفُوسُ بِقَرْضِ الدِّرْهَمِ وَاسْتِرْجَاعِ مِثْلِهِ، وَلَوْ حَلَّ الرِّبَا لَكَانَتْ حَاجَةُ الْمُحْتَاجِ تَحْمِلُهُ عَلَى أَخْذِ الدِّرْهَمِ بِدِرْهَمَيْنِ، فَيُفْضِي ذَلِكَ إِلَى انْقِطَاعِ الْمُوَاسَاةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ وَرَابِعُهَا: هُوَ أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُقْرِضَ يَكُونُ غَنِيًّا، وَالْمُسْتَقْرِضَ يَكُونُ فَقِيرًا، فَالْقَوْلُ/ بِتَجْوِيزِ عَقْدِ الرِّبَا تَمْكِينٌ لِلْغَنِيِّ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الفقير الضعيف ما لا زَائِدًا، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ بِرَحْمَةِ الرَّحِيمِ وَخَامِسُهَا: أَنَّ حُرْمَةَ الرِّبَا قَدْ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ، وَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حِكَمُ جَمِيعِ التَّكَالِيفِ مَعْلُومَةً لِلْخَلْقِ، فَوَجَبَ الْقَطْعُ بِحُرْمَةِ عَقْدِ الرِّبَا، وَإِنْ كُنَّا لَا نَعْلَمُ الْوَجْهَ فِيهِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يَقُومُونَ فَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا: الْمُرَادُ مِنْهُ الْقِيَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ مِنْهُ الْقِيَامُ مِنَ الْقَبْرِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ، فَوَجَبَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِمَا.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: التَّخَبُّطُ مَعْنَاهُ الضَّرْبُ عَلَى غَيْرِ اسْتِوَاءٍ، وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِي أَمْرٍ وَلَا يَهْتَدِي فِيهِ: إِنَّهُ يَخْبِطُ خَبْطَ عَشْوَاءَ، وَخَبَطَ الْبَعِيرُ لِلْأَرْضِ بِأَخْفَافِهِ، وَتَخَبَّطَهُ الشَّيْطَانُ إِذَا مَسَّهُ بِخَبَلٍ أَوْ جُنُونٍ لِأَنَّهُ كَالضَّرْبِ عَلَى غَيْرِ الِاسْتِوَاءِ فِي الْإِدْهَاشِ، وَتُسَمَّى إِصَابَةُ الشَّيْطَانِ بِالْجُنُونِ وَالْخَبَلِ خَبْطَةً، وَيُقَالُ: بِهِ خَبْطَةٌ مِنْ جُنُونِ، وَالْمَسُّ الْجُنُونُ، يُقَالُ: مُسَّ الرَّجُلُ فَهُوَ مَمْسُوسٌ وَبِهِ مَسٌّ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْمَسِّ بِالْيَدِ، كَأَنَّ الشيطان يمس

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 7  صفحه : 74
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست