responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 346
لُدًّا
[مَرْيَمَ: 97] وَهُوَ كَقَوْلِهِ: بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ [الزُّخْرُفِ: 58] يُقَالُ: مِنْهُ لَدَّ يَلَدُّ، بِفَتْحِ اللَّامِ فِي يَفْعَلُ مِنْهُ، فَهُوَ أَلَدُّ، إِذَا كَانَ خَصِمًا، وَلَدَدْتُ الرَّجُلَ أَلُدُّهُ بِضَمِّ اللَّامِ، إِذَا غَلَبْتَهُ بِالْخُصُومَةِ، قَالَ الزَّجَّاجُ اشْتِقَاقُهُ مِنْ لَدِيدَتَيِ الْعُنُقِ وَهُمَا صَفْحَتَاهُ، وَلَدِيدَيِ الْوَادِي، وَهُمَا جَانِبَاهُ، وَتَأْوِيلُهُ أَنَّهُ فِي أَيِّ وَجْهٍ أَخْذَهُ خَصْمُهُ مِنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ فِي أَبْوَابِ الْخُصُومَةِ غَلَبَ مَنْ خَاصَمَهُ.
وَأَمَّا الْخِصامِ فَفِيهِ قَوْلَانِ أحدهما: وهو قول خليل: إنه مصدر بمعنى المخاصمة، كالقتال والطعام بِمَعْنَى الْمُقَاتَلَةِ وَالْمُطَاعَنَةِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: وَهُوَ شَدِيدُ الْمُخَاصَمَةِ، ثُمَّ فِي هَذِهِ الْإِضَافَةِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ بِمَعْنَى فِي وَالتَّقْدِيرُ: أَلَدُّ فِي الْخِصَامِ وَالثَّانِي: أَنَّهُ جَعَلَ الْخِصَامَ أَلَدَّ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْخِصَامَ جَمْعُ خَصْمٍ، كَصِعَابٍ وَصَعْبٍ، وَضِخَامٍ وَضَخْمٍ، وَالْمَعْنَى: وَهُوَ أَشَدُّ الْخُصُومِ خُصُومَةً، وَهَذَا قَوْلُ الزَّجَّاجِ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي الْأَخْنَسِ بْنِ شَرِيقٍ عَلَى مَا شَرَحْنَاهُ:
وَفِيهِ نَزَلَ أَيْضًا قَوْلُهُ: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ [الْهُمَزَةِ: 1] وَقَوْلُهُ: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ [الْقَلَمِ: 10، 11] ثُمَّ لِلْمُفَسِّرِينَ عِبَارَاتٌ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ، قَالَ مُجَاهِدٌ أَلَدُّ الْخِصامِ
مَعْنَاهُ:
طَالِبٌ لَا يَسْتَقِيمُ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: أَعْوَجُ الْخِصَامِ وَقَالَ قَتَادَةُ أَلَدُّ الْخِصَامِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ جَدِلٌ بِالْبَاطِلِ، شَدِيدُ القصوة فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، عَالِمُ اللِّسَانِ جَاهِلُ الْعَمَلِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: تَمَسَّكَ الْمُنْكِرُونَ لِلنَّظَرِ وَالْجَدَلِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، قَالُوا إِنَّهُ تَعَالَى ذَمَّ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ بِكَوْنِهِ شَدِيدًا فِي الْجَدَلِ، وَلَوْلَا أَنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ مِنْ صِفَاتِ الذَّمِّ، وَإِلَّا لَمَا جَازَ ذَلِكَ وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ [الْبَقَرَةِ: 197] .
الصِّفَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسادَ اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ مِنْ حَالِ ذَلِكَ الْإِنْسَانِ أَنَّهُ حُلْوُ الْكَلَامِ، وَأَنَّهُ يُقَرِّرُ/ صِدْقَ قَوْلِهِ بِالِاسْتِشْهَادِ بِاللَّهِ وَأَنَّهُ أَلَدُّ الْخِصَامِ، بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَا ذَكَرَهُ بِاللِّسَانِ فَقَلْبُهُ مُنْطَوٍ عَلَى ضِدِّ ذَلِكَ فَقَالَ: وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها ثُمَّ فِي الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا تَوَلَّى فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: مَعْنَاهُ وَإِذَا انْصَرَفَ مِنْ عِنْدِكَ سَعَى فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ، ثُمَّ هَذَا الْفَسَادُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ مِنْ إِتْلَافِ الْأَمْوَالِ بِالتَّخْرِيبِ وَالتَّحْرِيقِ وَالنَّهْبِ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ ذَكَرُوا رِوَايَاتٍ مِنْهَا مَا قَدَّمْنَا أَنَّ الْأَخْنَسَ لَمَّا أَظْهَرَ لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ يُحِبُّهُ وَأَنَّهُ عَلَى عَزْمٍ أَنْ يُؤْمِنَ فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ مَرَّ بِزَرْعٍ لِلْمُسْلِمِينَ فَأَحْرَقَ الزَّرْعَ وَقَتَلَ الْحُمُرَ، وَمِنْهَا أَنَّهُ لَمَّا انْصَرَفَ مِنْ بَدْرٍ مَرَّ بِبَنِي زُهْرَةَ وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَقِيفٍ خُصُومَةٌ فَبَيَّتَهُمْ لَيْلًا وَأَهْلَكَ مَوَاشِيَهُمْ وَأَحْرَقَ زَرْعَهُمْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي فِي تَفْسِيرِ الْفَسَادِ: أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ الِانْصِرَافِ مِنْ حَضْرَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَشْتَغِلُ بِإِدْخَالِ الشُّبَهِ فِي قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ، وَبِاسْتِخْرَاجِ الْحِيَلِ فِي تَقْوِيَةِ الْكُفْرِ، وَهَذَا الْمَعْنَى يُسَمَّى فَسَادًا، قَالَ تَعَالَى: حِكَايَةً عَنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ حَيْثُ قَالُوا لَهُ: أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ [الْأَعْرَافِ: 127] أَيْ يَرُدُّوا قَوْمَكَ عَنْ دِينِهِمْ، وَيُفْسِدُوا عَلَيْهِمْ شَرِيعَتَهُمْ، وَقَالَ أَيْضًا: إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ [غَافِرٍ: 26] وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي تَفْسِيرِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ [الْبَقَرَةِ: 11] مَا يَقْرُبُ مِنْ هَذَا الوجه،

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 346
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست