responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 330
الذِّكْرِ، فَصَحَّ أَنْ يُسَمِّيَ الشُّكْرَ ذِكْرًا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الذِّكْرَ الثَّانِيَ هُوَ الشُّكْرُ أَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْهِدَايَةِ، فَقَالَ: كَما هَداكُمْ وَالذِّكْرُ الْمُرَتَّبُ عَلَى النِّعْمَةِ لَيْسَ إِلَّا الشُّكْرَ وَثَامِنُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا قَالَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ جَازَ أَنْ يُظَنَّ أَنَّ الذِّكْرَ مُخْتَصٌّ بِهَذِهِ الْبُقْعَةِ وَبِهَذِهِ الْعِبَادَةِ، يَعْنِي الْحَجَّ فَأَزَالَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الشُّبْهَةَ فَقَالَ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ يَعْنِي اذْكُرُوهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَفِي كُلِّ مَكَانٍ، لِأَنَّ هَذَا الذِّكْرَ إِنَّمَا وَجَبَ شُكْرًا عَلَى هِدَايَتِهِ، فَلَمَّا كَانَتْ نِعْمَةُ الْهِدَايَةِ مُتَوَاصِلَةً غَيْرَ مُنْقَطِعَةٍ، فَكَذَلِكَ الشُّكْرُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَمِرًا غَيْرَ مُنْقَطِعٍ وَتَاسِعُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ الْمُرَادُ مِنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ صَلَاتَيِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ هُنَاكَ، ثُمَّ قَوْلُهُ: وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَالْمُرَادُ مِنْهُ التَّهْلِيلُ وَالتَّسْبِيحُ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: مَا الْمُرَادُ مِنَ الْهِدَايَةِ فِي قَوْلِهِ: كَما هَداكُمْ؟
الْجَوَابُ: مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهَا خَاصَّةٌ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ كَمَا هَدَاكُمْ بِأَنْ رَدَّكُمْ فِي مَنَاسِكِ حَجِّكُمْ إِلَى سُنَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا بَلْ هِيَ عَامَّةٌ مُتَنَاوِلَةٌ لِكُلِّ أَنْوَاعِ الْهِدَايَةِ فِي مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَعْرِفَةِ مَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَشَرَائِعِهِ.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: مِنْ قَبْلِهِ إِلَى مَاذَا يَعُودُ؟.
الْجَوَابُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا إِلَى الْهَدْيِ وَالتَّقْدِيرُ: وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ هَدَاكُمْ مِنَ الضَّالِّينَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى الْقُرْآنِ، وَالتَّقْدِيرُ: وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ بِكِتَابِهِ الَّذِي بَيَّنَ لَكُمْ مَعَالِمَ دِينِهِ، وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِ إِنْزَالِهِ ذلك عَلَيْكُمْ مِنَ الضَّالِّينَ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ فَقَالَ الْقَفَّالُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: وَمَا كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ إِلَّا الضَّالِّينَ وَالثَّانِي: قَدْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الضَّالِّينَ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ [الطَّارِقِ: 4] وقوله: وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ [الشعراء 186] .

[سورة البقرة (2) : آية 199]
ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)
[في قوله تعالى ثم أفيضوا] فِيهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ: الْمُرَادُ بِهِ الْإِفَاضَةُ مِنْ عَرَفَاتٍ، ثُمَّ الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْلِ اخْتَلَفُوا فَالْأَكْثَرُونَ مِنْهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أَمْرٌ لِقُرَيْشٍ وَحُلَفَائِهَا وَهُمُ الْحُمْسُ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَتَجَاوَزُونَ الْمُزْدَلِفَةَ وَيَحْتَجُّونَ بِوُجُوهٍ أَحَدُهَا: أَنَّ الْحَرَمَ أَشْرَفُ مِنْ غَيْرِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْوُقُوفُ بِهِ أَوْلَى وَثَانِيهَا: أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَرَفَّعُونَ عَلَى النَّاسِ وَيَقُولُونَ: نَحْنُ أَهْلُ اللَّهِ فَلَا نُحِلُّ حَرَمَ اللَّهِ وَثَالِثُهَا: أَنَّهُمْ كَانُوا لَوْ سَلَّمُوا أَنَّ الْمَوْقِفَ هُوَ عَرَفَاتٌ لَا الْحَرَمُ، لَكَانَ ذَلِكَ يُوهِمُ نَقْصًا فِي الْحَرَمِ ثُمَّ ذَلِكَ النَّقْصُ كَانَ يَعُودُ إِلَيْهِمْ، وَلِهَذَا كَانَ الْحُمْسُ لَا يَقِفُونَ إِلَّا فِي الْمُزْدَلِفَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ أَمْرًا لَهُمْ بِأَنْ يَقِفُوا فِي عَرَفَاتٍ، وَأَنْ يُفِيضُوا مِنْهَا كَمَا تَفْعَلُهُ سَائِرُ النَّاسِ،
وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمَّا جَعَلَ أَبَا بَكْرٍ أَمِيرًا فِي الْحَجِّ أَمَرَهُ بِإِخْرَاجِ النَّاسِ إِلَى عَرَفَاتٍ، فَلَمَّا ذَهَبَ مَرَّ عَلَى الْحُمْسِ وَتَرَكَهُمْ فَقَالُوا لَهُ: إِلَى أَيْنَ وَهَذَا مَقَامُ آبَائِكَ وَقَوْمِكَ فَلَا تَذْهَبْ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِمْ وَمَضَى بِأَمْرِ اللَّهِ إِلَى عَرَفَاتٍ وَوَقَفَ بِهَا، وَأَمَرَ سَائِرَ النَّاسِ بِالْوُقُوفِ بِهَا،
وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فَقَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ يَعْنِي لِتَكُنْ إِفَاضَتُكُمْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ سَائِرُ النَّاسِ الَّذِينَ هُمْ وَاقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ، وَمِنَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الآية الإضافة مِنْ عَرَفَاتٍ مَنْ يَقُولُ قَوْلُهُ: ثُمَّ أَفِيضُوا أَمْرٌ عَامٌّ لِكُلِّ النَّاسِ، وَقَوْلُهُ: / مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 5  صفحه : 330
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست