responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 99
هِيَ الْكَعْبَةُ، وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَهُوَ أَنَّ مُبَالَغَةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْظِيمِ الْكَعْبَةِ أَمْرٌ بَلَغَ مَبْلَغَ التَّوَاتُرِ وَالصَّلَاةُ مِنْ أَعْظَمِ شَعَائِرِ الدِّينِ وَتَوْقِيفُ صِحَّتِهَا عَلَى اسْتِقْبَالِ عَيْنِ الْكَعْبَةِ بِمَا يُوجِبُ حُصُولَ مَزِيدِ شَرَفِ الْكَعْبَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَشْرُوعًا وَلِأَنَّ كَوْنَ الْكَعْبَةِ قِبْلَةً أَمْرٌ مَعْلُومٌ، وَكَوْنَ غَيْرِهَا قِبْلَةً أَمْرٌ مَشْكُوكٌ، وَالْأَوْلَى رِعَايَةُ الِاحْتِيَاطِ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَبَ تَوْقِيفُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ، وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِأُمُورٍ. الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يُوَلِّيَ وَجْهَهُ إِلَى جَانِبِهِ فَمَنْ وَلَّى وَجْهَهُ إِلَى الْجَانِبِ الَّذِي حَصَلَتِ الْكَعْبَةُ فِيهِ فَقَدْ أَتَى بِمَا أُمِرَ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَقْبِلًا لِلْكَعْبَةِ أَمْ لَا فَوَجَبَ أَنْ يَخْرُجَ عَنِ الْعُهْدَةِ، وَأَمَّا الْخَبَرُ فَمَا
رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ: «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» ،
قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ كُلَّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ بَيْنَ مَشْرِقٍ وَمَغْرِبٍ فَهُوَ قِبْلَةٌ: لِأَنَّ جَانِبَ الْقُطْبِ الشَّمَالِيِّ يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَهُوَ بِالِاتِّفَاقِ لَيْسَ بِقِبْلَةٍ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي هُوَ بَيْنَ مَشْرِقٍ مُعَيَّنٍ وَمَغْرِبٍ مُعَيَّنٍ قِبْلَةٌ وَنَحْنُ نَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الَّذِي يَكُونُ بَيْنَ الْمَشْرِقِ الشِّتْوِيِّ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ الصَّيْفِيِّ فَإِنَّ ذَلِكَ قِبْلَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَشْرِقَ الشِّتْوِيَّ جَنُوبِيٌّ مُتَبَاعِدٌ عَنْ خَطِّ الِاسْتِوَاءِ بِمِقْدَارِ الْمَيْلِ وَالْمَغْرِبَ الصَّيْفِيَّ شَمَالِيٌّ مُتَبَاعِدٌ عَنْ خَطِّ الِاسْتِوَاءِ بِمِقْدَارِ الْمَيْلِ وَالَّذِي بَيْنَهُمَا هُوَ سَمْتُ مَكَّةَ قَالُوا: فَهَذَا الْحَدِيثُ بِأَنْ يَدُلَّ عَلَى مَذْهَبِنَا أَوْلَى مِنْهُ بِالدَّلَالَةِ عَلَى مَذْهَبِكُمْ أَمَّا فِعْلُ/ الصَّحَابَةِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ. الْأَوَّلُ: أَنَّ أَهْلَ مَسْجِدِ قُبَاءَ كَانُوا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بِالْمَدِينَةِ مُسْتَقْبِلِينَ لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، مُسْتَدْبِرِينَ لِلْكَعْبَةِ، لِأَنَّ الْمَدِينَةَ بَيْنَهُمَا فَقِيلَ لَهُمْ: أَلَا إِنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَاسْتَدَارُوا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ دَلَالَةٍ، وَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وَسُمِّيَ مَسْجِدُهُمْ بِذِي الْقِبْلَتَيْنِ، وَمُقَابَلَةُ الْعَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ لَا تُعْرَفُ إِلَّا بِأَدِلَّةٍ هَنْدَسِيَّةٍ يَطُولُ النَّظَرُ فِيهَا فَكَيْفَ أَدْرَكُوهَا عَلَى الْبَدِيهَةِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَفِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ. الثَّانِي: أَنَّ النَّاسَ مِنْ عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنَوُا الْمَسَاجِدَ فِي جَمِيعِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يُحْضِرُوا قَطُّ مُهَنْدِسًا عِنْدَ تَسْوِيَةِ الْمِحْرَابِ، وَمُقَابَلَةُ الْعَيْنِ لَا تُدْرَكُ إِلَّا بِدَقِيقِ نَظَرِ الْهَنْدَسَةِ.
وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَمِنْ وُجُوهٍ. الْأَوَّلُ: لَوْ كَانَ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ وَاجِبًا إِمَّا عِلْمًا أَوْ ظَنًّا، وَجَبَ أَنْ لَا تَصِحَّ صَلَاةُ أَحَدٍ قَطُّ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ مُحَاذَاةُ الْكَعْبَةِ مِقْدَارَ نَيْفٍ وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَهْلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَقِفُوا فِي مُحَاذَاةِ هَذَا الْمِقْدَارِ، بَلِ الْمَعْلُومُ أَنَّ الَّذِي يَقَعُ مِنْهُمْ فِي مُحَاذَاةِ هَذَا الْقَدْرِ الْقَلِيلِ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كَثِيرٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ بِالْغَالِبِ، وَالنَّادِرُ مُلْحَقٌ بِهِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا تَصِحَّ صَلَاةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ لَا سِيَّمَا وَذَلِكَ الَّذِي وَقَعَ فِي مُحَاذَاةِ الْكَعْبَةِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي مُحَاذَاتِهَا، وَحَيْثُ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ الْكُلِّ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُحَاذَاةَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فَإِنْ قِيلَ: الدَّائِرَةُ وَإِنْ كَانَتْ عَظِيمَةً إِلَّا أَنَّ جَمِيعَ النُّقَطِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَيْهَا تَكُونُ مُحَاذِيَةً لِمَرْكَزِ الدَّائِرَةِ فَالصُّفُوفُ الْوَاقِعَةُ فِي الْعَالَمِ بِأَسْرِهَا كَأَنَّهَا دَائِرَةٌ بِالْكَعْبَةِ، وَالْكَعْبَةُ كَأَنَّهَا نُقْطَةٌ لِتِلْكَ الدَّائِرَةِ إِلَّا أَنَّ الدَّائِرَةَ إِذَا صَغُرَتْ صَغُرَ التَّقَوُّسُ وَالِانْحِنَاءُ فِي جَمِيعِهَا، وَإِنِ اتَّسَعَتْ وَعَظُمَتْ لَمْ يَظْهَرِ التَّقَوُّسُ وَالِانْحِنَاءُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ قِسْمَيْهَا، بَلْ نَرَى كُلَّ قِطْعَةٍ مِنْهَا شَبِيهًا بِالْخَطِّ الْمُسْتَقِيمِ، فَلَا جَرَمَ صَحَّتِ الْجَمَاعَةُ بِصَفٍّ طَوِيلٍ فِي الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ يَزِيدُ طُولُهَا عَلَى أَضْعَافِ الْبَيْتِ، وَالْكُلُّ يُسَمَّوْنَ مُتَوَجِّهِينَ إِلَى عَيْنِ الْكَعْبَةِ، قُلْنَا: هَبْ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى مَا ذَكَرْتُمُوهُ وَلَكِنَّ الْقِطْعَةَ مِنَ الدَّائِرَةِ الْعَظِيمَةِ وَإِنْ كَانَتْ شَبِيهَةً بِالْخَطِّ الْمُسْتَقِيمِ فِي الْحِسِّ، إِلَّا أَنَّهَا لَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ منحية فِي نَفْسِهَا، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي نَفْسِهَا مُسْتَقِيمَةً، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي جَمِيعِ قِطَعِ تِلْكَ الدَّائِرَةِ، فَحِينَئِذٍ تَكُونُ الدَّائِرَةُ مُرَكَّبَةً مِنْ خُطُوطٍ مُسْتَقِيمَةٍ يَتَّصِلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، فَيَلْزَمُ أَنْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست