responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 100
تَكُونَ الدَّائِرَةُ إِمَّا مُضَلَّعَةً أَوْ خَطًّا مُسْتَقِيمًا وَكُلُّ ذَلِكَ مُحَالٌ، فَعَلِمْنَا أَنَّ كُلَّ قِطْعَةٍ مِنَ الدَّائِرَةِ الْكَبِيرَةِ فَهِيَ فِي نَفْسِهَا مُنْحَنِيَةٌ، فَالصُّفُوفُ الْمُتَّصِلَةُ فِي أَطْرَافِ الْعَالَمِ إِنَّمَا يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُسْتَقْبِلًا لِعَيْنِ الْكَعْبَةِ لَوْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الصُّفُوفُ وَاقِعَةً عَلَى الْخَطِّ الْمُسْتَقِيمِ، بَلْ إِذَا حَصَلَ فِيهَا ذَلِكَ الِانْحِنَاءُ الْقَلِيلُ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ الِانْحِنَاءَ الْقَلِيلَ الَّذِي لَا يَفِي بِإِدْرَاكِهِ الْحِسُّ الْبَتَّةَ، لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلِّ التَّكْلِيفِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الصُّفُوفِ جَاهِلًا بِأَنَّهُ هَلْ هُوَ مُسْتَقْبِلٌ لِعَيْنِ الْكَعْبَةِ أَمْ لَا فَلَوْ كَانَ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ شرطاً لكان حصول هذا الشرط مجهولًا للكل، وَالشَّكُّ فِي حُصُولِ الشَّرْطِ يَقْتَضِي الشَّكَّ فِي حُصُولِ الْمَشْرُوطِ، فَوَجَبَ أَنْ يَبْقَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصُّفُوفِ شَاكًّا فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي/ أَنْ لَا يَخْرُجَ عَنِ الْعُهْدَةِ الْبَتَّةَ، وَحَيْثُ اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّ اسْتِقْبَالَ الْعَيْنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لَا عِلْمًا وَلَا ظَنًّا، وَهَذَا كَلَامٌ بَيِّنٌ. الثَّانِي:
أَنَّهُ لَوْ كَانَ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ وَاجِبًا وَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ إِلَّا بِالدَّلَالَةِ الْهَنْدَسِيَّةِ، وَمَا لَا يَتَأَدَّى الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، فَكَانَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ تَعَلُّمُ الدَّلَالَةِ الْهَنْدَسِيَّةِ وَاجِبًا عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّ اسْتِقْبَالَ عَيْنِ الْكَعْبَةِ غَيْرُ وَاجِبٍ فَإِنْ قِيلَ: عِنْدَنَا اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْجِهَةِ وَاجِبٌ ظَنًّا لَا يَقِينًا، وَالْمُفْتَقِرُ إِلَى الدَّلَائِلِ الْهَنْدَسِيَّةِ هُوَ الِاسْتِقْبَالُ يَقِينًا لَا ظَنًّا، قُلْنَا: لَوْ كَانَ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ وَاجِبًا لَكَانَ الْقَادِرُ عَلَى تَحْصِيلِ الْيَقِينِ لَا يَجُوزُ لَهُ الِاكْتِفَاءُ بِالظَّنِّ، وَالرَّجُلُ قَادِرٌ عَلَى تَحْصِيلِ ذَلِكَ بِوَاسِطَةِ تَعَلُّمِ الدَّلَائِلِ الْهَنْدَسِيَّةِ فَكَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُ تِلْكَ الدَّلَائِلِ، وَلَمَّا لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّ اسْتِقْبَالَ عَيْنِ الْكَعْبَةِ وَاجِبٌ. الثَّالِثُ: لَوْ كَانَ اسْتِقْبَالُ الْعَيْنِ وَاجِبًا إِمَّا عِلْمًا أَوْ ظَنًّا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ الظَّنِّ إِلَّا بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَمَارَاتِ، وَمَا لَا يَتَأَدَّى الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، فَكَانَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ تَعَلُّمُ تِلْكَ الْأَمَارَاتِ فَرْضَ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ، وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّ اسْتِقْبَالَ الْعَيْنِ غَيْرُ وَاجِبٍ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: فِي دَلَائِلِ الْقِبْلَةِ: اعْلَمْ أَنَّ الدَّلَائِلَ إِمَّا أَرْضِيَّةٌ وَهِيَ الِاسْتِدْلَالُ بِالْجِبَالِ، وَالْقُرَى، وَالْأَنْهَارِ، أَوْ هَوَائِيَّةٌ وَهِيَ الِاسْتِدْلَالُ بِالرِّيَاحِ، أَوْ سَمَاوِيَّةٌ وهي النجوم.
أما الأرضية والهوائية غير مَضْبُوطَةٍ ضَبْطًا كُلِّيًّا، فَرُبَّ طَرِيقٍ فِيهِ جَبَلٌ مُرْتَفِعٌ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ عَلَى يَمِينِ الْمُسْتَقْبِلِ أَوْ شِمَالِهِ أَوْ قُدَّامَهُ أَوْ خَلْفَهُ، فَكَذَلِكَ الرِّيَاحُ قَدْ تَدُلُّ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ وَلَسْنَا نَقْدِرُ عَلَى اسْتِقْصَاءِ ذَلِكَ، إِذْ كُلُّ بَلَدٍ بِحُكْمٍ آخَرَ فِي ذَلِكَ.
أَمَّا السَّمَاوِيَّةُ فَأَدِلَّتُهَا مِنْهَا تَقْرِيبِيَّةٌ وَمِنْهَا تَحْقِيقِيَّةٌ، أَمَّا التَّقْرِيبِيَّةُ فَقَدْ قَالُوا: هَذِهِ الْأَدِلَّةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ نَهَارِيَّةً أَوْ لَيْلِيَّةً، أَمَّا النَّهَارِيَّةُ فَالشَّمْسُ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يُرَاعَى قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنَ الْبَلَدِ أَنَّ الشَّمْسَ عِنْدَ الزَّوَالِ أَهِيَ بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ، أَمْ هِيَ عَلَى الْعَيْنِ الْيُمْنَى أَمِ الْيُسْرَى، أَوْ تَمِيلُ إِلَى الْجَبِينِ مَيْلًا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ الشَّمْسَ لَا تَعْدُو فِي الْبِلَادِ الشَّمَالِيَّةِ هَذِهِ الْمَوَاقِعَ، وَكَذَلِكَ يُرَاعَى مَوْقِعُ الشَّمْسِ وَقْتَ الْعَصْرِ، وَأَمَّا وَقْتُ الْمَغْرِبِ فَإِنَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِمَوْضِعِ الْغُرُوبِ، وَهُوَ أَنْ يُعْرَفَ بِأَنَّ الشَّمْسَ تَغْرُبُ عَنْ يَمِينِ الْمُسْتَقْبِلِ، أَوْ هِيَ مَائِلَةٌ إِلَى وَجْهِهِ أَوْ قَفَاهُ، وَكَذَلِكَ يُعْرَفُ وَقْتُ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ بِمَوْضِعِ الشَّفَقِ، وَيُعْرَفُ وَقْتُ الصُّبْحِ بمشرق الشمس، فكأن الشَّمْسُ تَدُلُّ عَلَى الْقِبْلَةِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَلَكِنْ يَخْتَلِفُ حُكْمُ ذَلِكَ بِالشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَإِنَّ الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ كَثِيرَةٌ، وَكَذَلِكَ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِي هَذَا الْبَابِ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْبِلَادِ، وَأَمَّا اللَّيْلِيَّةُ فَهُوَ أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَى الْقِبْلَةِ بِالْكَوْكَبِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْجَدْيُ، فَإِنَّهُ كَوْكَبٌ كَالثَّابِتِ لَا تَظْهَرُ حَرَكَتُهُ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَذَلِكَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى قَفَا الْمُسْتَقْبِلِ أَوْ مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 100
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست