responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 61
إِلَى كِتَابِ اللَّهِ، وَسَائِرُ الْعَرَبِ وَهُمُ الْعَدْنَانِيُّونَ فَمَرْجِعُهُمْ إِلَى إِسْمَاعِيلَ وَهُمْ يَفْتَخِرُونَ عَلَى الْقَحْطَانِيِّينَ بِإِسْمَاعِيلَ بِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ النُّبُوَّةِ، فَرَجَعَ عِنْدَ التَّحْقِيقِ افْتِخَارُ الْكُلِّ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ الَّذِي طَلَبَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بَعْثَةَ هَذَا الرَّسُولِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَهُوَ الَّذِي تَضَرَّعَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي تَحْصِيلِ هَذَا الْمَقْصُودِ، فَالْعَجَبُ مِمَّنْ أَعْظَمُ مَفَاخِرِهِ وَفَضَائِلِهِ الِانْتِسَابُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ إِنَّهُ لَا يُؤْمِنُ بِالرَّسُولِ الَّذِي هُوَ دَعْوَةُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَطْلُوبُهُ بِالتَّضَرُّعِ لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُتَعَجَّبَ مِنْهُ.
أَمَّا قَوْلُهُ: وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: يُقَالُ: رَغِبْتُ مِنَ الْأَمْرِ إِذَا كَرِهْتَهُ، وَرَغِبْتُ فِيهِ إذا أردته. و «من» الْأُولَى اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى الْإِنْكَارِ، وَالثَّانِيَةُ بِمَعْنَى الَّذِي، قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ: مَنْ سَفِهَ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يَرْغَبُ وَإِنَّمَا صَحَّ الْبَدَلُ لِأَنَّ مَنْ يَرْغَبُ غَيْرُ مُوجِبٍ كَقَوْلِكَ: هَلْ جَاءَكَ أَحَدٌ إِلَّا زَيْدٌ.
المسألة الثانية: لقائل أن يقول هاهنا سُؤَالٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ هُوَ الْمِلَّةُ الَّتِي جَاءَ بِهَا مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْكَلَامِ تَرْغِيبُ النَّاسِ فِي قَبُولِ هَذَا الدِّينِ فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ عَيْنُ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، أَوْ يُقَالَ: هَذِهِ الْمِلَّةُ هِيَ تِلْكَ الْمِلَّةُ فِي الْأُصُولِ أَعْنِي التَّوْحِيدَ وَالنُّبُوَّةَ وَرِعَايَةَ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَلَكِنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي فُرُوعِ الشَّرَائِعِ وَكَيْفِيَّةِ الْأَعْمَالِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ: فَبَاطِلٌ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يَدَّعِي أَنَّ شَرْعَهُ نَسَخَ كُلَّ الشَّرَائِعِ، فَكَيْفَ يُقَالُ هَذَا الشَّرْعُ هُوَ عَيْنُ ذَلِكَ الشَّرْعِ.
وَأَمَّا الثَّانِي: فَهُوَ لَا يُفِيدُ الْمَطْلُوبَ لِأَنَّ الِاعْتِرَافَ بِالْأُصُولِ أَعْنِي التَّوْحِيدَ وَالْعَدْلَ وَمَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ وَالْمَعَادَ لَا يَقْتَضِي الِاعْتِرَافُ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَيْفَ يَتَمَسَّكُ بِهَذَا الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَطْلُوبِ.
وَسُؤَالٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا اعْتَرَفَ بِأَنَّ شَرْعَ إِبْرَاهِيمَ مَنْسُوخٌ، وَلَفْظَ الْمِلَّةِ يَتَنَاوَلُ الْأُصُولَ وَالْفُرُوعَ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رَاغِبًا أَيْضًا عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ فَيَلْزَمُ مَا أَلْزَمَ عَلَيْهِمْ.
وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا حَكَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ تَضَرَّعَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَطَلَبَ مِنْهُ بَعْثَةَ هَذَا الرَّسُولِ وَنُصْرَتَهُ وَتَأْيِيدَهُ وَنَشْرَ شَرِيعَتِهِ، عَبَّرَ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِأَنَّهُ مِلَّةُ إِبْرَاهِيمَ فَلَمَّا سَلَّمَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالْعَرَبُ كَوْنَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُحِقًّا فِي مَقَالِهِ، وَجَبَ عَلَيْهِمُ الِاعْتِرَافُ بِنُبُوَّةِ/ هَذَا الشَّخْصِ الَّذِي هُوَ مَطْلُوبُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
قَالَ السَّائِلُ: إِنَّ الْقَوْلَ مَا سَلَّمُوا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ طَلَبَ مِثْلَ هَذَا الرَّسُولِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِيَبْنِيَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِلْزَامَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمُ الِاعْتِرَافُ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِذَنْ لَا تَثْبُتُ نُبُوَّتُهُ مَا لَمْ تَثْبُتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ، وَلَا تَثْبُتُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مَا لَمْ تَثْبُتْ نُبُوَّتُهُ، فَيُفْضِي إِلَى الدَّوْرِ وَهُوَ سَاقِطٌ، سَلَّمْنَا أَنَّ الْقَوْمَ سَلَّمُوا صِحَّةَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَكِنْ لَيْسَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِلَّا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ طَلَبَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَبْعَثَ رَسُولًا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ، فَكَيْفَ الْقَطْعُ بِأَنَّ ذَلِكَ الرَّسُولَ هُوَ هَذَا الشَّخْصُ؟
فَلَعَلَّهُ شَخْصٌ آخَرُ سَيَجِيءُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِذَا جَازَ أَنْ تَتَأَخَّرَ إِجَابَةُ هَذَا الدُّعَاءِ بِمِقْدَارِ أَلْفَيْ سَنَةٍ، وَهُوَ الزمان الذي

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست