responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 172
سُبْحَانَهُ يَصْرِفُهَا عَلَى وَجْهٍ يَقَعُ بِهِ النَّفْعُ الْعَظِيمُ فِي الْإِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ وَالنَّبَاتِ، وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ. أَحَدُهَا: أَنَّهَا مَادَّةُ النَّفَسِ الَّذِي لَوِ انْقَطَعَ سَاعَةً عَنِ الْحَيَوَانِ لَمَاتَ، وَقِيلَ فِيهِ إِنَّ كُلَّ مَا كَانَتِ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ أَشَدَّ، كَانَ وِجْدَانُهُ أَسْهَلَ، وَلَمَّا كَانَ احْتِيَاجُ الْإِنْسَانِ إِلَى الْهَوَاءِ أَعْظَمَ الْحَاجَاتِ/ حَتَّى لَوِ انْقَطَعَ عَنْهُ لَحْظَةً لَمَاتَ لَا جَرَمَ كَانَ وِجْدَانُهُ أَسْهَلَ مِنْ وِجْدَانِ كُلِّ شَيْءٍ، وَبَعْدَ الْهَوَاءِ الْمَاءُ فَإِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى الْمَاءِ أَيْضًا شَدِيدَةٌ دُونَ الْحَاجَةِ إِلَى الْهَوَاءِ فَلَا جَرَمَ سَهُلَ أَيْضًا وِجْدَانُ الْمَاءِ وَلَكِنَّ وِجْدَانَ الْهَوَاءِ أَسْهَلُ. لِأَنَّ الْمَاءَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَكَلُّفِ الِاغْتِرَافِ بِخِلَافِ الْهَوَاءِ، فَإِنَّ الْآلَاتِ الْمُهَيَّأَةَ لِجَذْبِهِ حَاضِرَةٌ أَبَدًا، ثُمَّ بَعْدَ الْمَاءِ الْحَاجَةُ إِلَى الطَّعَامِ شَدِيدَةٌ وَلَكِنْ دُونَ الْحَاجَةِ إِلَى الْمَاءِ، فَلَا جَرَمَ كَانَ تَحْصِيلُ الطَّعَامِ أَصْعَبَ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَاءِ، وَبَعْدَ الطَّعَامِ الْحَاجَةُ إِلَى تَحْصِيلِ الْمَعَاجِينِ، وَالْأَدْوِيَةِ النَّادِرَةِ قَلِيلَةٌ، فَلَا جَرَمَ عَزَّتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ، وَبَعْدَ الْمَعَاجِينِ الْحَاجَةُ إِلَى أَنْوَاعِ الْجَوَاهِرِ مِنَ الْيَوَاقِيتِ وَالزَّبَرْجَدِ نَادِرَةٌ جِدًّا، فَلَا جَرَمَ كَانَتْ فِي نِهَايَةِ الْعِزَّةِ، فَثَبَتَ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ الِاحْتِيَاجُ إِلَيْهِ أَشَدَّ، كَانَ وِجْدَانُهُ أَسْهَلَ وَكُلَّ مَا كَانَ الِاحْتِيَاجُ إِلَيْهِ أَقَلَّ كَانَ وِجْدَانُهُ أَصْعَبَ وَمَا ذَاكَ إِلَّا رَحْمَةٌ مِنْهُ عَلَى الْعِبَادِ وَلَمَّا كَانَتِ الْحَاجَةُ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى أعظم الحاجات فنرجوا أَنْ يَكُونَ وِجْدَانُهَا أَسْهَلَ مِنْ وِجْدَانِ كُلِّ شَيْءٍ وَعَبَّرَ الشَّاعِرُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ:
سُبْحَانَ مَنْ خَصَّ الْقَلِيلَ بِعِزِّهِ ... وَالنَّاسُ مُسْتَغْنُونَ عَنْ أَجْنَاسِهِ
وَأَذَلَّ أَنْفَاسَ الْهَوَاءِ وَكُلُّ ذِي ... نَفْسٍ لَمُحْتَاجٌ إِلَى أَنْفَاسِهِ
وَثَانِيهَا: لَوْلَا تَحَرُّكُ الرِّيَاحِ لَمَا جَرَتِ الْفُلْكُ وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ فَلَوْ أَرَادَ كل من في العالم بقلب الرِّيحَ مِنَ الشَّمَالِ إِلَى الْجَنُوبِ، أَوْ إِذَا كَانَ الْهَوَاءُ سَاكِنًا أَنْ يُحَرِّكَهُ لَتَعَذَّرَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ أَرَادَ وَتَصْرِيفَهُ الرِّيَاحَ فَأَضَافَ الْمَصْدَرَ إِلَى الْمَفْعُولِ وَهُوَ كَثِيرٌ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الرِّيَاحُ جَمْعُ الرِّيحِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الرِّيحُ اسْمٌ عَلَى فِعْلٍ وَالْعَيْنُ مِنْهُ وَاوٌ انْقَلَبَتْ فِي الْوَاحِدِ لِلْكَسْرَةِ يَاءً فَإِنَّهُ فِي الْجَمْعِ الْقَلِيلِ أَرْوَاحٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ يُوجِبُ الْإِعْلَالَ أَلَا تَرَى أَنَّ سُكُونَ الرَّاءِ لَا يُوجِبُ الْإِعْلَالَ، كَالْوَاوِ فِي قَوْمٍ وَقَوْلٍ، وَفِي الْجَمْعِ الْكَثِيرِ رِيَاحٌ انْقَلَبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِلْكَسْرَةِ الَّتِي قَبْلَهَا نَحْوَ دِيمَةٍ وَدِيَمٍ وَحِيلَةٍ وَحِيَلٍ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: إِنَّمَا سُمِّيَتِ الرِّيحُ رِيحًا لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهَا فِي هُبُوبِهَا الْمَجِيءُ بِالرَّوْحِ وَالرَّاحَةِ وَانْقِطَاعَ هُبُوبِهَا يَكْسِبُ الْكَرْبَ وَالْغَمَّ فَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الرَّوْحِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَصْلَهَا الْوَاوُ قَوْلُهُمْ فِي الْجَمْعِ أَرْوَاحٌ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَالُوا: الرِّيَاحُ أَرْبَعٌ، الشَّمَالُ وَالْجَنُوبُ وَالصَّبَا وَالدَّبُورُ، فَالشَّمَالُ مِنْ نُقْطَةِ الشَّمَالِ، وَالْجَنُوبُ مِنْ نُقْطَةِ الْجَنُوبِ، وَالصَّبَا مَشْرِقِيَّةٌ، وَالدَّبُورُ مَغْرِبِيَّةٌ وَتُسَمَّى الصَّبَا قَبُولًا لِأَنَّهَا اسْتَقْبَلَتِ الدَّبُورَ وَمَا بَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَهَابِّ فَهِيَ نَكْبَاءُ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي الرِّيَاحِ فَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو، وَعَاصِمٌ وَابْنُ عَامِرٍ الرِّياحِ عَلَى الْجَمْعِ فِي عَشَرَةِ مَوَاضِعَ الْبَقَرَةِ، وَالْأَعْرَافِ، وَالْحِجْرِ، وَالْكَهْفِ، وَالْفُرْقَانِ وَالنَّمْلِ وَالرُّومِ فِي مَوْضِعَيْنِ، وَالْجَاثِيَةِ وَفَاطِرٍ، وَقَرَأَ نَافِعٌ فِي اثْنَيْ عَشَرَ مَوْضِعًا هَذِهِ الْعَشْرَةِ وَفِي إِبْرَاهِيمَ: كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيَاحُ [إِبْرَاهِيمَ: 18] وَفِي حم

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست