responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 160
الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ الْأَحْوَالِ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ
وَهِيَ مِنْ وُجُوهٍ. أَحَدُهَا: النَّظَرُ إِلَى مَقَادِيرِ هَذِهِ الْأَفْلَاكِ، فَإِنَّهَا مَعَ اشْتِرَاكِهَا فِي الطَّبِيعَةِ الْفَلَكِيَّةِ، اخْتَصَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِمِقْدَارٍ خَاصٍّ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ فِي الْعَقْلِ وُقُوعُهَا عَلَى أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ أَوْ أَنْقَصَ مِنْهُ بِذَرَّةٍ، فَلَمَّا قَضَى صَرِيحُ الْعَقْلِ بِأَنَّ الْمَقَادِيرَ بِأَسْرِهَا عَلَى السَّوِيَّةِ، قَضَى بِافْتِقَارِهَا فِي مَقَادِيرِهَا إِلَى مُخَصِّصٍ مُدَبِّرٍ.
وَثَانِيهَا: النَّظَرُ إِلَى أَحْيَازِهَا، فَإِنَّ كُلَّ فَلَكٍ مُمَاسٍّ بِمُحَدَّبِهِ فَلَكًا آخَرَ فَوْقَهُ وَبِمُقَعَّرِهِ فَلَكًا آخَرَ تَحْتَهُ، ثُمَّ ذَلِكَ الْفَلَكُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَشَابِهَ الْأَجْزَاءِ أَوْ يَنْتَهِيَ بِالْآخِرَةِ إِلَى جِسْمٍ مُتَشَابِهِ الْأَجْزَاءِ، وَذَلِكَ الْجِسْمُ الْمُتَشَابِهُ الْأَجْزَاءِ لَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ طَبِيعَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ طَرَفَيْهِ مُسَاوِيَةً لِطَبِيعَةِ طَرَفِهِ الْآخَرِ، فَكَمَا صَحَّ عَلَى مُحَدَّبِهِ أَنْ يَلْقَى جِسْمًا وَجَبَ أَنْ يَصِحَّ عَلَى مُقَعَّرِهِ أَنْ يَلْقَى ذَلِكَ الْجِسْمَ، وَمَتَى كَانَ كَذَلِكَ صَحَّ أَنَّ الْعَالِيَ يُمْكِنُ وُقُوعُهُ سَافِلًا، وَالسَّافِلُ يُمْكِنُ وُقُوعُهُ عَالِيًا، وَمَتَى كَانَ كَذَلِكَ كَانَ اخْتِصَاصُ كُلِّ وَاحِدٍ منها بحيزه المعين أمرا جائزا يقتضي الْعَقْلُ بِافْتِقَارِهِ إِلَى الْمُقْتَضَى. وَثَالِثُهَا: أَنَّ كُلَّ كَوْكَبٍ حَصَلَ فِي مُقَعَّرِهِ اخْتَصَّ بِهِ أَحَدُ جَوَانِبِ ذَلِكَ الْفَلَكِ دُونَ سَائِرِ الْجَوَانِبِ، ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ الْمُنْتَفِيَ مِنْ ذَلِكَ الْفَلَكِ مُسَاوٍ لِسَائِرِ جَوَانِبِهِ، لِأَنَّ الْفَلَكَ عِنْدَهُ جِسْمٌ مُتَشَابِهُ الْأَجْزَاءِ، فَاخْتِصَاصُ ذَلِكَ الْمُقَعَّرِ بِذَلِكَ الْكَوْكَبِ دُونَ سَائِرِ الْجَوَانِبِ يَكُونُ أَمْرًا مُمْكِنًا جَائِزًا فَيَقْضِي الْعَقْلُ بِافْتِقَارِهِ إِلَى الْمُخَصِّصِ.
وَرَابِعُهَا: أَنَّ كُلَّ كُرَةٍ فَإِنَّهَا تَدُورُ عَلَى قُطْبَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ، وَإِذَا كَانَ الْفَلَكُ مُتَشَابِهَ الْأَجْزَاءِ كَانَ جَمِيعُ النُّقَطِ الْمُفْتَرَضَةِ عَلَيْهِ مُتَسَاوِيَةً، وَجَمِيعُ الدَّوَائِرِ الْمُفْتَرَضَةِ عَلَيْهِ أَيْضًا مُتَسَاوِيَةً، فَاخْتِصَاصُ نُقْطَتَيْنِ مُعَيَّنَتَيْنِ بِالْقُطْبِيَّةِ دُونَ سَائِرِ النُّقَطِ مَعَ اسْتِوَائِهَا فِي الطَّبِيعَةِ يَكُونُ أَمْرًا جَائِزًا، فَيَقْضِي الْعَقْلُ بِافْتِقَارِهِ إِلَى الْمُقْتَضِي، وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي تَعَيُّنِ كُلِّ دَائِرَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ دَوَائِرِهَا بِأَنْ تَكُونَ مِنْطَقَةً. وَخَامِسُهَا: أَنَّ الْأَجْرَامَ الْفَلَكِيَّةَ مَعَ تَشَابُهِهَا فِي الطَّبِيعَةِ الْفَلَكِيَّةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مُخْتَصٌّ بِنَوْعٍ مُعَيَّنٍ مِنَ الْحَرَكَةِ فِي الْبُطْءِ وَالسُّرْعَةِ، فَانْظُرْ إِلَى الْفَلَكِ الْأَعْظَمِ مَعَ نِهَايَةِ اتِّسَاعِهِ وَعِظَمِهِ ثُمَّ إِنَّهُ يَدُورُ دَوْرَةً تَامَّةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، وَالْفَلَكُ الثَّامِنُ الَّذِي هُوَ أَصْغَرُ مِنْهُ لَا يَدُورُ الدَّوْرَةَ التَّامَّةَ إِلَّا فِي سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً عَلَى مَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، ثُمَّ إِنَّ الْفَلَكَ السَّابِعَ الَّذِي تَحْتَهُ يَدُورُ فِي ثَلَاثِينَ سَنَةً، فَاخْتِصَاصُ الْأَعْظَمِ بِمَزِيدِ السُّرْعَةِ، وَالْأَصْغَرُ بمزيد البطء مع أنه على خِلَافُ حُكْمِ الْعَقْلِ فَإِنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَوْسَعُ أَبْطَأَ حَرَكَةً لِعِظَمِ مَدَارِهِ، وَالْأَصْغَرُ أَسْرَعَ اسْتِدَارَةً لِصِغَرِ مَدَارِهِ لَيْسَ إِلَّا لِمُخَصِّصٍ، وَالْعَقْلُ يَقْضِي بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا إِنَّمَا اخْتَصَّ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ بِتَقْدِيرِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. وَسَادِسُهَا: أَنَّ الْفَلَكَ الْمُمَثَّلَ إِذَا انْفَصَلَ عَنْهُ الْفَلَكُ الْخَارِجُ الْمَرْكَزِ بَقِيَ مُتَمِّمَانِ: أَحَدُهُمَا: مِنَ الْخَارِجِ، وَالْآخَرُ: مِنَ الدَّاخِلِ، وَأَنَّهُ جِرْمٌ مُتَشَابِهُ الطَّبِيعَةِ، ثُمَّ اخْتَصَّ أَحَدُ جَوَانِبِهِمَا بِغَايَةِ/ الثِّخَنِ، وَالْآخَرُ بِغَايَةِ الرِّقَّةِ بِالنِّسْبَةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ نِسْبَةُ ذَلِكَ الثِّخَنِ وَالرِّقَّةِ إلى طبيعة عَلَى السَّوِيَّةِ، فَاخْتِصَاصُ أَحَدِ جَانِبَيْهِ بِالرِّقَّةِ وَالْآخَرِ بِالثِّخَنِ، لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ بِتَخْصِيصِ الْمُخَصِّصِ الْمُخْتَارِ.
وَسَابِعُهَا: أَنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ فِي جِهَاتِ الْحَرَكَاتِ، فَبَعْضُهَا مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَبَعْضُهَا مِنَ الْمَغْرِبِ إِلَى الْمَشْرِقِ، وَبَعْضُهَا شَمَالِيَّةٌ، وَبَعْضُهَا جَنُوبِيَّةٌ، مَعَ أَنَّ جَمِيعَ الْجِهَاتِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا عَلَى السَّوِيَّةِ، فَلَا بُدَّ مِنَ الِافْتِقَارِ إِلَى الْمُدَبِّرِ. وَثَامِنُهَا: أَنَّا نَرَاهَا الْآنَ مُتَحَرِّكَةً وَمُحَالٌ أَنْ يُقَالَ إِنَّهَا كَانَتْ أَزَلًا مُتَحَرِّكَةٌ، أَوْ مَا كَانَتْ مُتَحَرِّكَةً، ثُمَّ ابْتَدَأَتْ بِالْحَرَكَةِ، وَمُحَالٌ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهَا كَانَتْ أَزَلًا مُتَحَرِّكَةً لِأَنَّ مَاهِيَّةَ الْحَرَكَةِ تَقْتَضِي الْمَسْبُوقِيَّةَ بِالْغَيْرِ، لِأَنَّ الْحَرَكَةَ انْتِقَالٌ مِنْ حَالَةٍ إِلَى حَالَةٍ وَالْأَزَلُ يُنَافِي الْمَسْبُوقِيَّةَ بِالْغَيْرِ، فَالْجَمْعُ بَيْنَ الْحَرَكَةِ وَالْأَزَلِيَّةِ مُحَالٌ، وَإِنْ قلنا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 160
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست