responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 130
الْإِخْوَانِ وَالْأَقَارِبِ عَلَى مَا هُوَ التَّأْوِيلُ فِي قَوْلِهِ: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [النِّسَاءِ: 29] وَأَمَّا نَقْصُ الثَّمَرَاتِ فَقَدْ يَكُونُ بِالْجَدْبِ وَقَدْ يَكُونُ بِتَرْكِ عِمَارَةِ الضِّيَاعِ لِلِاشْتِغَالِ بِجِهَادِ الْأَعْدَاءِ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى مَنْ كَانَ يَرِدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الْوُفُودِ، هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَفَّالِ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْخَوْفُ: خَوْفُ اللَّهِ، وَالْجُوعُ: صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَالنَّقْصُ مِنَ الْأَمْوَالِ: الزَّكَوَاتُ وَالصَّدَقَاتُ، وَمِنَ الْأَنْفُسِ: الْأَمْرَاضُ، وَمِنَ الثمرات: موت الأولاد [في قوله تعالى وبشر الصابرين] ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بَيَّنَ جُمْلَةَ الصَّابِرِينَ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ بِقَوْلِهِ تعالى:
وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة: 155] وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: اعْلَمْ أَنَّ الصَّبْرَ وَاجِبٌ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ إِذَا كَانَ مِنْ قِبَلِهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ عَدْلٌ وَحِكْمَةٌ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ مُحَقَّقًا فِي الْإِيمَانِ كَانَ كَمَنْ قَالَ فِيهِ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ [الْحَجِّ: 11] فَأَمَّا مَا يَكُونُ مِنْ جَانِبِ الظُّلْمَةِ فَلَا يَجِبُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ مِثَالُهُ: أَنَّ الْمُرَاهِقَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَصْبِرَ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ بِهِ أَبُوهُ مِنَ التَّأْدِيبِ، وَلَوْ فَعَلَهُ بِهِ غَيْرُهُ، لَكَانَ لَهُ أَنْ يُمَانِعَ بَلْ يُحَارِبَ، وَكَذَا فِي الْعَبْدِ مَعَ مَوْلَاهُ فَمَا يُدَبِّرُ تَعَالَى عِبَادَهُ عَلَيْهِ لَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا حِكْمَةً وَصَوَابًا بِخِلَافِ مَا يَفْعَلُ الْعِبَادُ مِنَ الظُّلْمِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْخِطَابُ فِي وَبَشِّرِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ لِكُلِّ مَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْبِشَارَةُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ الشَّيْخُ الْغَزَالِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: اعْلَمْ أَنَّ الصَّبْرَ مِنْ خَوَاصِّ الْإِنْسَانِ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْبَهَائِمِ وَالْمَلَائِكَةِ، أَمَّا فِي الْبَهَائِمِ فَلِنُقْصَانِهَا، وَأَمَّا فِي الْمَلَائِكَةِ فَلِكَمَالِهَا، بَيَانُهُ أَنَّ الْبَهَائِمَ سُلِّطَتْ عَلَيْهَا الشَّهَوَاتُ، وَلَيْسَ لِشَهَوَاتِهَا عَقْلٌ يُعَارِضُهَا، حَتَّى يُسَمَّى ثَبَاتُ تِلْكَ الْقُوَّةِ فِي مُقَابَلَةِ مُقْتَضَى الشَّهْوَةِ صَبْرًا، وَأَمَّا الْمَلَائِكَةُ فَإِنَّهُمْ جُرِّدُوا لِلشَّوْقِ إِلَى حَضْرَةِ الرُّبُوبِيَّةِ وَالِابْتِهَاجِ بِدَرَجَةِ الْقُرْبِ مِنْهَا وَلَمْ يُسَلَّطْ عَلَيْهِمْ شَهْوَةٌ صَارِفَةٌ عَنْهَا، حَتَّى تَحْتَاجَ إِلَى مُصَادَمَةِ مَا يَصْرِفُهَا عَنْ حَضْرَةِ الْجَلَالِ بِجُنْدٍ آخَرَ، وَأَمَّا الْإِنْسَانُ فَإِنَّهُ خُلِقَ فِي ابْتِدَاءِ الصِّبَا نَاقِصًا مِثْلَ الْبَهِيمَةِ، وَلَمْ يُخْلَقْ فِيهِ إِلَّا شَهْوَةُ الْغِذَاءِ الَّذِي هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ، ثُمَّ يَظْهَرُ فِيهِ شَهْوَةُ اللَّعِبِ، ثُمَّ شَهْوَةُ النِّكَاحِ، وَلَيْسَ لَهُ قُوَّةُ الصَّبْرِ الْبَتَّةَ، إِذِ الصَّبْرُ عِبَارَةٌ عَنْ ثَبَاتِ جُنْدٍ فِي مُقَابَلَةِ جُنْدٍ آخَرَ، قَامَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمَا لِتَضَادِّ مَطَالِبِهِمَا أَمَّا الْبَالِغُ فَإِنَّ فِيهِ شَهْوَةً تَدْعُوهُ إِلَى طَلَبِ اللَّذَّاتِ الْعَاجِلَةِ، وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الدَّارِ الْآخِرَةِ، وَعَقْلًا يَدْعُوهُ إِلَى الْإِعْرَاضِ عَنْهَا، وَطَلَبُ اللَّذَّاتِ الرُّوحَانِيَّةِ الْبَاقِيَةِ، فَإِذَا عَرَفَ الْعَقْلُ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِطَلَبِ هذه اللذات العاجلة، عَنِ الْوُصُولِ إِلَى تِلْكَ اللَّذَّاتِ الْبَاقِيَةِ، صَارَتْ دَاعِيَةُ الْعَقْلِ صَادَّةً وَمَانِعَةً لِدَاعِيَةِ الشَّهْوَةِ مِنَ الْعَمَلِ، فَيُسَمَّى ذَلِكَ الصَّدُّ وَالْمَنْعُ صَبْرًا، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الصَّبْرَ ضَرْبَانِ. أَحَدُهُمَا: بَدَنِيٌّ، كَتَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ بِالْبَدَنِ وَالثَّبَاتِ عَلَيْهِ، وَهُوَ إِمَّا بِالْفِعْلِ كَتَعَاطِي الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ أَوْ بِالِاحْتِمَالِ/ كَالصَّبْرِ عَلَى الضَّرْبِ الشَّدِيدِ وَالْأَلَمِ الْعَظِيمِ. وَالثَّانِي: هُوَ الصَّبْرُ النَّفْسَانِيُّ وَهُوَ مَنْعُ النَّفْسِ عَنْ مُقْتَضَيَاتِ الشَّهْوَةِ وَمُشْتَهِيَاتِ الطَّبْعِ، ثُمَّ هَذَا الضَّرْبُ إِنْ كَانَ صَبْرًا عَنْ شَهْوَةِ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ سُمِّيَ عِفَّةً، وَإِنْ كَانَ عَلَى احْتِمَالٍ مَكْرُوهٍ اخْتَلَفَتْ أَسَامِيهِ عِنْدَ النَّاسِ بِاخْتِلَافِ الْمَكْرُوهِ الَّذِي عَلَيْهِ الصَّبْرُ، فَإِنْ كَانَ فِي مُصِيبَةٍ اقْتُصِرَ عَلَيْهِ بِاسْمِ الصَّبْرِ وَيُضَادُّهُ حَالَةٌ تُسَمَّى الْجَزَعَ وَالْهَلَعَ، وَهُوَ إِطْلَاقُ دَاعِي الْهَوَى فِي رَفْعِ الصَّوْتِ وَضَرْبِ الْخَدِّ وَشَقِّ الْجَيْبِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ كَانَ فِي حَالِ الْغِنَى يُسَمَّى ضَبْطَ النَّفْسِ وَيُضَادُّهُ حَالَةٌ تُسَمَّى:
الْبَطَرَ. وَإِنْ كَانَ فِي حَرْبٍ وَمُقَاتِلَةٍ يُسَمَّى: شَجَاعَةً، وَيُضَادُّهُ الْجُبْنُ، وَإِنْ كَانَ فِي كَظْمِ الْغَيْظِ وَالْغَضَبِ يُسَمَّى:
حِلْمًا، وَيُضَادُّهُ النَّزَقُ، وَإِنْ كَانَ فِي نَائِبَةٍ مِنْ نَوَائِبِ الزَّمَانِ مُضْجِرَةٍ سُمِّيَ: سِعَةَ الصَّدْرِ، وَيُضَادُّهُ الضَّجَرُ وَالنَّدَمُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 4  صفحه : 130
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست