responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 332
السُّؤَالُ الثَّانِي: أَنَّ أَوَّلَ السُّورَةِ اشْتَمَلَ عَلَى التَّشْدِيدِ، وَهُوَ النِّدَاءُ بِالْكُفْرِ وَالتَّكْرِيرُ وَآخِرَهَا عَلَى اللُّطْفِ وَالتَّسَاهُلِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ فَكَيْفَ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ؟ / الْجَوَابُ: كَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنِّي قَدْ بَالَغْتُ فِي تَحْذِيرِكُمْ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ الْقَبِيحِ، وَمَا قَصَّرْتُ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ تَقْبَلُوا قَوْلِي، فَاتْرُكُونِي سَوَاءً بِسَوَاءٍ.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: لَمَّا كَانَ التِّكْرَارُ لِأَجْلِ التَّأْكِيدِ وَالْمُبَالَغَةِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: لَنْ أَعْبُدَ مَا تَعْبُدُونَ، لِأَنَّ هَذَا أَبْلَغُ، أَلَا تَرَى أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ لَمَّا بَالَغُوا قَالُوا: لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً [الْكَهْفِ: 14] وَالْجَوَابُ:
الْمُبَالَغَةُ إِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهَا فِي مَوْضِعِ التُّهْمَةِ، وَقَدْ عَلِمَ كُلُّ أَحَدٍ مِنْ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ مَا كَانَ يَعْبُدُ الصَّنَمَ قَبْلَ الشَّرْعِ، فَكَيْفَ يَعْبُدُهُ بَعْدَ ظُهُورِ الشَّرْعِ، بِخِلَافِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ فإنه وجد منهم ذلك فيما قبل. أما قوله تعالى:

[سورة الكافرون (109) : آية 6]
لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
فَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَكُمْ كُفْرُكُمْ بِاللَّهِ وَلِيَ التَّوْحِيدُ وَالْإِخْلَاصُ لَهُ، فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ يُقَالُ: إِنَّهُ أَذِنَ لَهُمْ فِي الْكُفْرِ قُلْنَا: كَلَّا فَإِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا بُعِثَ إِلَّا لِلْمَنْعِ مِنَ الْكُفْرِ فَكَيْفَ يَأْذَنُ فِيهِ، وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ أَحَدُ أُمُورٍ أَحَدُهَا: أَنَّ الْمَقْصُودَ منه التهديد، كقوله اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ [فصلت: 40] وَثَانِيهَا: كَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنِّي نَبِيٌّ مَبْعُوثٌ إِلَيْكُمْ لِأَدْعُوَكُمْ إِلَى الْحَقِّ وَالنَّجَاةِ، فَإِذَا لَمْ تَقْبَلُوا مِنِّي وَلَمْ تَتْبَعُونِي فَاتْرُكُونِي وَلَا تَدْعُونِي إِلَى الشِّرْكِ وَثَالِثُهَا: لَكُمْ دِينُكُمْ فَكُونُوا عَلَيْهِ إِنْ كَانَ الْهَلَاكُ خَيْرًا لَكُمْ وَلِيَ دِينِ لِأَنِّي لَا أَرْفُضُهُ الْقَوْلُ الثَّانِي: فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ أَنَّ الدِّينَ هُوَ الْحِسَابُ أَيْ لَكُمْ حِسَابُكُمْ وَلِي حِسَابِي، وَلَا يَرْجِعُ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا مِنْ عَمَلِ صَاحِبِهِ أَثَرٌ الْبَتَّةَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ لَكُمْ جَزَاءُ دِينِكُمْ وَلِي جَزَاءُ دِينِي وَحَسْبُهُمْ جَزَاءُ دِينِهِمْ وَبَالًا وَعِقَابًا كَمَا حَسْبُكَ جَزَاءُ دِينِكَ تَعْظِيمًا وَثَوَابًا الْقَوْلُ الرَّابِعُ: الدِّينُ الْعُقُوبَةُ: وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ [النُّورِ: 2] يَعْنِي الْحَدَّ، فَلَكُمُ الْعُقُوبَةُ مِنْ رَبِّي، وَلِيَ الْعُقُوبَةُ مِنْ أَصْنَامِكُمْ، لَكِنَّ أَصْنَامَكُمْ جمادات، فأنا لا أخشى عقوبة الأصنام، وأما أَنْتُمْ فَيَحِقُّ لَكُمْ عَقْلًا أَنْ تَخَافُوا عُقُوبَةَ جبار السموات وَالْأَرْضِ الْقَوْلُ الْخَامِسُ: الدِّينُ الدُّعَاءُ، فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، أَيْ لَكُمْ دُعَاؤُكُمْ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ [الرعد: 14] وإِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ [فَاطِرٍ: 14] ثُمَّ لَيْتَهَا تَبْقَى عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَا يَضُرُّونَكُمْ، بَلْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَجِدُونَ لِسَانًا فَيَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ، وَأَمَّا رَبِّي فَيَقُولُ:
وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا [الشُّورَى: 26] ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غَافِرٍ: 60] أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ [الْبَقَرَةِ: 186] الْقَوْلُ السَّادِسُ: الدِّينُ الْعَادَةُ، قَالَ الشَّاعِرُ:
يَقُولُ لَهَا وَقَدْ دَارَتْ وَضِينِي ... أَهَذَا دِينُهَا أَبَدًا وَدِينِي
مَعْنَاهُ لَكُمْ عَادَتُكُمُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ أَسْلَافِكُمْ وَمِنَ الشَّيَاطِينِ، وَلِي عَادَتِي الْمَأْخُوذَةُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْوَحْيِ، ثُمَّ يَبْقَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا عَلَى عَادَتِهِ، حَتَّى تَلْقَوُا الشَّيَاطِينَ وَالنَّارَ، وَأَلْقَى الْمَلَائِكَةَ وَالْجَنَّةَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: لَكُمْ دِينُكُمْ يُفِيدُ الْحَصْرَ، وَمَعْنَاهُ لَكُمْ دِينُكُمْ لَا لِغَيْرِكُمْ، وَلِي دِينِي لَا لِغَيْرِي،

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 332
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست