responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 331
الْمَبْنِيَّةَ عَلَى الْيَقِينِ، فَإِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ تَعْبُدُونَ إِلَهِي، كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا لِأَنَّ الْعِبَادَةَ فِعْلٌ مَأْمُورٌ بِهِ وَمَا تَفْعَلُونَهُ أَنْتُمْ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَغَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنْ تُحْمَلَ الْأُولَى عَلَى نَفْيِ الِاعْتِبَارِ الَّذِي ذَكَرُوهُ، وَالثَّانِيَةُ عَلَى النَّفْيِ الْعَامِّ الْمُتَنَاوِلِ لِجَمِيعِ الْجِهَاتِ فكأنه أولا قال لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ رَجَاءَ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ، وَلَا أَنْتُمْ تَعْبُدُونَ اللَّهَ رَجَاءَ أَنْ أَعْبُدَ أَصْنَامَكُمْ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا أَنَا عَابِدٌ صَنَمَكُمْ لِغَرَضٍ مِنَ الْأَغْرَاضِ، وَمَقْصُودٍ مِنَ الْمَقَاصِدِ الْبَتَّةَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَاعْتِبَارٍ مِنَ الِاعْتِبَارَاتِ، وَمِثَالُهُ مَنْ يَدْعُو غَيْرَهُ إِلَى الظُّلْمِ لِغَرَضِ التَّنْعِيمِ، فَيَقُولُ: لَا أَظْلِمُ لِغَرَضِ التَّنَعُّمِ، بَلْ لَا أَظْلِمُ أَصْلًا لَا لِهَذَا الْغَرَضِ وَلَا لِسَائِرِ الْأَغْرَاضِ الْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ نُسَلِّمَ حُصُولَ التِّكْرَارِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْعُذْرُ عَنْهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ: أَنَّ التَّكْرِيرَ يُفِيدُ التَّوْكِيدَ وَكُلَّمَا كَانَتِ الْحَاجَةُ إِلَى التَّأْكِيدِ أَشَدَّ كَانَ التَّكْرِيرُ/ أَحْسَنَ، وَلَا مَوْضِعَ أَحْوَجُ إِلَى التَّأْكِيدِ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ، لِأَنَّ أُولَئِكَ الْكُفَّارَ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِرَارًا، وَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ عَنِ الْجَوَابِ، فَوَقَعَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ مَالَ إِلَى دِينِهِمْ بَعْضَ الْمَيْلِ، فَلَا جَرَمَ دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى التَّأْكِيدِ وَالتَّكْرِيرِ فِي هَذَا النَّفْيِ وَالْإِبْطَالِ الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ الْقُرْآنُ يَنْزِلُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، وَآيَةً بَعْدَ آيَةٍ جَوَابًا عَمَّا يَسْأَلُونَ فَالْمُشْرِكُونَ قَالُوا: اسْتَلِمْ بَعْدُ آلِهَتَنَا حَتَّى نُؤْمِنَ بِإِلَهِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: وَلا أَنا عابِدٌ مَا عَبَدْتُّمْ وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ثُمَّ قَالُوا بَعْدَ مُدَّةٍ تَعْبُدُ آلِهَتَنَا شَهْرًا وَنَعْبُدُ إِلَهَكَ شَهْرًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَلا أَنا عابِدٌ مَا عَبَدْتُّمْ وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَلَمَّا كَانَ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مُحْتَمَلًا لَمْ يَكُنِ التِّكْرَارُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُضِرًّا الْبَتَّةَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الْكُفَّارَ ذَكَرُوا تِلْكَ الْكَلِمَةَ مَرَّتَيْنِ تَعْبُدُ آلِهَتَنَا شَهْرًا وَنَعْبُدُ إِلَهَكَ شَهْرًا وَتَعْبُدُ آلِهَتَنَا سَنَةً وَنَعْبُدُ إِلَهَكَ سَنَةً. فَأَتَى الْجَوَابُ عَلَى التَّكْرِيرِ عَلَى وَفْقِ قَوْلِهِمْ وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ التَّهَكُّمِ فَإِنَّ مَنْ كَرَّرَ الْكَلِمَةَ الْوَاحِدَةَ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ يُجَازَى بِدَفْعِ تِلْكَ الْكَلِمَةِ عَلَى سَبِيلِ التِّكْرَارِ اسْتِخْفَافًا بِهِ وَاسْتِحْقَارًا لِقَوْلِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي الْآيَةِ سُؤَالٌ وَهُوَ أَنَّ كَلِمَةَ: مَا لَا تَتَنَاوَلُ مَنْ يَعْلَمُ فَهَبْ أَنَّ مَعْبُودَهُمْ كَانَ كَذَلِكَ فَصَحَّ التَّعْبِيرُ عَنْهُ بِلَفْظِ مَا لَكِنَّ مَعْبُودَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هُوَ أَعْلَمُ الْعَالَمِينَ فَكَيْفَ قَالَ: وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ أَجَابُوا عَنْهُ مِنْ وُجُوهٍ أَحَدُهَا: أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الصِّفَةُ كَأَنَّهُ قَالَ: لَا أَعْبُدُ الْبَاطِلَ وَأَنْتُمْ لَا تَعْبُدُونَ الحق وثانيها: أن مَصْدَرِيَّةٌ فِي الْجُمْلَتَيْنِ كَأَنَّهُ قَالَ: لَا أَعْبُدُ عِبَادَتَكُمْ وَلَا تَعْبُدُونَ عِبَادَتِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ، ثُمَّ قَالَ ثَانِيًا لَا أَعْبُدُ عِبَادَتَكُمْ وَلَا تَعْبُدُونَ عِبَادَتِي فِي الْحَالِ وَثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ مَا بِمَعْنَى الَّذِي وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ الْكَلَامُ وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ لَمَّا قَالَ أَوَّلًا: لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ حُمِلَ الثَّانِي عَلَيْهِ لِيَتَّسِقَ الْكَلَامِ كَقَوْلِهِ: وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها [الشُّورَى: 40] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: احْتَجَّ أَهْلُ الْجَبْرِ بِأَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ عَنْهُمْ مَرَّتَيْنِ بِقَوْلِهِ: وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ مَا أَعْبُدُ وَالْخَبَرُ الصِّدْقُ عَنْ عَدَمِ الشَّيْءِ يُضَادُّ وُجُودَ ذَلِكَ الشيء فَالتَّكْلِيفُ بِتَحْصِيلِ الْعِبَادَةِ مَعَ وُجُودِ الْخَبَرِ الصِّدْقِ بِعَدَمِ الْعِبَادَةِ تَكْلِيفٌ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ بَقِيَ فِي الْآيَةِ سُؤَالَاتٌ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: أَلَيْسَ أَنَّ ذِكْرَ الْوَجْهِ الَّذِي لِأَجْلِهِ تُقَبَّحُ عِبَادَةُ غَيْرِ اللَّهِ كَانَ أَوْلَى مِنْ هَذَا التَّكْرِيرِ؟ الْجَوَابُ بَلْ قَدْ يَكُونُ التَّأْكِيدُ وَالتَّكْرِيرُ أَوْلَى مِنْ ذِكْرِ الْحُجَّةِ، إِمَّا لِأَنَّ الْمُخَاطَبَ بَلِيدٌ يَنْتَفِعُ بِالْمُبَالَغَةِ وَالتَّكْرِيرِ وَلَا يَنْتَفِعُ بِذِكْرِ الْحُجَّةِ أَوْ لِأَجْلِ أَنَّ مَحَلَّ النِّزَاعِ يَكُونُ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ فَالْمُنَاظَرَةُ فِي مَسْأَلَةِ الْجَبْرِ وَالْقَدَرِ حَسَنَةٌ، أَمَّا الْقَائِلُ بِالصَّنَمِ فَهُوَ إِمَّا مَجْنُونٌ يَجِبُ شَدُّهُ أَوْ عَاقِلٌ مُعَانِدٌ فَيَجِبُ قَتْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُقْدَرْ عَلَى قَتْلِهِ فَيَجِبُ شَتْمُهُ، وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ كَمَا فِي هذه الآية.

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 32  صفحه : 331
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست