responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 31  صفحه : 99
يُحَاسَبُ إِشْكَالٌ لِأَنَّ الْمُحَاسَبَةَ تَكُونُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَلَيْسَ فِي الْقِيَامَةِ لِأَحَدٍ قِبَلَ رَبِّهِ مُطَالَبَةٌ فَيُحَاسِبَهُ وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْعَبْدَ يَقُولُ: إِلَهِي فَعَلْتُ الْمَعْصِيَةَ الْفُلَانِيَّةَ، فَكَأَنَّ ذَلِكَ بَيْنَ الرَّبِّ وَالْعَبْدِ مُحَاسِبَةٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى خَصَّ الْكُفَّارَ بِأَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يُكَلِّمُ الْمُطِيعِينَ وَالْعَبْدُ يُكَلِّمُهُ فَكَانَتِ الْمُكَالَمَةُ مُحَاسَبَةً.
أما قوله:

[سورة الانشقاق (84) : آية 10]
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ (10)
فَلِلْمُفَسِّرِينَ فِيهِ وُجُوهٌ أَحَدُهَا: قَالَ الْكَلْبِيُّ: السَّبَبُ فِيهِ لِأَنَّ يَمِينَهُ مَغْلُولَةٌ إِلَى عُنُقِهِ وَيَدَهُ الْيُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِهِ وَثَانِيهَا: قَالَ مُجَاهِدٌ: تُخْلَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى فَتُجْعَلُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ وَثَالِثُهَا: قَالَ قَوْمٌ: يَتَحَوَّلُ وَجْهُهُ فِي قَفَاهُ، فَيَقْرَأُ كِتَابَهُ كَذَلِكَ وَرَابِعُهَا: أَنَّهُ يُؤْتَى كِتَابُهُ بِشِمَالِهِ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ لِأَنَّهُ إِذَا حَاوَلَ أَخْذَهُ بِيَمِينِهِ كَالْمُؤْمِنِينَ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَأُوتِيَ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ بِشِمَالِهِ فَإِنْ قِيلَ أَلَيْسَ أَنَّهُ قَالَ فِي سُورَةِ الْحَاقَّةِ: وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ [الْحَاقَّةِ:
25] وَلَمْ يَذْكُرِ الظَّهْرَ وَالْجَوَابُ: مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: يَحْتَمِلُ أَنْ يُؤْتَى بِشِمَالِهِ وَرَاءَ ظَهْرِهِ عَلَى مَا حَكَيْنَاهُ عَنِ الْكَلْبِيِّ وَثَانِيهَا: أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُعْطَى بِشِمَالِهِ، وَبَعْضُهُمْ مِنْ وراء ظهره. أما قوله:

[سورة الانشقاق (84) : آية 11]
فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً (11)
فَاعْلَمْ أَنَّ الثُّبُورَ هُوَ الْهَلَاكُ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا أُوتِيَ كِتَابَهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينِهِ علم أنه من أهل النار فيقول:
وا ثبوراه، قال الفراء: العرب تقول فلان يدعوا لهفه، إذا قال: وا لهفاه، وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ، فَقَالَ:
الثُّبُورُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْمُثَابَرَةِ عَلَى شَيْءٍ، وَهِيَ الْمُوَاظَبَةُ عليه فسمي هلاك الآخرة ثبور لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَا يَزُولُ، كَمَا قَالَ:
إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً [الْفُرْقَانِ: 65] وَأَصْلُ الْغَرَامِ اللُّزُومُ والولوع.
أما قوله تعالى:

[سورة الانشقاق (84) : آية 12]
وَيَصْلى سَعِيراً (12)
فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: يُقَالُ: صَلَى الْكَافِرُ النَّارَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً [النِّسَاءِ: 10] وَقَالَ:
وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ [آلِ عِمْرَانَ: 115] وقال: إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ [الصَّافَّاتِ: 1] وَقَالَ: لَا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى [اللَّيْلِ: 15، 16] وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا أُعْطِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ فَإِنَّهُ يَدْعُو الثُّبُورَ ثُمَّ يَدْخُلُ النَّارَ، وَهُوَ فِي النَّارِ أَيْضًا يَدْعُو ثُبُورًا، كَمَا قَالَ: دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً [الْفُرْقَانِ: 13] وَأَحَدُهُمَا لَا يَنْفِي الْآخَرَ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى اجْتِمَاعِهِمَا قَبْلَ دُخُولِ النَّارِ وَبَعْدَ دُخُولِهَا، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا وَمِمَّا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَرَأَ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَأَبُو عَمْرٍو وَيُصْلَى بِضَمِّ الياء والتخفيف كقوله: نُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ مُطَابِقَةٌ لِلْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ لِأَنَّهُ يُصْلَى فَيَصْلَى أَيْ يَدْخُلُ النَّارَ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَنَافِعٌ وَالْكِسَائِيُّ بِضَمِّ الْيَاءِ مُثَقَّلَةً كَقَوْلِهِ: (وَتَصْلِيَةُ جحيم) وَقَوْلِهِ: ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ [الْحَاقَّةِ: 31] .

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 31  صفحه : 99
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست