responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 700
عَلَى تَحْسِينِ الْخُلُقِ وَتَطْهِيرِ النَّفْسِ عَنِ الْمَعَاصِي وَالْقَبَائِحِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: احْتَجَّ مَنْ جَوَّزَ الْمَعَاصِيَ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، قَالَ لَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مُشْتَغِلًا بِهَا وَإِلَّا لَمَا زُجِرَ عَنْهَا بِقَوْلِهِ: وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ وَالْجَوَابُ الْمُرَادُ مِنْهُ الْأَمْرُ بِالْمُدَاوَمَةِ عَلَى ذَلِكَ الْهُجْرَانِ، كَمَا أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا قَالَ: اهْدِنَا فَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّا لَسْنَا عَلَى الْهِدَايَةِ فَاهْدِنَا، بَلِ الْمُرَادُ ثَبِّتْنَا عَلَى هذه الهداية، فكذا هاهنا.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَرَأَ عَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ وَالرُّجْزَ بِضَمِّ الرَّاءِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَفِي سَائِرِ الْقُرْآنِ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ بِالْكَسْرِ وَقَرَأَ يَعْقُوبُ بِالضَّمِّ، ثُمَّ قَالَ الْفَرَّاءُ: هُمَا لُغَتَانِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَفِي كِتَابِ الْخَلِيلِ الرُّجْزُ بِضَمِّ الرَّاءِ عِبَادَةُ الْأَوْثَانِ وَبِكَسْرِ الرَّاءِ الْعَذَابُ، وَوَسْوَاسُ الشَّيْطَانِ أَيْضًا رِجْزٌ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَفْشَى اللُّغَتَيْنِ وأكثرهما الكسر.

[سورة المدثر (74) : آية 6]
وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6)
فِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ تَسْتَكْثِرُ بِرَفْعِ الرَّاءِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا: أَنْ/ يَكُونَ التَّقْدِيرُ وَلَا تَمْنُنْ لِتَسْتَكْثِرَ فَتُنْزَعُ اللَّامُ فَيَرْتَفِعُ وَثَانِيهَا: أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ لَا تَمْنُنْ أَنْ تَسْتَكْثِرَ ثُمَّ تُحْذَفُ أَنِ النَّاصِبَةُ فَتَسْلَمُ الْكَلِمَةُ مِنَ النَّاصِبِ وَالْجَازِمِ فَتَرْتَفِعُ وَيَكُونُ مَجَازُ الْكَلَامِ لَا تُعْطِ لِأَنْ تَسْتَكْثِرَ وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ حَالٌ مُتَوَقَّعَةٌ أَيْ لَا تَمْنُنْ مُقَدِّرًا أَنْ تَسْتَكْثِرَ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: هُوَ مِثْلُ قَوْلِكَ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ مَعَهُ صَقْرٌ صَائِدًا بِهِ غَدًا أَيْ مُقَدِّرًا لِلصَّيْدِ فكذا هاهنا الْمَعْنَى مُقَدِّرًا الِاسْتِكْثَارَ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يُحْكَى به حالا آيته، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ، ذَكَرُوا فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ وُجُوهًا أَحَدُهَا: أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَهُ قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ، بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: إِنْذَارِ الْقَوْمِ، وَتَكْبِيرِ الرَّبِّ، وَتَطْهِيرِ الثِّيَابِ، وَهَجْرِ الرِّجْزِ، ثُمَّ قَالَ: وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ أَيْ لَا تَمْنُنْ عَلَى رَبِّكَ بِهَذِهِ الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ، كَالْمُسْتَكْثِرِ لِمَا تَفْعَلُهُ، بَلِ اصْبِرْ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ لِوَجْهِ رَبِّكَ مُتَقَرِّبًا بِذَلِكَ إِلَيْهِ غَيْرَ مُمْتَنٍّ بِهِ عَلَيْهِ. قَالَ الْحَسَنُ، لَا تَمْنُنْ عَلَى رَبِّكَ بِحَسَنَاتِكَ فَتَسْتَكْثِرُهَا وَثَانِيهَا: لَا تَمْنُنْ عَلَى النَّاسِ بِمَا تُعَلِّمُهُمْ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ، وَالْوَحْيِ كَالْمُسْتَكْثِرِ لِذَلِكَ الْإِنْعَامِ، فَإِنَّكَ إِنَّمَا فَعَلْتَ ذَلِكَ بِأَمْرِ اللَّهِ، فَلَا مِنَّةَ لَكَ عَلَيْهِمْ، وَلِهَذَا قَالَ: وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ [المدثر: 7] ، وَثَالِثُهَا: لَا تَمْنُنْ عَلَيْهِمْ بِنُبُوَّتِكَ لِتَسْتَكْثِرَ، أَيْ لِتَأْخُذَ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَجْرًا تَسْتَكْثِرُ بِهِ مَالَكَ وَرَابِعُهَا: لَا تَمْنُنْ أَيْ لَا تَضْعُفْ مِنْ قَوْلِهِمْ:
حَبْلٌ مَنِينٌ أَيْ ضَعِيفٌ، يُقَالُ: مَنَّهُ السَّيْرُ أَيْ أَضْعَفَهُ. وَالتَّقْدِيرُ فَلَا تَضْعُفْ أَنْ تَسْتَكْثِرَ مِنْ هَذِهِ الطَّاعَاتِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي أُمِرْتَ بِهَا قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ، وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا قَالَ: هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ: أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ [الزُّمَرِ: 64] أَيْ أَنْ أَعْبُدَ فَحُذِفَتْ أَنْ وَذَكَرَ الْفَرَّاءُ أَنَّ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ (وَلَا تَمْتَنَّ تَسْتَكْثِرُ) وَهَذَا يَشْهَدُ لِهَذَا التَّأْوِيلِ، وَهَذَا الْقَوْلُ اخْتِيَارُ مُجَاهِدٍ وَخَامِسُهَا: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَلا تَمْنُنْ أَيْ لَا تُعْطِ يُقَالُ: مَنَّنْتُ فُلَانًا كَذَا أَيْ أَعْطَيْتُهُ، قَالَ: هَذَا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ [ص: 39] أَيْ فَأَعْطِ، أَوْ أَمْسِكْ وَأَصْلُهُ أَنَّ مَنْ أَعْطَى فَقَدْ مَنَّ، فَسُمِّيَتِ الْعَطِيَّةُ بِالْمَنِّ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ، فَالْمَعْنَى وَلَا تُعْطِ مَالَكَ لِأَجْلِ أَنْ تَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ سُؤَالَاتٌ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: مَا الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَهُ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ؟ الْجَوَابُ: الْحِكْمَةُ فِيهِ مِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ:
لِأَجْلِ أَنْ تَكُونَ عَطَايَاهُ لِأَجْلِ اللَّهِ لَا لِأَجْلِ طَلَبِ الدُّنْيَا، فَإِنَّهُ نُهِيَ عَنْ طَلَبِ الدُّنْيَا فِي قَوْلِهِ: وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 30  صفحه : 700
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست