responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 606
لَهُ، فَثَبَتَ أَنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَوْ كَانَتْ لَهُمْ خَالِصَةً لَوَجَبَ أَنْ يَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ. ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهُمْ مَا تَمَنَّوُا الْمَوْتَ بَلْ لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا، وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ قَطْعًا بُطْلَانُ ادِّعَائِهِمْ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ الدَّارَ الآخرة خالصة لهم من دون الناس.
[هاهنا سؤالات] [السؤال الأول] فَإِنْ قِيلَ [1] لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ لَهُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ خَالِصَةً لَوَجَبَ أَنْ يَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ، قَوْلُهُ لَأَنَّ نَعِيمَ الْآخِرَةِ مَطْلُوبٌ وَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ إِلَّا بِالْمَوْتِ وَالَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْمَطْلُوبُ، لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مَطْلُوبًا. قُلْنَا: قُلْنَا الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْمَطْلُوبُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَطْلُوبًا نَظَرًا إِلَى كَوْنِهِ وَسِيلَةً إِلَى ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ إِلَّا أَنَّهُ يَكُونُ مَكْرُوهًا نَظَرًا إِلَى ذَاتِهِ وَالْمَوْتُ مِمَّا لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِالْآلَامِ الْعَظِيمَةِ وَمَا كَانُوا يُطِيقُونَهَا فَلَا جَرَمَ مَا تَمَنَّوُا الْمَوْتَ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَقْلِبُوا هَذَا السُّؤَالَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُوا: إِنَّكَ تَدَّعِي أَنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ خَالِصَةٌ لَكَ وَلِأُمَّتِكَ دُونَ مَنْ يُنَازِعُكَ فِي الْأَمْرِ فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَارْضَ بِأَنْ نَقْتُلَكَ وَنَقْتُلَ أُمَّتَكَ، فَإِنَّا نَرَاكَ وَنَرَى أُمَّتَكَ فِي الضُّرِّ الشَّدِيدِ وَالْبَلَاءِ الْعَظِيمِ بِسَبَبِ الْجِدَالِ وَالْقِتَالِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّكُمْ تَتَخَلَّصُونَ إِلَى نَعِيمِ الْجَنَّةِ فَوَجَبَ أَنْ تَرْضَوْا بِقَتْلِكُمْ! السُّؤَالُ الثَّالِثُ: لَعَلَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ الدَّارُ الْآخِرَةُ خَالِصَةٌ لِمَنْ كَانَ عَلَى دِينِهِمْ لَكِنْ بِشَرْطِ الِاحْتِرَازِ عَنِ الْكَبَائِرِ، فَأَمَّا صَاحِبُ الْكَبِيرَةِ فَإِنَّهُ يَبْقَى مُخَلَّدًا فِي النَّارِ أَبَدًا لِأَنَّهُمْ كَانُوا وَعِيدِيَّةً أَوْ لِأَنَّهُمْ جَوَّزُوا فِي صَاحِبِ الْكَبِيرَةِ أَنَّ يَصِيرَ مُعَذَّبًا فَلِأَجْلِ هَذَا مَا تَمَنَّوُا الْمَوْتَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْفَعَ هَذَا السُّؤَالَ بِأَنَّ مَذْهَبَهُمْ أَنَّهُ لَا تَمَسُّهُمُ النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْقِيَامَةِ/ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ فَكَانَتْ هَذِهِ الْأَيَّامُ وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةً بِحَسَبِ الْعَدَدِ لَكِنَّهَا طَوِيلَةً بِحَسَبِ الْمُدَّةِ فَلَا جَرَمَ مَا تَمَنَّوُا الْمَوْتَ بِسَبَبِ هَذَا الْخَوْفِ.
السُّؤَالُ الرَّابِعُ:
أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَهَى عَنْ تَمَنِّي الْمَوْتِ فَقَالَ: «لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ وَلَكِنْ لِيَقُلِ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي إِنْ كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إِنْ كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي»
وَأَيْضًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها [الشُّورَى: 18] فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَنْهَى عَنِ الِاسْتِعْجَالِ، ثُمَّ إِنَّهُ يَتَحَدَّى الْقَوْمَ بِذَلِكَ.
السُّؤَالُ الْخَامِسُ: أَنَّ لَفْظَ التَّمَنِّي مُشْتَرِكٌ بَيْنَ التَّمَنِّي الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالْقَلْبِ وَبَيْنَ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى ذَلِكَ الْمَعْنَى وَهُوَ قَوْلُ الْقَائِلِ: لَيْتَنِي مِتُّ، لِلْيَهُودِ أَنْ يَقُولُوا إِنَّكَ طَلَبْتَ مِنَّا التَّمَنِّي وَالتَّمَنِّي لَفْظٌ مُشْتَرِكٌ، فَإِنْ ذَكَرْنَاهُ بِاللِّسَانِ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ: مَا أَرَدْتُ بِهِ هَذَا اللَّفْظَ، وَإِنَّمَا أَرَدْتُ بِهِ الْمَعْنَى الَّذِي فِي الْقَلْبِ وَإِنْ فَعَلْنَا ذَلِكَ الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِالْقَلْبِ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ: كَذَبْتُمْ مَا أَتَيْتُمْ بِذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَلَمَّا عَلِمَ الْيَهُودُ أَنَّهُ أَتَى بِلَفْظَةٍ مُشْتَرَكَةٍ لَا يُمْكِنُ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا لَا جَرَمَ لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ.
السُّؤَالُ السَّادِسُ: هَبْ أَنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَوْ كَانَتْ لَهُمْ لَوَجَبَ أَنْ يَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّهُمْ مَا تَمَنَّوُا الْمَوْتَ وَالِاسْتِدْلَالُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً ضَعِيفٌ لِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِهَذَا إِنَّمَا يَصِحُّ لَوْ ثَبَتَ كَوْنُ الْقُرْآنِ حَقًّا، وَالنِّزَاعُ لَيْسَ إِلَّا فِيهِ. الجواب: قوله أولًاكون الْمَوْتِ مُتَضَمِّنًا لِلْأَلَمِ يَكُونُ كَالصَّارِفِ عَنْ تَمَنِّيهِ، قلنا كما

[1] هذا في قوله تعالى: (السؤال الأول) لأنه ذكر بعده السؤال الثاني، لكنه ذكر الرد على هذا السؤال ولم يرد على غيره كما ترى.
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 606
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست