responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 585
أَصْحابُ الْجَنَّةِ
لِلْحَصْرِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْجَنَّةِ أَصْحَابٌ إِلَّا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، قُلْنَا: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَهَا فَمَنْ أُعْطِيَ الْجَنَّةَ تَفَضُّلًا لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ هَذَا الْحُكْمِ والله أعلم.

[سورة البقرة (2) : آية 83]
وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83)
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا نَوْعٌ آخَرُ مِنْ أَنْوَاعِ النِّعَمِ الَّتِي خَصَّهُمُ اللَّهُ بِهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُوَصِّلٌ إِلَى أَعْظَمِ النِّعَمِ وَهُوَ الْجَنَّةُ، وَالْمُوَصِّلُ إِلَى النِّعْمَةِ نِعْمَةٌ، فَهَذَا التَّكْلِيفُ لَا مَحَالَةَ مِنَ النِّعَمِ، ثُمَّ إنه تعالى بين هاهنا أَنَّهُ كَلَّفَهُمْ بِأَشْيَاءَ: التَّكْلِيفُ الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ «يَعْبُدُونَ» بِالْيَاءِ وَالْبَاقُونَ بِالتَّاءِ، وَوَجْهُ الْيَاءِ أَنَّهُمْ غَيْبٌ أَخْبَرَ عَنْهُمْ، وَوَجْهُ التَّاءِ أَنَّهُمْ كَانُوا مُخَاطَبِينَ وَالِاخْتِيَارُ التَّاءُ، قَالَ أَبُو عَمْرٍو: أَلَا تَرَى أَنَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ قَالَ:
وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً فَدَلَّتِ الْمُخَاطَبَةُ عَلَى التَّاءِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعِ «يَعْبُدُونَ» مِنَ الْإِعْرَابِ عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: قَالَ الْكِسَائِيُّ: رَفْعُهُ عَلَى أَنْ لَا يَعْبُدُوا كَأَنَّهُ قِيلَ: أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ بِأَنْ لَا يَعْبُدُوا إِلَّا أَنَّهُ لَمَّا أُسْقِطَتْ «أَنْ» رُفِعَ الْفِعْلُ كَمَا قَالَ طَرَفَةُ:
أَلَا أيهذا اللاثمي أَحْضُرَ الْوَغَى ... وَأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي
أَرَادَ أَنْ أَحْضُرَ وَلِذَلِكَ عَطَفَ عَلَيْهِ «أَنْ» وَأَجَازَ هَذَا الْوَجْهَ الْأَخْفَشُ وَالْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ وَقُطْرُبٌ وَعَلِيُّ بْنُ عِيسَى وَأَبُو مُسْلِمٍ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: مَوْضِعُهُ رَفْعٌ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ الْقَسَمِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: وَإِذْ أَقْسَمْنَا عَلَيْهِمْ لَا يَعْبُدُونَ، وَأَجَازَ هَذَا الْوَجْهَ الْمُبَرِّدُ وَالْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ وَالزَّجَّاجُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الْأَخْفَشِ.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: قَوْلُ قُطْرُبٍ: أَنَّهُ يَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ فَيَكُونُ مَوْضِعُهُ نَصْبًا كَأَنَّهُ قَالَ: أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ غَيْرَ عَابِدِينَ إِلَّا اللَّهَ.
الْقَوْلُ الرَّابِعُ: قَوْلُ الْفَرَّاءِ إِنَّ مَوْضِعَ «لَا تَعْبُدُونَ» عَلَى النَّهْيِ إِلَّا أَنَّهُ جَاءَ عَلَى لَفْظِ الْخَبَرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها [الْبَقَرَةِ: 233] بِالرَّفْعِ وَالْمَعْنَى عَلَى النَّهْيِ، وَالَّذِي يُؤَكِّدُ كَوْنَهُ نَهْيًا أُمُورٌ. أَحَدُهَا: قَوْلُهُ:
أَقِيمُوا، وَثَانِيهَا: أَنَّهُ يَنْصُرُهُ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ وَأُبَيٍّ: لَا تَعْبُدُوا. وَثَالِثُهَا: أَنَّ الْإِخْبَارَ فِي مَعْنَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ آكَدُ وَأَبْلَغُ مِنْ صَرِيحِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ سُورِعَ إِلَى الِامْتِثَالِ وَالِانْتِهَاءِ فَهُوَ يُخْبِرُ عَنْهُ.
الْقَوْلُ الْخَامِسُ: التَّقْدِيرُ أَنْ لَا تَعْبُدُوا تَكُونُ «أَنْ» مَعَ الْفِعْلِ بَدَلًا عَنِ الْمِيثَاقِ، كَأَنَّهُ قِيلَ: أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِتَوْحِيدِهِمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: هَذَا الْمِيثَاقُ يَدُلُّ عَلَى تَمَامِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الدِّينِ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَهَى

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 585
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست