responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 498
يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ أُنَادِيهِمْ، أَلَا هَلُمَّ أَلَا هَلُمَّ فَيُقَالُ إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ فَأَقُولُ فَسُحْقًا فَسُحْقًا» .
وَالِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْخَبَرِ عَلَى نَفْيِ الشَّفَاعَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ شَفِيعًا لَهُمْ لَمْ يَكُنْ يَقُولُ فَسُحْقًا فَسُحْقًا، لَأَنَّ الشَّفِيعَ لَا يَقُولُ ذَلِكَ، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَفِيعًا لَهُمْ فِي الْخَلَاصِ مِنَ الْعِقَابِ الدَّائِمِ وَهُوَ يَمْنَعُهُمْ شَرْبَةَ مَاءٍ. الثَّانِي:
رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَابَاطٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: «يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ أُعِيذُكَ بِاللَّهِ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ إِنَّهُ سَيَكُونُ أُمَرَاءُ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِمْ فَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَصَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ وَلَنْ يَرِدَ عليَّ الْحَوْضَ وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ فَهُوَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَسَيَرِدُ عليَّ الْحَوْضَ، يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ الصَّلَاةُ قُرْبَانٌ وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ» .
وَالِاسْتِدْلَالُ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنَ النَّبِيِّ وَلَا النَّبِيُّ مِنْهُ فَكَيْفَ يَشْفَعُ لَهُ، وَثَانِيهَا:
قَوْلُهُ: «لَمْ يَرِدْ عليَّ الْحَوْضَ»
دَلِيلٌ عَلَى نَفْيِ الشَّفَاعَةِ لِأَنَّهُ إِذَا مُنِعَ مِنَ الْوُصُولِ إِلَى الرَّسُولِ حَتَّى لَا يَرِدَ عَلَيْهِ الْحَوْضَ فَبِأَنْ يَمْتَنِعَ الرَّسُولُ مِنْ خَلَاصِهِ مِنَ الْعِقَابِ أَوْلَى.
وَثَالِثُهَا: أَنَّ
قَوْلَهُ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنَ السُّحْتِ»
صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلشَّفَاعَةِ فِي حَقِّ صَاحِبِ الْكَبِيرَةِ.
الثَّالِثُ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ بَلَّغْتُكَ» .
وَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْمَطْلُوبِ، لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَمْلِكْ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا فَلَيْسَ لَهُ فِي الشَّفَاعَةِ نَصِيبٌ. الرَّابِعُ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصِيمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ كُنْتُ خَصِيمَهُ خَصَمْتُهُ، رَجُلٌ/ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُوفِهِ أُجْرَتَهُ» .
وَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمَّا كَانَ خَصِيمًا لِهَؤُلَاءِ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ شَفِيعًا لَهُمْ، فَهَذَا مَجْمُوعُ وُجُوهِ الْمُعْتَزِلَةِ فِي هَذَا الْبَابِ. أَمَّا أَصْحَابُنَا فَقَدْ تَمَسَّكُوا فِيهِ بِوُجُوهٍ. أَحَدُهَا:
قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: حِكَايَةً عَنْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، [الْمَائِدَةِ: 118] وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ هَذِهِ الشَّفَاعَةَ مِنْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ إِمَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّهَا كَانَتْ فِي حَقِّ الْكُفَّارِ أَوْ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ الْمُطِيعِ أَوْ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ صَاحِبِ الصَّغِيرَةِ أَوِ الْمُسْلِمِ صَاحِبِ الْكَبِيرَةِ بَعْدَ التَّوْبَةِ أَوِ الْمُسْلِمِ صَاحِبِ الْكَبِيرَةِ قَبْلَ التَّوْبَةِ. وَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ بَاطِلٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لَا يَلِيقُ بِالْكُفَّارِ، وَالْقِسْمُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ الْمُطِيعَ وَالْمُسْلِمَ صَاحِبَ الصَّغِيرَةِ وَالْمُسْلِمَ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ لَا يَجُوزُ بَعْدَ التَّوْبَةِ تَعْذِيبُهُ عَقْلًا عِنْدَ الْخَصْمِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ لَائِقًا بِهِمْ وَإِذَا بَطَلَ ذَلِكَ لَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الشَّفَاعَةَ إِنَّمَا وَرَدَتْ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ صَاحِبِ الْكَبِيرَةِ قَبْلَ التَّوْبَةِ وَإِذَا صَحَّ الْقَوْلُ بِهَذِهِ الشَّفَاعَةِ فِي حَقِّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ صَحَّ الْقَوْلُ بِهَا فِي حَقِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ. وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [إِبْرَاهِيمَ: 36] فَقَوْلُهُ: وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ لَا يَجُوزُ حَمْلُهُ عَلَى الْكَافِرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمَغْفِرَةِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا حَمْلُهُ عَلَى صَاحِبِ الصَّغِيرَةِ وَلَا عَلَى صَاحِبِ الْكَبِيرَةِ بَعْدَ التَّوْبَةِ لِأَنَّ غُفْرَانَهُ لَهُمْ وَاجِبٌ عَقْلًا عِنْدَ الْخَصْمِ فَلَا حَاجَةَ لَهُ إِلَى الشَّفَاعَةِ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا حَمْلُهُ عَلَى صَاحِبِ الْكَبِيرَةِ قَبْلَ التَّوْبَةِ. وَمِمَّا يُؤَكِّدُ دَلَالَةَ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ مَا
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ شُعَبِ الْإِيمَانِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى فِي إِبْرَاهِيمَ: وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَقَوْلَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ الْآيَةَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي وَبَكَى فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 498
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست