responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 497
وَسَادِسُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ [الْمُدَّثِّرِ: 48] وَلَوْ أَثَّرَتِ الشَّفَاعَةُ فِي إِسْقَاطِ الْعِقَابِ لَكَانَتِ الشَّفَاعَةُ قَدْ تَنْفَعُهُمْ وَذَلِكَ ضِدُّ الْآيَةِ. وَسَابِعُهَا: أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ نَرْغَبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيَقُولُونَ فِي جُمْلَةِ أَدْعِيَتِهِمْ: وَاجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِهِ، فَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ لِلشَّفَاعَةِ هُوَ الَّذِي خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا مُصِرًّا عَلَى الْكَبَائِرِ لَكَانُوا قَدْ رَغِبُوا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَنْ يَخْتِمَ لَهُمْ مُصِرِّينَ عَلَى الْكَبَائِرِ. لَا يُقَالُ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمْ يَرْغَبُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَنْ يَجْعَلَهُمْ مِنْ أَهْلِ شَفَاعَتِهِ إِذَا خَرَجُوا مُصِرِّينَ لَا أَنَّهُمْ يَرْغَبُونَ فِي أَنْ يَخْتِمَ لَهُمْ مُصِرِّينَ كَمَا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي دُعَائِهِمْ: اجْعَلْنَا مِنَ التَّوَّابِينَ وَلَيْسُوا يَرْغَبُونَ فِي أَنْ يُذْنِبُوا ثُمَّ يَتُوبُوا وَإِنَّمَا يَرْغَبُونَ فِي أَنْ يُوَفِّقَهُمْ لِلتَّوْبَةِ إِذَا كَانُوا مُذْنِبِينَ وَكِلْتَا الرَّغْبَتَيْنِ مَشْرُوطَةٌ بِشَرْطٍ وَهُوَ تَقَدُّمُ الْإِصْرَارِ وَتَقَدُّمُ الذَّنْبِ، لِأَنَّا نَقُولُ: الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: لَيْسَ يَجِبُ إِذَا شَرَطْنَا شَرْطًا فِي قَوْلِنَا: اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ التَّوَّابِينَ، أَنْ نَزِيدَ شَرْطًا فِي قَوْلِنَا اجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ الشَّفَاعَةِ. الثَّانِي: أَنَّ الْأُمَّةَ فِي كِلْتَا الرَّغْبَتَيْنِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَسْأَلُونَ مِنْهُ تَعَالَى أَنْ يَفْعَلَ بِهِمْ مَا يُوصِلُهُمْ إِلَى الْمَرْغُوبِ فيه ففي قولهم: اجعلنا من التوابين، أن يَرْغَبُونَ فِي أَنْ يُوَفِّقَهُمْ لِلتَّوْبَةِ مِنَ الذُّنُوبِ، وَفِي الثَّانِي يَرْغَبُونَ فِي أَنْ يَفْعَلَ بِهِمْ ما يكونون عِنْدَهُ أَهْلًا لِشَفَاعَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَوْ لَمْ تَحْصُلْ أَهْلِيَّةُ الشَّفَاعَةِ إِلَّا بِالْخُرُوجِ مِنَ الدُّنْيَا مُصِرًّا عَلَى الْكَبَائِرِ لَكَانَ سُؤَالُ أَهْلِيَّةِ الشَّفَاعَةِ سُؤَالًا لِلْإِخْرَاجِ مِنَ الدُّنْيَا حَالَ الْإِصْرَارِ عَلَى الْكَبَائِرِ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ بِالْإِجْمَاعِ. أَمَّا عَلَى قَوْلِنَا: إِنَّ أَهْلِيَّةَ الشَّفَاعَةِ إِنَّمَا تَحْصُلُ بِالْخُرُوجِ مِنَ الدُّنْيَا مُسْتَحِقًّا لِلثَّوَابِ كَانَ سُؤَالُ أَهْلِيَّةِ الشَّفَاعَةِ حَسَنًا فَظَهَرَ الْفَرْقُ. وَثَامِنُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ [الِانْفِطَارِ: 14- 16] يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ الْفُجَّارِ يَدْخُلُونَ النَّارَ وَأَنَّهُمْ لَا يَغِيبُونَ عَنْهَا وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُمْ لَا يَغِيبُونَ عَنْهَا ثَبَتَ أَنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ مِنْهَا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلشَّفَاعَةِ أَثَرٌ لَا فِي الْعَفْوِ عَنِ الْعِقَابِ وَلَا فِي الْإِخْرَاجِ مِنَ النَّارِ بَعْدَ الْإِدْخَالِ فِيهَا. وَتَاسِعُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى:
يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ [يونس: 3] فنفي الشَّفَاعَةِ عَمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي شَفَاعَتِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [الْبَقَرَةِ: 255] وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً [سَبَأٍ: 38] وَإِنَّهُ تَعَالَى لَمْ يَأْذَنْ فِي الشَّفَاعَةِ فِي حَقِّ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ لِأَنَّ هَذَا الْإِذْنَ لَوْ عُرِفَ لَعُرِفَ إِمَّا بِالْعَقْلِ أَوْ بِالنَّقْلِ، أَمَّا الْعَقْلُ فَلَا مَجَالَ لَهُ فِيهِ، وَأَمَّا النَّقْلُ/ فَإِمَّا بِالتَّوَاتُرِ أَوْ بِالْآحَادِ، وَالْآحَادُ لَا مَجَالَ لَهُ فِيهِ لِأَنَّ رِوَايَةَ الْآحَادِ لَا تُفِيدُ إِلَّا الظَّنَّ وَالْمَسْأَلَةُ عِلْمِيَّةٌ وَالتَّمَسُّكُ فِي الْمَطَالِبِ الْعِلْمِيَّةِ بِالدَّلَائِلِ الظَّنِّيَّةِ غَيْرُ جَائِزٍ. وَأَمَّا بِالتَّوَاتُرِ فَبَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ لَعَرَفَهُ جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا أَنْكَرُوا هَذِهِ الشَّفَاعَةَ. فَحَيْثُ أَطْبَقَ الْأَكْثَرُونَ عَلَى الْإِنْكَارِ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ هَذَا الْإِذْنُ. وَعَاشِرُهَا: قوله تعالى: [في سورة غافر الذين يحملون العرش ... ] الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ [غَافِرٍ: 7] وَلَوْ كَانَتِ الشَّفَاعَةُ حَاصِلَةً لِلْفَاسِقِ لَمْ يَكُنْ لِتَقْيِيدِهَا بِالتَّوْبَةِ وَمُتَابَعَةِ السَّبِيلِ مَعْنًى.
الْحَادِيَ عَشَرَ: الْأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا تُوجَدُ الشَّفَاعَةُ فِي حَقِّ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ. الْأَوَّلُ: مَا
رَوَى الْعَلَاءُ بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ دَخَلَ الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ إِخْوَانَنَا: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَا إِخْوَانَكَ.
قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَكَ مِنْ أُمَّتِكَ؟
قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ لِرَجُلٍ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ فِي خَيْلٍ دُهْمٍ فَهَلْ لَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ، أَلَا فَلَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 497
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست