responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 483
وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يَعُودُونَ إِلَى ذَلِكَ اللَّفْظِ وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: لِما قالُوا الْمَقُولَ فِيهِ، وَهُوَ الَّذِي حَرَّمُوهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِلَفْظِ الظِّهَارِ، تَنْزِيلًا لِلْقَوْلِ مَنْزِلَةَ الْمَقُولِ فِيهِ، وَنَظِيرُهُ قوله تعالى: وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ [مريم: 80] أَيْ وَنَرِثُهُ الْمَقُولَ،
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»
وَإِنَّمَا هُوَ عَائِدٌ فِي الْمَوْهُوبِ، وَيَقُولُ الرَّجُلُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَجَاؤُنَا، أَيْ مَرْجُوُّنَا، وَقَالَ تَعَالَى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الْحِجْرِ: 99] أَيِ الْمُوقَنُ بِهِ، وَعَلَى هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا أَيْ يَعُودُونَ إِلَى الشَّيْءِ الَّذِي قَالُوا فِيهِ ذَلِكَ الْقَوْلَ، ثُمَّ إِذَا فَسَّرْنَا هَذَا اللَّفْظَ بِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَنَقُولُ: قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ، يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: عَادَ لِمَا فَعَلَ، أَيْ فَعَلَهُ مَرَّةً أُخْرَى، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: عَادَ لِمَا فَعَلَ، أَيْ نَقَضَ مَا فَعَلَ، وَهَذَا كَلَامٌ مَعْقُولٌ، لِأَنَّ مَنْ فَعَلَ شَيْئًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُقَالَ مِثْلُهُ، فَقَدْ عَادَ إِلَى تِلْكَ الْمَاهِيَّةِ لَا مَحَالَةَ أَيْضًا، وَأَيْضًا مَنْ فَعَلَ شَيْئًا ثُمَّ أَرَادَ إِبْطَالَهُ فَقَدْ عَادَ إِلَيْهِ، لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الشَّيْءِ بِالْإِعْدَامِ لَا يُمْكِنُ إِلَّا بِالْعَوْدِ إِلَيْهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: ظَهَرَ مِمَّا قَدَّمْنَا أَنَّ قَوْلَهُ: ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ ثُمَّ يَعُودُونَ إِلَيْهِ بِالنَّقْضِ وَالرَّفْعِ وَالْإِزَالَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يكون المراد منه، ثم يعودون إلى تكون مِثْلِهِ مَرَّةً أُخْرَى، أَمَّا الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ فَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُجْتَهِدِينَ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَعْنَى الْعَوْدِ لِمَا قَالُوا السُّكُوتُ عَنِ الطَّلَاقِ بَعْدَ الظِّهَارِ زَمَانًا يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا ظَاهَرَ فَقَدْ قَصَدَ التَّحْرِيمَ، فَإِنْ وَصَلَ ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ فَقَدْ تَمَّمَ مَا شَرَعَ مِنْهُ مِنْ إِيقَاعِ التَّحْرِيمِ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، فَإِذَا سَكَتَ عَنِ الطَّلَاقِ، فَذَاكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَدِمَ عَلَى مَا ابْتَدَأَ بِهِ مِنَ التَّحْرِيمِ، فَحِينَئِذٍ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَاحْتَجَّ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ فِي «أَحْكَامِ الْقُرْآنِ» عَلَى فَسَادِ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ تعالى قال: ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا وثم تَقْتَضِي التَّرَاخِي، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ الْمُظَاهِرُ عَائِدًا عَقِيبَ الْقَوْلِ بِلَا تَرَاخٍ، وَذَلِكَ خِلَافُ مُقْتَضَى الْآيَةِ الثَّانِي: أَنَّهُ شَبَّهَهَا بِالْأُمِّ وَالْأُمُّ لَا يَحْرُمُ إِمْسَاكُهَا، فَتَشْبِيهُ الزَّوْجَةِ بِالْأُمِّ لَا يَقْتَضِي حُرْمَةَ إِمْسَاكِ الزَّوْجَةِ، فَلَا يَكُونُ إِمْسَاكُ الزَّوْجَةِ نَقْضًا لِقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَوَجَبَ أَنْ لَا يُفَسَّرَ الْعَوْدُ بِهَذَا الْإِمْسَاكِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ: أَنَّ هَذَا أَيْضًا وَارِدٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ جَعَلَ تَفْسِيرَ الْعَوْدِ اسْتِبَاحَةَ الْوَطْءِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَتَمَكَّنَ الْمُظَاهِرُ مِنَ الْعَوْدِ إِلَيْهَا بِهَذَا التَّفْسِيرِ عَقِيبَ فَرَاغِهِ مِنَ التَّلَفُّظِ بِلَفْظِ الظِّهَارِ حَتَّى يَحْصُلَ التَّرَاخِي، مَعَ أَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، فَثَبَتَ أَنَّ هَذَا الْإِشْكَالَ وَارِدٌ عَلَيْهِ أَيْضًا، ثُمَّ نَقُولُ: إِنَّهُ مَا لَمْ يَنْقَضِ زَمَانٌ يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهِ، لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ عَائِدًا، فَقَدْ تَأَخَّرَ كَوْنُهُ عَائِدًا عَنْ/ كَوْنِهِ مُظَاهِرًا بِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنَ الزَّمَانِ، وَذَلِكَ يَكْفِي فِي الْعَمَلِ بِمُقْتَضَى كَلِمَةِ: ثُمَّ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي: أَنَّ الْأُمَّ يَحْرُمُ إِمْسَاكُهَا عَلَى سَبِيلِ الزَّوْجِيَّةِ وَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا، فَقَوْلُهُ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ أَنَّ التَّشْبِيهَ وَقَعَ فِي إِمْسَاكِهَا عَلَى سَبِيلِ الزَّوْجِيَّةِ، أَوْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الْكُلِّ، فَقَوْلُهُ:
أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، يَقْتَضِي تَشْبِيهَهَا بِالْأُمِّ فِي حُرْمَةِ إِمْسَاكِهَا عَلَى سَبِيلِ الزَّوْجِيَّةِ، فَإِذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا فَقَدْ أَمْسَكَهَا عَلَى سَبِيلِ الزَّوْجِيَّةِ، فَكَانَ هَذَا الْإِمْسَاكُ مُنَاقِضًا لِمُقْتَضَى قَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَوَجَبَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ عَائِدًا، وَهَذَا كَلَامٌ مُلَخَّصٌ فِي تَقْرِيرِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الْوَجْهُ الثَّانِي: فِي تَفْسِيرِ الْعَوْدِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنِ اسْتِبَاحَةِ الْوَطْءِ وَالْمُلَامَسَةِ وَالنَّظَرِ إِلَيْهَا بِالشَّهْوَةِ، قَالُوا: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا شَبَّهَهَا بِالْأُمِّ فِي حُرْمَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، ثُمَّ قَصَدَ اسْتِبَاحَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ كَانَ ذَلِكَ مُنَاقِضًا لِقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ ضَعِيفٌ، لِأَنَّهُ لَمَّا شَبَّهَهَا بِالْأُمِّ، لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ فِي أَيِّ الْأَشْيَاءِ شَبَّهَهَا بِهَا، فَلَيْسَ صَرْفُ هَذَا التَّشْبِيهِ إِلَى حُرْمَةِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 483
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست