responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 482
الشَّرْعَ جَعَلَهُ سَبَبًا فِي حُصُولِ الْحُرْمَةِ، فَلَمَّا لَمْ يُرِدِ الشَّرْعُ بِهَذَا التَّشْبِيهَ، كَانَ جَعْلُهُ إِنْشَاءً فِي وُقُوعِ هَذَا الْحُكْمِ يَكُونُ كَذِبًا وَزُورًا، وَقَالَ/ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ: مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً لِأَنَّ الْأُمَّ مُحَرَّمَةٌ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا، وَالزَّوْجَةُ لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِهَذَا الْقَوْلِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا، فَلَا جَرَمَ كَانَ ذَلِكَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا، وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ تَشْبِيهَ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ لَا يَقْتَضِي وُقُوعَ الْمُشَابَهَةِ بَيْنَهُمَا مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَشْبِيهِ الزَّوْجَةِ بِالْأُمِّ فِي الْحُرْمَةِ تَشْبِيهُهَا بِهَا فِي كَوْنِ الْحُرْمَةِ مُؤَبَّدَةً، لِأَنَّ مُسَمَّى الْحُرْمَةِ أَعَمُّ مِنَ الْحُرْمَةِ الْمُؤَبَّدَةِ وَالْمُؤَقَّتَةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً أَمَّا الْكَلَامُ فِي تَفْسِيرِ لَفْظَةِ اللَّائِي، فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِي تُظاهِرُونَ [الأحزاب:
4] ثُمَّ فِي الْآيَةِ سُؤَالَانِ: وَهُوَ أَنَّ ظَاهِرَهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا أُمَّ إِلَّا الْوَالِدَةُ، وَهَذَا مشكل، لأنه قال في آية أخرى:
وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ [النِّسَاءِ: 23] وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ [الْأَحْزَابِ: 6] وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُدْفَعَ هَذَا السُّؤَالُ بِأَنَّ الْمَعْنَى مِنْ كَوْنِ الْمُرْضِعَةِ أُمًّا، وَزَوْجَةِ الرَّسُولِ أُمًّا، حُرْمَةُ النِّكَاحِ، وَذَلِكَ لِأَنَّا نَقُولُ: إِنَّ بِهَذَا الطَّرِيقِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْأُمُومَةِ الْحَقِيقِيَّةِ عَدَمُ الْحُرْمَةِ، فَإِذًا لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ كَوْنِ الزَّوْجَةِ أُمًّا عَدَمُ الْحُرْمَةِ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ يُوهِمُ أَنَّهُ تَعَالَى اسْتَدَلَّ بِعَدَمِ الْأُمُومَةِ عَلَى عَدَمِ الْحُرْمَةِ، وَحِينَئِذٍ يَتَوَجَّهُ السُّؤَالُ وَالْجَوَابُ:
أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ ظَاهِرِ الْآيَةِ مَا ذَكَرَهُ السَّائِلُ بَلْ تَقْدِيرُ الْآيَةِ كَأَنَّهُ قِيلَ: الزَّوْجَةُ لَيْسَتْ بِأُمٍّ، حَتَّى تَحْصُلَ الْحُرْمَةُ بِسَبَبِ الْأُمُومَةِ، وَلَمْ يُرِدِ الشَّرْعُ بِجَعْلِ هَذَا اللَّفْظِ سَبَبًا لِوُقُوعِ الْحُرْمَةِ حَتَّى تَحْصُلَ الْحُرْمَةُ، فَإِذًا لَا تَحْصُلُ الْحُرْمَةُ هُنَاكَ الْبَتَّةَ فَكَانَ وَصْفُهُمْ لَهَا بِالْحُرْمَةِ كَذِبًا وَزُورًا.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ إِمَّا مِنْ غَيْرِ التَّوْبَةِ لِمَنْ شَاءَ كَمَا قَالَ: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ أَوْ بعد التوبة.

[سورة المجادلة (58) : آية 3]
وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3)
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا قَالَ الزَّجَّاجُ: الَّذِينَ رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ فَعَلَيْهِمْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ فِي الْكَلَامِ دَلِيلًا عَلَيْهِ، وَإِنْ شِئْتَ أَضْمَرْتَ فَكَفَّارَتُهُمْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ. أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَاعْلَمْ أَنَّهُ كَثُرَ اخْتِلَافُ النَّاسِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَلَا بُدَّ أَوَّلًا مِنْ بَيَانِ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ، وَثَانِيًا مِنْ بَيَانِ أَقْوَالِ أَهْلِ الشَّرِيعَةِ، وَفِيهَا مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَالَ الْفَرَّاءُ: لَا فَرْقَ فِي اللُّغَةِ بَيْنَ أَنْ يُقَالَ: يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا: وَإِلَى مَا قَالُوا وَفِيمَا قَالُوا، أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ: كَلِمَةُ إِلَى وَاللَّامُ يَتَعَاقَبَانِ، كَقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا [الْأَعْرَافِ: 43] وَقَالَ: فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ [الصَّافَّاتِ: 23] وَقَالَ تَعَالَى: وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ [هُودَ: 36] وَقَالَ:
بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها [الزَّلْزَلَةِ: 5] .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لَفْظُ مَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لفظ الظهار،

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 482
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست