responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 423
مَخَافَةَ الْعَطَشِ، فَلَمَّا ذَكَرَ الْمَأْكُولَ أَوَّلًا وَأَتَمَّهُ بِذِكْرِ الْمَشْرُوبِ ثَانِيًا قَالَ: فَلَوْلا تَشْكُرُونَ عَلَى هذه النعمة التامة. ثم قال تعالى:

[سورة الواقعة (56) : آية 71]
أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71)
أي: تقدمون.

[سورة الواقعة (56) : آية 72]
أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (72)
وَفِي شَجَرَةِ النَّارِ وَجُوهٌ أَحَدُهَا: أَنَّهَا الشَّجَرَةُ الَّتِي تُورِي النَّارَ مِنْهَا بِالزَّنْدِ وَالزَّنْدَةِ كَالْمَرْخِ وثانيهما: الشَّجَرَةُ الَّتِي تَصْلُحُ لِإِيقَادِ النَّارِ كَالْحَطَبِ فَإِنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ لَمْ يَسْهُلْ إِيقَادُ النَّارِ، لَأَنَّ النَّارَ لَا تَتَعَلَّقُ بِكُلِّ شَيْءٍ كَمَا تَتَعَلَّقُ بِالْحَطَبِ وَثَالِثُهَا: أُصُولُ شَعْلِهَا وَوَقُودُ شَجَرَتِهَا وَلَوْلَا كَوْنُهَا ذَاتَ شَعْلٍ لَمَا صَلَحَتْ لِإِنْضَاجِ الأشياء والباقي ظاهر.

[سورة الواقعة (56) : آية 73]
نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (73)
فِي قَوْلِهِ: تَذْكِرَةً وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: تَذْكِرَةً لِنَارِ الْقِيَامَةِ فَيَجِبُ عَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَخْشَى اللَّه تَعَالَى وَعَذَابَهُ إِذَا رَأَى النَّارَ الْمُوقَدَةَ وَثَانِيهِمَا: تَذْكِرَةً بِصِحَّةِ الْبَعْثِ، لِأَنَّ مَنْ قَدَرَ عَلَى إِيدَاعِ النَّارِ فِي الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ لَا يَعْجِزُ عَنْ إِيدَاعِ الْحَرَارَةِ الْغَرِيزِيَّةِ فِي بَدَنِ الْمَيِّتِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا [يس: 80] وَالْمُقْوِي: هُوَ الَّذِي أَوْقَدَهُ فَقَوَّاهُ وَزَادَهُ وَفِيهِ لَطِيفَةٌ: وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى قَدَّمَ كَوْنَهَا تَذْكِرَةً عَلَى كَوْنِهَا مَتَاعًا لِيُعْلَمَ أَنَّ الْفَائِدَةَ الْأُخْرَوِيَّةَ أَتَمُّ وَبِالذِّكْرِ أهم. ثم قال تعالى:

[سورة الواقعة (56) : آية 74]
فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)
وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي وَجْهِ تَعَلُّقِهِ بِمَا قَبْلَهُ؟ نَقُولُ: لَمَّا ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى حَالَ الْمُكَذِّبِينَ بِالْحَشْرِ وَالْوَحْدَانِيَّةِ ذَكَرَ الدَّلِيلَ عَلَيْهِمَا بِالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَلَمْ يُفِدْهُمُ الْإِيمَانُ قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: / إِنَّ وَظِيفَتَكَ أَنْ تَكْمُلَ فِي نَفْسِكَ وَهُوَ عِلْمُكَ بِرَبِّكَ وَعَمَلُكَ لِرَبِّكَ: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي قَوْلُهُ تَعَالَى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ [طه: 130] وفي مَوْضِعٍ آخَرَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: التَّسْبِيحُ التَّنْزِيهُ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ فَمَا فَائِدَةُ ذِكْرِ الِاسْمِ وَلَمْ يَقُلْ: فَسَبِّحْ بِرَبِّكَ الْعَظِيمِ؟ فَنَقُولُ الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ أَنَّ الِاسْمَ مُقْحَمٌ، وَعَلَى هَذَا الْجَوَابِ فَنَقُولُ: فِيهِ فَائِدَةٌ زِيَادَةُ التَّعْظِيمِ، لِأَنَّ مَنْ عَظَّمَ عَظِيمًا وَبَالَغَ فِي تَعْظِيمِهِ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَهُ إِلَّا وَعَظَّمَهُ، فَلَا يَذْكُرُ اسْمَهُ فِي مَوْضِعٍ وَضِيعٍ وَلَا عَلَى وَجْهِ الِاتِّفَاقِ كَيْفَمَا اتَّفَقَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ يُعَظِّمُ شَخْصًا عِنْدَ حُضُورِهِ رُبَّمَا لَا يُعَظِّمُهُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ فَيَذْكُرُهُ بِاسْمِ عَلَمِهِ، فَإِنْ كَانَ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ، فَإِذَا عَظُمَ عِنْدَهُ لَا يَذْكُرُهُ فِي حُضُورِهِ وَغَيْبَتِهِ إِلَّا بِأَوْصَافِ الْعَظَمَةِ، فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَى هَذَا فَمَا فَائِدَةُ الْبَاءِ وَكَيْفَ صَارَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَقُلْ: فَسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْعَظِيمِ، أَوِ الرَّبَّ الْعَظِيمَ، نَقُولُ:
قَدْ تَقَدَّمَ مِرَارًا أَنَّ الْفِعْلَ إِذَا كَانَ تَعَلُّقُهُ بِالْمَفْعُولِ ظَاهِرًا غَايَةَ الظُّهُورِ لَا يَتَعَدَّى إِلَيْهِ بِحَرْفٍ فَلَا يُقَالُ: ضَرَبْتُ بِزَيْدٍ بِمَعْنَى ضَرَبْتُ زَيْدًا، وَإِذَا كَانَ فِي غَايَةِ الْخَفَاءِ لَا يَتَعَدَّى إِلَيْهِ إِلَّا بِحَرْفٍ فَلَا يُقَالُ: ذَهَبْتُ زَيْدًا بِمَعْنَى ذَهَبْتُ بِزَيْدٍ، وَإِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا جَازَ الْوَجْهَانِ فَنَقُولُ: سَبَّحْتُهُ وَسَبَّحْتُ بِهِ وَشَكَرْتُهُ وَشَكَرْتُ لَهُ، إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: لَمَّا عَلَّقَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 423
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست