responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 422
وفي: لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ [الواقعة: 70] وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْجَوَابِ فِي قَوْلِهِ: أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ [يس: 47] إِذَا نَظَرْتَ إِلَيْهِ تَجِدُهُ مُسْتَقِيمًا، وَحَيْثُ لَمْ يَقُلْ: لَوْ شَاءَ اللَّه أَطْعَمَهُ، عُلِمَ أَنَّ الْآخَرَ جَزَاءٌ وَلَمْ يَبْقَ فِيهِ تَوَهُّمٌ، لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ عَالِمٌ بِحَقِيقَةِ كَلَامِهِ، وَإِمَّا أَنْ يكون عندهم وذلك غير جائز هاهنا، لِأَنَّ قَوْلَهُمْ: لَوْ شَاءَ اللَّه أَطْعَمَهُ رَدٌّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي زَعْمِهِمْ يَعْنِي أَنْتُمْ تَقُولُونَ: إن اللَّه لو شاء فعل فَلَا نُطْعِمُ مِنْ لَوْ شَاءَ اللَّه أَطْعَمَهُ عَلَى زَعْمِكُمْ، فَلَمَّا كَانَ أَطْعَمَهُ جَزَاءً مَعْلُومًا عِنْدَ السَّامِعِ وَالْمُتَكَلِّمِ اسْتَغْنَى عَنِ اللَّامِ، وَالْحُطَامُ كَالْفُتَاتِ وَالْجُذَاذِ وَهُوَ مِنَ الْحَطْمِ كَمَا أَنَّ الْفُتَاتَ وَالْجُذَاذَ مِنَ الْفَتِّ وَالْجَذِّ وَالْفُعَالُ فِي أَكْثَرِ الْأَمْرِ يَدُلُّ عَلَى مَكْرُوهٍ أَوْ مُنْكَرٍ، إِمَّا فِي الْمَعَانِي: فَكَالسُّبَاتِ وَالْفُوَاقِ وَالزُّكَامِ وَالدُّوَارِ وَالصُّدَاعِ لِأَمْرَاضٍ وَآفَاتٍ فِي النَّاسِ وَالنَّبَاتِ. وَإِمَّا فِي الْأَعْيَانِ: فَكَالْجُذَاذِ وَالْحُطَامِ وَالْفُتَاتِ وَكَذَا إِذَا لَحِقَتْهُ الْهَاءُ كَالْبُرَادَةِ وَالسُّحَالَةِ، وَفِيهِ زِيَادَةُ بَيَانٍ وَهُوَ أَنَّ ضَمَّ الْفَاءِ مِنَ الْكَلِمَةِ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الْأَفْعَالِ فَإِنَّا نَقُولُ: فُعِلَ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَكَانَ السَّبَبُ أَنَّ أَوَائِلَ الْكَلِمِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ التَّخْفِيفُ الْمُطْلَقُ وَهُوَ السُّكُونُ لَمْ يَثْبُتِ التَّثْقِيلُ الْمُطْلَقُ وَهُوَ الضَّمُّ، فَإِذَا ثَبَتَ فَهُوَ لِعَارِضٍ، فإن عُلِمَ كَمَا ذَكَرْنَا فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ كَمَا فِي بُرْدٍ وَقُفْلٍ فَالْأَمْرُ خَفِيٌّ يَطُولُ ذِكْرُهُ وَالْوَضْعُ يَدُلُّ عَلَيْهِ فِي الثُّلَاثِيِّ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: كَأَنَّمَا هُوَ كَلَامٌ مُقَدَّرٌ عَنْهُمْ كَأَنَّهُ يَقُولُ: وَحِينَئِذٍ يَحِقُّ أَنْ تَقُولُوا: إِنَّا لَمُعَذَّبُونَ دَائِمُونَ فِي الْعَذَابِ.
وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: فَيَقُولُونَ: إِنَّا لمعذبون ومحرمون عَنْ إِعَادَةِ الزَّرْعِ مَرَّةً أُخْرَى، يَقُولُونَ: إِنَّا لَمُعَذَّبُونَ بِالْجُوعِ بِهَلَاكِ الزَّرْعِ وَمَحْرُومُونَ عَنْ دَفْعِهِ بغير الزرع لفوات الماء والوجه الثالث: فِي الْغُرْمِ إِنَّا لَمُكْرَهُونَ بِالْغَرَامَةِ مِنْ غَرِمَ الرجل وأصل الغرم والغرام لزوم المكروه. ثم قال تعالى:

[سورة الواقعة (56) : الآيات 68 الى 70]
أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69) لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ (70)
خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَلْطَفُ وَأَنْظَفُ أَوْ تَذْكِيرًا لَهُمْ بِالْإِنْعَامِ عَلَيْهِمْ، وَالْمُزْنُ السَّحَابُ الثَّقِيلُ بِالْمَاءِ لَا بِغَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ يَدُلُّ عَلَى ثِقَلِهِ قَلْبُ اللَّفْظِ وَعَلَى مدافعة الأمر وهو التزم فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ/ السَّحَابُ الَّذِي مَسَّ الْأَرْضَ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْأُجَاجِ أَنَّهُ الْمَاءُ الْمُرُّ مِنْ شِدَّةِ الْمُلُوحَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ هُوَ الْحَارُّ مِنْ أَجِيجِ النَّارِ كَالْحُطَامِ مِنَ الْحَطِيمِ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: هَذَا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ [الْفُرْقَانِ: 53] ذَكَرَ فِي الْمَاءِ الطَّيِّبِ صِفَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا عَائِدَةٌ إِلَى طَعْمِهِ وَالْأُخْرَى عَائِدَةٌ إِلَى كَيْفِيَّةِ مَلْمَسِهِ وَهِيَ الْبُرُودَةُ وَاللَّطَافَةُ، وَفِي الْمَاءِ الْآخَرِ أَيْضًا صِفَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا عَائِدَةٌ إلى طعمه والأخرى عائدة إلى كيفية لمسه وَهِيَ الْحَرَارَةُ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى:
فَلَوْلا تَشْكُرُونَ لَمْ يَقُلْ عِنْدَ ذِكْرِ الطَّعَامِ الشُّكْرَ وَذَلِكَ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَأْكُولِ أَكْلَهُمْ، فَلَمَّا لَمْ يَقُلْ: تَأْكُلُونَ لَمْ يَقُلْ: تَشْكُرُونَ وَقَالَ فِي الْمَاءِ: تَشْرَبُونَ فَقَالَ: تَشْكُرُونَ والثاني: أن في المأكول قال: تَحْرُثُونَ [الواقعة: 63] فَأَثْبَتَ لَهُمْ سَعْيًا فَلَمْ يَقُلْ: تَشْكُرُونَ وَقَالَ في الماء: أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ لَا عَمَلَ لَكُمْ فِيهِ أَصْلًا فَهُوَ مَحْضُ النِّعْمَةِ فَقَالَ: فَلَوْلا تَشْكُرُونَ وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ الْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: النِّعْمَةُ لَا تَتِمُّ إِلَّا عِنْدَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الْبَرَارِيِّ الَّتِي لَا يُوجَدُ فِيهَا الْمَاءُ لَا يَأْكُلُ الْإِنْسَانُ شَيْئًا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 422
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست