responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 410
وَأَمَّا النَّفْسُ فَإِلَيْهَا الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي وَلَمَّا أَضَافَ الرُّوحَ إِلَى نَفْسِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ جَوْهَرٌ شَرِيفٌ عُلْوِيٌّ قُدْسِيٌّ، وَذَهَبَتِ الْحُلُولِيَّةُ إِلَى أَنَّ كَلِمَةَ (مِنْ) تَدُلُّ عَلَى التَّبْعِيضِ، وَهَذَا يُوهِمُ أَنَّ الرُّوحَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا غَايَةُ الْفَسَادِ، لِأَنَّ كُلَّ مَا لَهُ جُزْءٌ وَكُلٌّ، فَهُوَ مُرَكَّبٌ وَمُمْكِنُ الْوُجُودِ لِذَاتِهِ وَمُحْدَثٌ.
وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ نَفْخِ الرُّوحِ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْأَقْرَبَ أَنَّ جَوْهَرَ النَّفْسِ عِبَارَةٌ عَنْ أَجْسَامٍ شَفَّافَةٍ نُورَانِيَّةٍ، عُلْوِيَّةِ الْعُنْصُرِ، قُدْسِيَّةِ الْجَوْهَرِ، وَهِيَ تَسْرِي فِي الْبَدَنِ سَرَيَانَ الضَّوْءِ فِي الْهَوَاءِ، وَسَرَيَانَ النَّارِ فِي الْفَحْمِ، فَهَذَا الْقَدْرُ مَعْلُومٌ. أَمَّا كَيْفِيَّةُ ذَلِكَ النَّفْخِ فَمِمَّا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: الْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَمَا تَمَّ نَفْخُ الرَّوْحِ فِي الْجَسَدِ تَوَّجَهُ أَمْرُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِالسُّجُودِ، وَأَمَّا أَنَّ الْمَأْمُورَ بِذَلِكَ السُّجُودِ مَلَائِكَةُ الأرض، أو دخل فيه ملائكة السموات مِثْلُ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، وَالرُّوحِ الْأَعْظَمِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا [النَّبَأِ: 38] فَفِيهِ مَبَاحِثٌ عَمِيقَةٌ. وَقَالَ بَعْضُ الصُّوفِيَّةِ: الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ أُمِرُوا بِالسُّجُودِ لِآدَمَ، هُمُ الْقُوَى النَّبَاتِيَّةُ وَالْحَيَوَانِيَّةُ الْحِسِّيَّةُ وَالْحَرَكِيَّةُ، فَإِنَّهَا فِي بَدَنِ الْإِنْسَانِ خَوَادِمُ النَّفْسِ النَّاطِقَةِ، / وَإِبْلِيسُ الَّذِي لَمْ يَسْجُدْ هُوَ الْقُوَّةُ الْوَهْمِيَّةُ الَّتِي هِيَ الْمُنَازِعَةُ لِجَوْهَرِ الْعَقْلِ، وَالْكَلَامُ فِيهِ طَوِيلٌ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْمَسَائِلِ وَهِيَ: كَيْفِيَّةُ سُجُودِ الْمَلَائِكَةِ لِآدَمَ، وَأَنَّ ذَلِكَ هَلْ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ أَفْضَلَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَمْ لَا، وَأَنَّ إِبْلِيسَ هَلْ كَانَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَمْ لَا، وَأَنَّهُ هَلْ كَانَ كَافِرًا، أَصْلِيًّا أَمْ لَا، فَكُلُّ ذَلِكَ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَغَيْرِهَا.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: احْتَجَّ مَنْ أَثْبَتَ الْأَعْضَاءَ وَالْجَوَارِحَ لِلَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ فِي إِثْبَاتِ يَدَيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى، بِأَنْ قَالُوا ظَاهِرُ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ، وَالْآيَاتُ الْكَثِيرَةُ وَارِدَةٌ عَلَى وَفْقِ هَذِهِ الْآيَةِ، فَوَجَبَ الْقَطْعُ بِهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الدَّلَائِلَ الدَّالَّةَ عَلَى نَفْيِ كَوْنِهِ تَعَالَى جِسْمًا مُرَكَّبًا مِنَ الْأَجْزَاءِ وَالْأَعْضَاءِ، قَدْ سَبَقَتْ إِلَّا أَنَّا نَذْكُرُ هاهنا نُكَتًا جَارِيَةً مَجْرَى الْإِلْزَامَاتِ الظَّاهِرَةِ فَالْأَوَّلُ: أَنَّ مَنْ قَالَ إِنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنَ الْأَعْضَاءِ وَالْأَجْزَاءِ، فَإِمَّا أَنْ يُثْبِتَ الْأَعْضَاءَ الَّتِي وَرَدَ ذِكْرُهَا فِي الْقُرْآنِ وَلَا يَزِيدَ عَلَيْهَا، وَإِمَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَزِمَهُ إِثْبَاتُ صُورَةٍ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُزَادَ عَلَيْهَا فِي الْقُبْحِ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إِثْبَاتُ وَجْهٍ بِحَيْثُ لَا يُوجَدُ مِنْهُ إِلَّا مُجَرَّدُ رُقْعَةِ الْوَجْهِ لِقَوْلِهِ: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [الْقَصَصِ: 88] وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُثْبِتَ فِي تِلْكَ الرُّقْعَةِ عُيُونًا كَثِيرَةً لِقَوْلِهِ: تَجْرِي بِأَعْيُنِنا [الْقَمَرِ: 14] وَأَنْ يُثْبِتَ جَنْبًا واحدا لقوله تعالى: يا حَسْرَتى عَلى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ [الزُّمَرِ: 56] وَأَنْ يُثْبِتَ عَلَى ذَلِكَ الْجَنْبِ أَيْدِيَ كَثِيرَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا [يس: 71] وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ يَدَانِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كِلَاهُمَا عَلَى جَانِبٍ وَاحِدٍ
لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ»
وَأَنْ يُثْبِتَ لَهُ سَاقًا وَاحِدًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ [الْقَلَمِ: 42] فَيَكُونُ الْحَاصِلُ مِنْ هَذِهِ الصُّورَةِ، مُجَرَّدَ رُقْعَةِ الْوَجْهِ وَيَكُونُ عَلَيْهَا عُيُونٌ كَثِيرَةٌ، وَجَنْبٌ وَاحِدٌ وَيَكُونُ عَلَيْهِ أَيْدٍ كَثِيرَةٌ وَسَاقٌ وَاحِدٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ أَقْبَحُ الصُّوَرِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا عَبْدًا لَمْ يَرْغَبْ أَحَدٌ فِي شِرَائِهِ، فَكَيْفَ يَقُولُ الْعَاقِلُ إِنَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ مَوْصُوفٌ بِهَذِهِ الصُّورَةِ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى الْأَعْضَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقُرْآنِ، بَلْ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ عَلَى وَفْقِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 26  صفحه : 410
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست