responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 563
بِقَوْلِهِ: أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : أَطَّلَعَ الْغَيْبَ مِنْ قَوْلِهِمْ أَطَّلَعَ الْجَبَلَ أَيِ ارْتَقَى إِلَى أَعْلَاهُ وَيُقَالُ مَرَّ مُطَّلِعًا لِذَلِكَ الْأَمْرِ أَيْ غَالِبًا لَهُ مَالِكًا لَهُ وَالِاخْتِيَارُ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ أن تقول: أو قد بَلَغَ مِنْ عِظَمِ شَأْنِهِ أَنَّهُ ارْتَقَى إِلَى عِلْمِ الْغَيْبِ الَّذِي تَوَحَّدَ بِهِ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الَّذِي ادَّعَى أَنَّهُ يَكُونُ حَاصِلًا لَهُ لَا يَتَوَصَّلُ إِلَيْهِ إِلَّا بِأَحَدِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ، إِمَّا عِلْمِ الْغَيْبِ وَإِمَّا عَهْدٍ مِنْ عَالِمِ الْغَيْبِ فَبِأَيِّهِمَا تَوَصَّلَ إِلَيْهِ؟
وَقِيلَ: فِي الْعَهْدِ كَلِمَةُ الشَّهَادَةِ عَنْ قَتَادَةَ هَلْ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ قَدَّمَهُ فَهُوَ يَرْجُو بِذَلِكَ مَا يَقُولُ؟ ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ بَيَّنَ مِنْ حَالِهِ ضِدَّ مَا ادَّعَاهُ، فَقَالَ: كَلَّا وَهِيَ كَلِمَةُ رَدْعٍ وَتَنْبِيهٍ عَلَى الْخَطَأِ أَيْ هُوَ مُخْطِئٌ فِيمَا يَقُولُهُ وَيَتَمَنَّاهُ فَإِنْ قِيلَ لِمَ قَالَ: سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ بِسِينِ التَّسْوِيفِ وَهُوَ كَمَا قَالَهُ كُتِبَ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ قَالَ تَعَالَى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 18] قُلْنَا فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: سَيَظْهَرُ لَهُ وَيَعْلَمُ أَنَّا كَتَبْنَا. الثَّانِي: أَنَّ الْمُتَوَعِّدَ يَقُولُ لِلْجَانِي سَوْفَ أَنْتَقِمُ مِنْكَ وَإِنْ كَانَ فِي الْحَالِ فِي الِانْتِقَامِ وَيَكُونُ غَرَضُهُ مِنْ هذا الكلام محض التهديد فكذا هاهنا، أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذابِ مَدًّا أَيْ نُطَوِّلُ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَا يَسْتَأْهِلُهُ وَنَزِيدُهُ مِنَ الْعَذَابِ وَنُضَاعِفُ لَهُ مِنَ الْمَدَدِ وَيُقَالُ مَدَّهُ وَأَمَدَّهُ بِمَعْنًى وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ ويمد لَهُ بِالضَّمِّ، أَمَّا قَوْلُهُ وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ أَيْ يَزُولُ عَنْهُ مَا وَعَدَهُ مِنْ مَالٍ وَوَلَدٍ فَلَا يَعُودُ كَمَا لَا يَعُودُ الْإِرْثُ إِلَى مَنْ خَلَّفَهُ وَإِذَا سُلِبَ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ يَبْقَى فَرْدًا فَلِذَلِكَ قَالَ: وَيَأْتِينا فَرْداً فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَنْفَرِدَ فِي الْآخِرَةِ بِمَالٍ وَوَلَدٍ: وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ [الأنعام: 94] والله أعلم.

[سورة مريم (19) : الآيات 81 الى 87]
وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82) أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83) فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84) يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (85)
وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (86) لَا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً (87)
[فِي قَوْلُهُ تَعَالَى وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً إلى قوله ضِدًّا] اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا تَكَلَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ، تَكَلَّمَ الْآنَ فِي الرَّدِّ عَلَى عُبَّادِ الْأَصْنَامِ فَحَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ إِنَّمَا اتَّخَذُوا آلِهَةً لِأَنْفُسِهِمْ لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا، حَيْثُ يَكُونُونَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ شُفَعَاءَ وَأَنْصَارًا، يُنْقِذُونَهُمْ مِنَ الْهَلَاكِ. ثُمَّ أَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: كَلَّا وَهُوَ رَدْعٌ لَهُمْ وَإِنْكَارٌ لِتَعَزُّزِهِمْ بِالْآلِهَةِ، وَقَرَأَ ابْنُ نَهِيكٍ: كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ أَيْ كُلُّهُمْ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَةِ هَذِهِ الْأَوْثَانِ وَفِي مُحْتَسَبِ ابْنِ جِنِّي كَلًّا بِفَتْحِ الْكَافِ وَالتَّنْوِينِ وَزَعَمَ أَنَّ مَعْنَاهُ كُلُّ هَذَا الِاعْتِقَادِ وَالرَّأْيِ كَلًّا، قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ: إِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ فَهِيَ كَلَّا الَّتِي هِيَ لِلرَّدْعِ قَلَبَ الْوَاقِفُ عَلَيْهَا أَلِفَهَا نُونًا كَمَا فِي قَوَارِيرًا وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: سَيَكْفُرُونَ يَعُودُ إِلَى الْمَعْبُودِ أَوْ إِلَى الْعَابِدِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّهُ يَعُودُ إِلَى الْمَعْبُودِ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: أَرَادَ بِذَلِكَ الْمَلَائِكَةَ لِأَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ يَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَتَبَرَّءُونَ مِنْهُمْ وَيُخَاصِمُونَهُمْ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ [سَبَأٍ: 40] وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحْيِي الْأَصْنَامَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُوَبِّخُوا عُبَّادَهُمْ وَيَتَبَرَّءُوا مِنْهُمْ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَعْظَمَ لِحَسْرَتِهِمْ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 21  صفحه : 563
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست