responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 274
الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا عَمَّارٌ فَقَدْ أَعْطَاهُمْ مَا أَرَادُوا بِلِسَانِهِ مُكْرَهًا، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَمَّارًا كَفَرَ، فَقَالَ: كَلَّا إِنَّ عَمَّارًا مَلِيءٌ إِيمَانًا مِنْ فَرْقِهِ إِلَى قَدَمِهِ وَاخْتَلَطَ الْإِيمَانُ بِلَحْمِهِ وَدَمِهِ، فَأَتَى عَمَّارٌ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبْكِي فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَيْنَيْهِ وَيَقُولُ: «مَا لَكَ إِنْ عَادُوا لَكَ فَعُدْ لَهُمْ بِمَا قُلْتَ» وَمِنْهُمْ جَبْرٌ مَوْلَى الْحَضْرَمِيِّ أَكْرَهَهُ سَيِّدُهُ فَكَفَرَ، ثُمَّ أَسْلَمَ مَوْلَاهُ وَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامَهُمَا وَهَاجَرَا.
المسألة الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ لَيْسَ بِاسْتِثْنَاءٍ، لِأَنَّ الْمُكْرَهَ لَيْسَ بِكَافِرٍ فَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنَ الْكَافِرِ، لَكِنَّ الْمُكْرَهَ لَمَّا ظَهَرَ مِنْهُ بَعْدَ الْإِيمَانِ مَا مِثْلُهُ يَظْهَرُ مِنَ الْكَافِرِ طَوْعًا صَحَّ هَذَا الاستثناء لهذه المشاكلة.
المسألة الرابعة: يجب هاهنا بَيَانُ الْإِكْرَاهِ الَّذِي عِنْدَهُ يَجُوزُ التَّلَفُّظُ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ، وَهُوَ أَنْ يُعَذِّبَهُ بِعَذَابٍ لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ، مِثْلَ التَّخْوِيفِ بِالْقَتْلِ، وَمِثْلَ الضَّرْبِ الشَّدِيدِ وَالْإِيلَامَاتِ الْقَوِيَّةِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ سَبْعَةٌ، رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَخَبَّابٌ، وَصُهَيْبٌ، وَبِلَالٌ، وَعَمَّارٌ، وَسُمَيَّةٌ. أَمَّا الرَّسُولُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَمَنَعَهُ أَبُو طَالِبٍ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَمَنَعَهُ قَوْمُهُ، وَأُخِذَ الْآخَرُونَ وَأُلْبِسُوا دُرُوعَ الْحَدِيدِ، ثُمَّ أُجْلِسُوا فِي الشَّمْسِ فَبَلَغَ مِنْهُمُ الْجَهْدُ بِحَرِّ الْحَدِيدِ وَالشَّمْسِ، وَأَتَاهُمْ أَبُو جَهْلٍ يَشْتِمُهُمْ وَيُوَبِّخُهُمْ وَيَشْتِمُ سُمَيَّةَ، ثُمَّ طَعَنَ الْحَرْبَةَ فِي فَرْجِهَا.
وَقَالَ الْآخَرُونَ: مَا نَالُوا مِنْهُمْ غَيْرَ بِلَالٍ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا يُعَذِّبُونَهُ فَيَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ، حَتَّى مَلُّوا فَكَتَّفُوهُ وَجَعَلُوا فِي عُنُقِهِ حَبْلًا مِنْ لِيفٍ وَدَفَعُوهُ إِلَى صِبْيَانِهِمْ يَلْعَبُونِ بِهِ حَتَّى مَلُّوهُ فَتَرَكُوهُ. قَالَ عَمَّارٌ: كُلُّنَا تَكَلَّمَ بِالَّذِي أَرَادُوا غَيْرَ بِلَالٍ، فَهَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فَتَرَكُوهُ. قَالَ خَبَّابٌ: لَقَدْ أَوْقَدُوا لِي نَارًا مَا أَطْفَأَهَا إِلَّا وَدَكُ ظَهْرِي.
المسألة الْخَامِسَةُ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ عِنْدَ ذِكْرِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَرِّئَ قَلْبَهُ مِنَ الرِّضَا بِهِ وَأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى التَّعْرِيضَاتِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ مُحَمَّدًا كَذَّابٌ، وَيَعْنِي عِنْدَ الْكُفَّارِ أَوْ يَعْنِي بِهِ مُحَمَّدًا/ آخَرَ أَوْ يَذْكُرُهُ عَلَى نِيَّةِ الاستفهام بمعنى الإنكار وهاهنا بَحْثَانِ:
البحث الْأَوَّلُ: أَنَّهُ إِذَا أَعْجَلَهُ مَنْ أَكْرَهَهُ عَنْ إِحْضَارِ هَذِهِ النِّيَّةِ أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا عَظُمَ خَوْفُهُ زَالَ عَنْ قَلْبِهِ ذِكْرُ هَذِهِ النِّيَّةِ كَانَ مَلُومًا وَعَفْوُ اللَّهِ مُتَوَقَّعٌ.
البحث الثَّانِي: لَوْ ضَيَّقَ الْمُكْرِهُ الْأَمْرَ عَلَيْهِ وَشَرَحَ لَهُ كُلَّ أَقْسَامِ التَّعْرِيضَاتِ وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّهُ مَا أَرَادَ شَيْئًا مِنْهَا، وَمَا أَرَادَ إِلَّا ذَلِكَ الْمَعْنَى، فَهَهُنَا يَتَعَيَّنُ إِمَّا الْتِزَامُ الْكَذِبِ، وَإِمَّا تَعْرِيضُ النَّفْسِ لِلْقَتْلِ. فَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ: يُبَاحُ لَهُ الْكَذِبُ هُنَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي. قَالَ: لِأَنَّ الْكَذِبَ إِنَّمَا يَقْبُحُ لِكَوْنِهِ كَذِبًا، فَوَجَبَ أَنْ يَقْبُحَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَوْ جَازَ أَنْ يَخْرُجَ عَنِ الْقَبِيحِ لِرِعَايَةِ بَعْضِ الْمَصَالِحِ لَمْ يَمْنَعْ أَنْ يَفْعَلَ اللَّهُ الْكَذِبَ لِرِعَايَةِ بَعْضِ الْمَصَالِحِ وحينئذ لا يبقى وُثُوقٌ بِوَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا بِوَعِيدِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ الْكَذِبَ لِرِعَايَةِ بَعْضِ الْمَصَالِحِ الَّتِي لَا يَعْرِفُهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى.
المسألة السَّادِسَةُ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّكَلُّمُ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: أنا روينا أن بلالا صبر على ذلك الْعَذَابِ، وَكَانَ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ، وَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِئْسَ مَا صَنَعْتَ بَلْ عَظَّمَهُ عَلَيْهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّكَلُّمُ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ، وَثَانِيهَا: مَا
رُوِيَ أَنَّ مُسَيْلَمَةَ الْكَذَّابَ أَخَذَ رَجُلَيْنِ فَقَالَ لِأَحَدِهِمَا: مَا تَقُولُ فِي مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِيَّ؟ قَالَ أَنْتَ أَيْضًا، فَخَلَّاهُ وَقَالَ لِلَآخَرَ: مَا تقول

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 274
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست