responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 275
فِي مُحَمَّدٍ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، قَالَ: مَا تَقُولُ فِيَّ؟ قَالَ: أَنَا أَصَمُّ فَأَعَادَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَأَعَادَ جَوَابَهُ فَقَتَلَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ أَخَذَ بِرُخْصَةِ اللَّهِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ صَدَعَ بِالْحَقِّ، فَهَنِيئًا لَهُ» .
وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْخَبَرِ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ سَمَّى التَّلَفُّظَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ رُخْصَةً. وَالثَّانِي: أَنَّهُ عَظَّمَ حَالَ مَنْ أَمْسَكَ عَنْهُ حَتَّى قُتِلَ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ بَذْلَ النَّفْسِ فِي تَقْرِيرِ الْحَقِّ أَشَقُّ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ ثَوَابًا
لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ أَحْمَزُهَا»
أَيْ أَشَقُّهَا. وَرَابِعُهَا: أَنَّ الَّذِي أَمْسَكَ عَنْ كَلِمَةِ الْكُفْرِ طَهَّرَ قَلْبَهُ وَلِسَانَهُ عَنِ الْكُفْرِ. أَمَّا الَّذِي تَلَفَّظَ بِهَا فَهَبْ أَنَّ قَلْبَهُ طَاهِرٌ عَنْهُ إِلَّا أَنَّ لِسَانَهُ فِي الظَّاهِرِ قَدْ تَلَطَّخَ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الْخَبِيثَةِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَالُ الْأَوَّلِ أَفْضَلَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
المسألة السَّابِعَةُ: اعْلَمْ أَنَّ لِلْإِكْرَاهِ مَرَاتِبَ.
الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى: أَنْ يَجِبَ الْفِعْلُ الْمُكْرَهُ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا إِذَا أَكْرَهَهُ عَلَى شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ وَأَكْلِ الْمَيْتَةِ فَإِذَا أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ فَهَهُنَا يَجِبُ الْأَكْلُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ صَوْنَ الرُّوحِ عَنِ الْفَوَاتِ وَاجِبٌ، وَلَا سَبِيلَ إِلَيْهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إِلَّا بِهَذَا الْأَكْلِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْأَكْلِ ضَرَرٌ عَلَى حَيَوَانٍ وَلَا فِيهِ إِهَانَةٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَوَجَبَ أَنْ يَجِبَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [الْبَقَرَةِ: 195] .
الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَصِيرَ ذَلِكَ الْفِعْلُ مُبَاحًا وَلَا يَصِيرَ وَاجِبًا، وَمِثَالُهُ مَا إِذَا أَكْرَهَهُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ فَهَهُنَا يُبَاحُ لَهُ وَلَكِنَّهُ لَا يَجِبُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ.
الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ لَا يَجِبَ وَلَا يُبَاحَ بَلْ يَحْرُمُ، وَهَذَا مِثْلُ مَا إِذَا أَكْرَهَهُ إِنْسَانٌ عَلَى قَتْلِ إِنْسَانٍ آخَرَ أَوْ عَلَى قَطْعِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ فَهَهُنَا يَبْقَى الْفِعْلُ عَلَى الْحُرْمَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَهَلْ يَسْقُطُ الْقَصَاصُ عَنِ الْمُكْرَهِ أَمْ لَا؟ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ يَجِبُ الْقَصَاصُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ وَجْهَانِ. الْأَوَّلُ: أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا عدوانا فيجب عليه القصاص لقوله تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى [الْبَقَرَةِ: 178] . وَالثَّانِي: أَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّ الْمُكْرَهَ إِذَا قَصَدَ قَتْلَهُ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ بِالْقَتْلِ، فَلَمَّا كَانَ تَوَهُّمُ إِقْدَامِهِ عَلَى الْقَتْلِ يُوجِبُ إِهْدَارَ دَمِهِ، فَلَأَنْ يَكُونَ عِنْدَ صُدُورِ الْقَتْلِ مِنْهُ حَقِيقَةً يَصِيرُ دَمُهُ مُهْدَرًا كَانَ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
المسألة الثَّامِنَةُ: مِنَ الْأَفْعَالِ مَا يَقْبَلُ الْإِكْرَاهَ عَلَيْهِ كَالْقَتْلِ وَالتَّكَلُّمِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ، وَمِنْهُ مَا لَا يَقْبَلُ الْإِكْرَاهَ عَلَيْهِ قِيلَ: وَهُوَ الزِّنَا. لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ يُوجِبُ الْخَوْفَ الشَّدِيدَ وَذَلِكَ يَمْنَعُ مِنَ انْتِشَارِ الْآلَةِ، فَحَيْثُ دَخَلَ الزِّنَا فِي الْوُجُودِ عُلِمَ أَنَّهُ وَقَعَ بِالِاخْتِيَارِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْإِكْرَاهِ.
المسألة التَّاسِعَةُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: طَلَاقُ الْمُكْرَهِ لَا يَقَعُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَقَعُ، وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: قوله: لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ نَفْيَ ذَاتِهِ لِأَنَّ ذَاتَهُ مَوْجُودَةٌ فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى نَفْيِ آثَارِهِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِهِ، وَأَيْضًا
قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»
وَأَيْضًا
قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقٍ»
أَيْ إِكْرَاهٍ فَإِنْ قَالُوا: طَلَّقَهَا فَتَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ: فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ [الْبَقَرَةِ: 230] فَالْجَوَابُ لَمَّا تَعَارَضَتِ الدَّلَائِلُ، وَجَبَ أَنْ يَبْقَى مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ عَلَى مَا هُوَ قَوْلُنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
المسألة الْعَاشِرَةُ: قَوْلُهُ: وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْإِيمَانِ هُوَ الْقَلْبُ وَالَّذِي مَحَلُّهُ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 20  صفحه : 275
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست