responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 435
عَلَى دَلَالَةِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ الدَّوْرُ وَأَنَّهُ بَاطِلٌ سَلَّمْنَا أَنَّهُ يُفِيدُ التَّفَاوُتَ لَكِنَّهُ لَا يُفِيدُ التَّفَاوُتَ فِي كُلِّ الدَّرَجَاتِ بَلْ فِي بَعْضٍ دُونٍ آخَرَ بَيَانُهُ أَنَّهُ إِذَا قِيلَ هَذَا الْعَالِمُ لَا يَسْتَنْكِفُ عَنْ خِدْمَتِهِ الْقَاضِي وَلَا السُّلْطَانُ فَهَذَا لَا يُفِيدُ إِلَّا أَنَّ السُّلْطَانَ أَكْمَلُ مِنَ الْقَاضِي فِي بَعْضِ الْأُمُورِ وَهُوَ الْقُدْرَةُ وَالْقُوَّةُ وَالِاسْتِيلَاءُ وَالسُّلْطَانُ وَلَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ أَفْضَلَ مِنَ الْقَاضِي فِي الْعِلْمِ وَالزُّهْدِ وَالْخُضُوعِ لِلَّهِ تَعَالَى إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَحْنُ نَقُولُ بِمُوجَبِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَلَكَ أَفْضَلُ مِنَ الْبَشَرِ فِي الْقُدْرَةِ وَالْبَطْشِ فَإِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَلَعَ مَدَائِنَ لُوطٍ وَالْبَشَرُ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّ الْمَلَكَ أَفْضَلُ مِنَ الْبَشَرِ فِي كَثْرَةِ الثَّوَابِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ مَزِيدِ الْخُضُوعِ وَالْعُبُودِيَّةِ وَتَمَامُ التَّحْقِيقِ فِيهِ أَنَّ الْفَضْلَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ كَثْرَةُ الثَّوَابِ وَكَثْرَةُ الثَّوَابِ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِالْعُبُودِيَّةِ وَالْعُبُودِيَّةُ عِبَارَةٌ عَنْ نِهَايَةِ التَّوَاضُعِ وَالْخُضُوعِ وَكَوْنُ الْعَبْدِ مَوْصُوفًا بِنِهَايَةِ التَّوَاضُعِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يُنَاسِبُ الِاسْتِنْكَافَ عَنْ عُبُودِيَّةِ اللَّهِ وَلَا يُلَائِمُهَا الْبَتَّةَ بَلْ يُنَاقِضُهَا وَيُنَافِيهَا وَإِذَا كَانَ هَذَا الْكَلَامُ ظَاهِرًا جَلِيًّا كَانَ حَمْلُ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ مُخْرِجًا لَهُ عَنِ الْفَائِدَةِ، أَمَّا اتِّصَافُ الشَّخْصِ بِالْقُدْرَةِ الشَّدِيدَةِ وَالِاسْتِيلَاءِ الْعَظِيمِ فَإِنَّهُ مُنَاسِبٌ لِلتَّمَرُّدِ وَتَرْكِ الْعُبُودِيَّةِ فَالنَّصَارَى لَمَّا شَاهَدُوا مِنَ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى وَإِبْرَاءَ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ أَخْرَجُوهُ عَنِ الْعُبُودِيَّةِ بِسَبَبِ هَذَا الْقَدْرِ مِنَ الْقُدْرَةِ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ عِيسَى لَا يَسْتَنْكِفُ بِسَبَبِ هَذَا الْقَدْرِ مِنَ الْقُدْرَةِ عَنْ عُبُودِيَّتِي بَلْ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ الَّذِينَ هُمْ فَوْقَهُ فِي الْقُدْرَةِ وَالْقُوَّةِ وَالْبَطْشِ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَى عوالم السموات/ وَالْأَرَضِينَ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَنْتَظِمُ وَجْهُ دَلَالَةِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْمَلَكَ أَفْضَلُ مِنَ الْبَشَرِ فِي الشِّدَّةِ وَالْبَطْشِ لَكِنَّهَا لَا تَدُلُّ الْبَتَّةَ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنَ الْبَشَرِ فِي كَثْرَةِ الثَّوَابِ أَوْ يُقَالُ إِنَّهُمْ إِنَّمَا ادَّعَوْا إِلَهِيَّتَهُ لِأَنَّهُ حَصَلَ مِنْ غَيْرِ أَبٍ فَقِيلَ لَهُمِ الْمَلَكُ مَا حَصَلَ مِنْ أَبٍ وَلَا مِنْ أُمٍّ فَكَانُوا أَعْجَبَ مِنْ عِيسَى فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَنْكِفُونَ عَنِ الْعُبُودِيَّةِ. فَإِنْ قِيلَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وُقُوعُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْمَسِيحِ وَالْمَلَائِكَةِ فِي الْعُبُودِيَّةِ لَا فِي الْقُدْرَةِ وَالْقُوَّةِ وَالْبَطْشِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَهُمْ بِكَوْنِهِمْ مُقَرَّبِينَ وَالْقُرْبُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَكُونُ بِالْمَكَانِ وَالْجِهَةِ بَلْ بالدرجة والمنزلة فلما وصفهم هاهنا بِكَوْنِهِمْ مُقَرَّبِينَ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ وُقُوعُ التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَسِيحِ فِي دَرَجَاتِ الْفَضْلِ لَا فِي الشِّدَّةِ وَالْبَطْشِ. قُلْنَا إِنْ كَانَ مَقْصُودُكَ مِنْ هَذَا السُّؤَالِ أَنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ الْمَلَائِكَةَ بِكَوْنِهِمْ مُقَرَّبِينَ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَسِيحُ كَذَلِكَ فَهَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّ تَخْصِيصَ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ لا يدل على نفسه عَمَّا عَدَاهُ وَإِنْ كَانَ مَقْصُودُكَ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا وَصَفَهُمْ بِكَوْنِهِمْ مُقَرَّبِينَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ التَّفَاوُتُ وَاقِعًا فِي ذَلِكَ فَهَذَا بَاطِلٌ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَسِيحُ وَالْمُقَرَّبُونَ مَعَ اشْتِرَاكِهِمْ فِي صِفَةِ الْقُرْبِ فِي الطَّاعَةِ يَتَبَايَنُونَ بِأُمُورٍ أُخَرَ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بَيَانَ التَّفَاوُتِ فِي تِلْكَ الْأُمُورِ. سُؤَالٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّا نَقُولُ بِمُوجَبِ الْآيَةِ فَنُسَلِّمُ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ دُونَ مَجْمُوعِ الْمَلَائِكَةِ فِي الْفَضْلِ فَلِمَ قُلْتُمْ إِنَّهُ دُونَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِي الْفَضْلِ. سُؤَالٌ آخَرُ: لَعَلَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا الْخِطَابَ مَعَ أَقْوَامٍ اعْتَقَدُوا أَنَّ الْمَلَكَ أَفْضَلُ مِنَ الْبَشَرِ فَأَوْرَدَ الْكَلَامَ عَلَى حَسَبِ مُعْتَقَدِهِمْ كما في فقوله: وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الرُّومِ: 27] . وَثَامِنُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى حكاية عن إبليس قوله: مَا نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ [الْأَعْرَافِ: 20] وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُتَقَرِّرًا عِنْدَ آدَمَ وَحَوَّاءَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ أَنَّ الْمَلَكَ أَفْضَلُ مِنَ الْبَشَرِ لَمْ يَقْدِرْ إِبْلِيسُ عَلَى أَنْ يَغُرَّهُمَا بِذَلِكَ وَلَا كَانَ آدَمُ وَحَوَّاءُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ يَغْتَرَّانِ بِذَلِكَ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا قَوْلُ إِبْلِيسَ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً، وَلَا يُقَالُ إِنَّ آدَمَ اعْتَقَدَ صِحَّةَ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمَا اغْتَرَّ، وَاعْتِقَادُ آدَمَ حُجَّةٌ، لِأَنَّا نَقُولُ: لَعَلَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخْطَأَ فِي ذَلِكَ إِمَّا لِأَنَّ الزَّلَّةَ جَائِزَةٌ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ أَوْ لِأَنَّهُ مَا كَانَ نَبِيًّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَأَيْضًا هَبْ أَنَّهُ حُجَّةٌ لَكِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ الزَّلَّةِ نَبِيًّا فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ فَضْلِ الْمَلَكِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَضْلُ الْمَلَكِ عَلَيْهِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 2  صفحه : 435
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست